على شفا «حرب شاملة».. العالم ينتفض لمنع الكارثة بلبنان
مطالب دولية عاجلة بوقف القتال والتصعيد، ودعوة لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، وإعلانات صريحة برفض عملية برية إسرائيلية في لبنان.. تحركات عالمية لمنع انزلاق المنطقة لحرب شاملة.
وخلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على مناطق عديدة في لبنان، 492 قتيلا، بينهم 35 طفلا، وفق حصيلة جديدة أعلنتها السلطات اللبنانية، في أعنف قصف جوي على الإطلاق يستهدف هذا البلد منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبَي الحدود قبل نحو عام على خلفية الحرب في غزة.
- هجمات إسرائيل على لبنان.. هل تعيد تكرار سيناريو غزة؟
- 100 قتيل في لبنان.. حزب الله وإسرائيل على حافة الحرب الشاملة
بالمقابل، أعلن حزب الله أنه قصف قاعدة إسرائيلية غرب طبريا ومقرا عسكريا "بعشرات الصواريخ"، موضحا أنه استهدف "المخازن الرئيسية التابعة للمنطقة الشمالية في قاعدة نيمرا" و"مقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف".
«حرب شاملة»
وفي هذا الإطار، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الإثنين، من أنّ "النزاع المستعر بين إسرائيل وحزب الله اللبناني يهدد بإغراق الشرق الأوسط برمّته في حرب شاملة".
وقبيل مشاركته في اجتماع في نيويورك لممثلي دول مجموعة السبع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال بوريل "أستطيع أن أقول إنّنا تقريبا على شفا حرب شاملة".
اجتماع طارئ لمجلس الأمن
وفي إطار التحركات الدولية، أعلن وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان-نويل بارو، الإثنين، أن بلاده طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع لبحث الوضع في لبنان حيث تصاعدت بشدّة حدّة الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل.
وقال الوزير، في الأمم المتحدة بنيويورك، إنّ "فرنسا تدعو الأطراف وأولئك الذين يدعمونهم إلى وقف التصعيد وتجنّب اندلاع حريق إقليمي سيكون مدمّرا للجميع، بدءا بالسكان المدنيين".
وأضاف: "لهذا السبب، طلبتُ عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن بشأن لبنان هذا الأسبوع".
وتابع: "في هذه اللحظة، أفكر بالشعب اللبناني في الوقت الذي تسبّبت فيه غارات إسرائيلية لتوّها بسقوط مئات الضحايا المدنيين، بما في ذلك عشرات الأطفال".
وأشار إلى أن "هذه الضربات التي يتمّ تنفيذها على جانبي الخط الأزرق (الفاصل بين إسرائيل ولبنان) وعلى نطاق أوسع في المنطقة بأسرها يجب أن تتوقف فوراً".
وشدّد على أنه "في لبنان كما في أماكن أخرى، ستبقى فرنسا في حالة تأهب كامل لحلّ الأزمات الكبرى التي تمزق النظام الدولي. فرنسا ستتّخذ مبادرات".
مجموعة السبع.. «لا أحد يستفيد»
وفي سياق متصل، حذر وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى من أن الإجراءات والإجراءات المضادة في الشرق الأوسط قد تجر المنطقة إلى صراع أوسع نطاقا لن تستفيد منه أي دولة.
وقالت مجموعة الدول السبع في بيان بعد اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة إن "الأفعال وردود الفعل المضادة قد تؤدي إلى تضخيم هذه الدوامة الخطيرة من العنف وجر الشرق الأوسط بأكمله إلى صراع إقليمي أوسع نطاقا مع عواقب لا يمكن تصورها".
وطالبوا بوقف الدورة التدميرية الحالية، مؤكدين أن أي دولة لن تستفيد من مزيد من التصعيد في الشرق الأوسط.
الإمارات.. دعوة لوقف القتال
ومن جانبها، عبرت دولة الإمارات عن قلقها البالغ من الهجمات التي شنتها إسرائيل على جنوب لبنان، وكذلك من استمرار التصعيد وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة.
ودعت عبر بيان لوزارة الخارجية، إلى "ضرورة تضافر الجهود الدولية لوقف القتال لمنع سفك الدماء، وأن ينعم المدنيون بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي والمعاهدات الدولية".
كما أكدت على موقف دولة الإمارات الثابت في رفض العنف والتصعيد والفعل وردود الفعل غير المحسوبة، دون أدنى اعتبار للقوانين التي تحكم علاقات الدول وسيادتها، والتي تعقد الموقف وتزيد من مخاطر عدم الاستقرار.
وشددت دولة الإمارات على "ضرورة حل الخلافات عبر الوسائل الدبلوماسية بعيداً عن لغة المواجهة والتصعيد".
السعودية
بدورها، أكدت السعودية أنها تتابع بقلق بالغ تطورات الأحداث الأمنية الجارية في الأراضي اللبنانية، وتجدد تحذيرها من خطورة اتساع رقعة العنف في المنطقة، والانعكاسات الخطيرة للتصعيد على أمن المنطقة واستقرارها.
وحثت في بيان لوزارة الخارجية، الأطراف كافة للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس والنأي بالمنطقة وشعوبها عن مخاطر الحروب.
ودعت المجتمع الدولي والأطراف المؤثرة والفاعلة للاضطلاع بأدوارهم ومسؤولياتهم لإنهاء الصراعات في المنطقة.
وأكدت على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته بما يتوافق مع القانون الدولي.
أمريكا.. تحركات ومعارضة
ومن جانبها، جددت الولايات المتحدة الأمريكية، معارضتها لغزو بري إسرائيلي في لبنان يستهدف حزب الله.
وقال مسؤول أمريكي، تحدث في إطار توافد قادة العالم إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنّ "الولايات المتحدة بصدد تقديم أفكار ملموسة لاحتواء الأزمة في لبنان.
وأضاف المسؤول الرفيع، طالبا عدم ذكر اسمه: "لدينا أفكار ملموسة سنناقشها مع حلفائنا وشركائنا هذا الأسبوع لمحاولة إيجاد سبيل للمضي قدما على هذا الصعيد".
وفي ذات السياق، أشار مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية إلى أن "واشنطن لا تعتقد أن التصعيد الإسرائيلي لإجبار جماعة حزب الله اللبنانية على خفض التوتر سيؤدي إلى النتيجة المرغوبة بخفض التصعيد"، معبرا عن اختلافه مع الاستراتيجية الإسرائيلية.
وأضاف المسؤول في تصريحات صحفية من نيويورك، إن "الصراع كان محورا رئيسيا في لقاءات وزير الخارجية أنتوني بلينكن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع".
الأمم المتحدة
أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فقد أعرب عن قلقه الشديد إزاء تصاعد الوضع على طول الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل وسقوط العدد الكبير من الضحايا المدنيين.
وأشار غوتيريش، في بيان، للمتحدث الرسمي باسمه ستيفان دوغاريك، إلى الجهود الجارية التي يبذلها مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة للحد من التوترات، وأكد على الحاجة الملحة إلى خفض التصعيد على الفور وتكريس كل الجهود للتوصل إلى حل دبلوماسي.
وجدد دعوته لجميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية الأساسية المدنية وضمان عدم تعريضهم للأذى، مذكرا جميع الأطراف بمسؤوليتهم عن ضمان سلامة وأمن جميع موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها.
وناشد الأمين العام في بيانه الأطراف المعنية بإعادة الالتزام بالتنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 1701 (2006) والعودة فورًا إلى وقف الأعمال العدائية لاستعادة الاستقرار.
بدوره، أعرب رئيس بعثة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" وقائدها العام الجنرال أرولدو لازارو، عن قلقه البالغ إزاء سلامة المدنيين في جنوب لبنان في ظل حملة القصف الإسرائيلي المكثفة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكشف عن اتصالات وجهود متواصلة تقوم بها البعثة مع الطرفين اللبناني والإسرائيلي لاحتواء هذا الوضع عبر تخفيف التوترات ووقف القصف.
وشدد على الحاجة الملحة لخفض التصعيد، لافتا إلى أن "أي تصعيد إضافي لهذا الوضع الخطير يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى ومدمرة، ليس فقط على أولئك الذين يعيشون على جانبي الخط الأزرق، ولكن أيضا على المنطقة ككل".
وشدد على موقف الأمم المتحدة المعتبر الهجمات على المدنيين بمثابة انتهاكات خطير للقانون الدولي وقد يرتقى إلى مستوى جرائم حرب.
وجدد في بيان لـ"اليونيفيل" دعوة الأمم المتحدة القوية للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة الحالية، وحث جميع الأطراف على إعطاء الأولوية لحياة المدنيين وضمان عدم تعريضهم للأذى.
وأكد على ضرورة إعادة الالتزام الكامل بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والذي أشار إلى أنه أصبح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع وضمان الاستقرار الدائم في المنطقة.
بريطانيا
ومن جانبه، عبر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، الإثنين، عن "قلقه العميق" إزاء إطلاق صواريخ وضربات جوية في لبنان وإسرائيل وما أسفر عنها من سقوط مدنيين.
وقال لامي في منشور على إكس: "أكرر دعوتي إلى وقف فوري لإطلاق النار من الجانبين، وهو ما سأؤكده عندما ألتقي بوزراء مجموعة السبع الليلة".
مصر
وفي سياق متصل، أكد بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، إدانة مصر للتصعيد الإسرائيلي الخطير في لبنان والعمليات العسكرية الموسعة التي أدت إلى مقتل وإصابة المئات من اللبنانيين، من بينهم نساء وأطفال.
وشدد في بيان لوزارة الخارجية المصرية على الرفض التام لأية انتهاكات لسيادة لبنان وأراضيه، مشدداً على ضرورة كبح جماح التصعيد العسكري الإسرائيلي والوقوف والتضامن مع لبنان.
وطالب بالابتعاد عن الحل العسكري الذي لن يؤدي سوى للمزيد من إراقة الدماء وتعريض حياة المدنيين للخطر، وذلك لتجنب الانزلاق إلى هوية حرب إقليمية شاملة لن ينأى أي طرف عن تداعياتها الجسيمة، وفي إطار مساعي صون أمن المنطقة وتجنيبها الدخول في حلقة مفرغة من المواجهات والعنف.
وأضاف أنه بينما تستمر مصر في جهودها لوقف إطلاق النار في غزة، واحتواء المخاطر التي نتجت عن الحرب هناك، فإنها تدعو في هذا السياق القوى الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتدخل الفوري لوقف التصعيد الإسرائيلي في المنطقة والذي يهدد مصير شعوبها وأفق السلام.
كما دعا مصر إلى تسوية الأزمة بشكل سلمي ووقف التصعيد فوراً والبدء في تطبيق قرار مجلس الأمن ١٧٠١ دون انتقائية، وإتاحة الفرصة أمام الحلول الدبلوماسية للحيلولة دون تفاقم الأزمة.
الصين.. تنديد بالهجمات العشوائية
بدوره ندّد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب بـ"هجمات عشوائية" استهدفت المدنيين في لبنان، ولا سيما بعد موجة التفجيرات التي طالت أجهزة نداء "بيجر" واتصال "آيكوم" تابعة لحزب الله، كما أعلنت بكين.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان إنّ الوزيرين عقدا اجتماعا ثنائيا على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، صرّح خلاله وانغ "نحن نولي اهتماما وثيقا لتطورات الوضع الإقليمي، بخاصة للانفجارات الأخيرة لأجهزة الاتصالات في لبنان".
وتابع: "نعارض بشدة الهجمات العشوائية ضد المدنيين"، مشدّدا على أنّ بكين "ستظل دائما إلى جانب لبنان".