نقترب من «ساعة القيامة».. نقاط اشتعال منسية حول العالم
في حين تتجه كل الأنظار نحو الشرق الأوسط وأوكرانيا، تعاني العديد من المناطق الأخرى من صراعات مشتعلة تقرّب العالم من سيناريو النهاية.
وتشير القراءات الأخيرة لـ"ساعة يوم القيامة"، التي تقيس نظريًا القرب من الكارثة العالمية، إلى أن الساعة الآن عند 89 ثانية قبل منتصف الليل، وهي أقرب ما تكون إلى نقطة الفناء في ظل خطر الحرب النووية وتغير المناخ والأوبئة وغيرها من التهديدات التي تتم إدارتها بشكل سيئ.
وتجمع منظمة "أكليد" المستقلة غير الربحية المعلومات والتحليلات للمساعدة في تتبع الصراعات العنيفة والحدّ منها، وتقدّر أن الصراع العالمي تضاعف على مدى السنوات الخمس الماضية.
وذكرت المنظمة أن حوادث العنف السياسي في عام 2024 زادت بنسبة 25% عن عام 2023، وأن واحدًا من كل ثمانية أشخاص في جميع أنحاء العالم تعرّض للصراع، وهو ما يشير إلى أن العالم أصبح أكثر خطورة.
وفي حين ينصبّ الاهتمام الإعلامي على حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا، فإن أغلب الصراعات الأخرى، من الحرب في السودان والكونغو الديمقراطية إلى حرب العصابات في هايتي وكولومبيا أو المجاعة في اليمن والصومال وغيرها، لا تحظى بالتغطية الإعلامية الكافية أو يتم نسيانها أو تجاهلها، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير طالعته "العين الإخبارية" وسلّط الضوء على بعض هذه الصراعات.
الكونغو الديمقراطية ورواندا
تصدر الصراع المستمر منذ فترة طويلة على طول الحدود الشرقية لجمهورية الكونغو الديمقراطية عناوين الصحف العالمية بعدما استولى المتمردون المعروفون باسم "إم 23" على مدينة غوما.
وتتهم الأمم المتحدة الرئيس الرواندي، بول كاغامي، بتسليح وتوجيه "إم 23"، وإرسال قوات عبر الحدود، وهو ما ينفيه.
ورغم فقر المنطقة، فإنها غنية بالمعادن مثل الكولتان المطلوب بشدة في الغرب، وقد أدى الصراع إلى نزوح الآلاف وسط العنف الجنسي وحالة طوارئ صحية عامة وشيكة.
كما عقد مجلس الأمن اجتماعًا أدانت فيه المملكة المتحدة وفرنسا سلوك رواندا.
من جانبها، أكدت الولايات المتحدة دعمها لسيادة الكونغو الديمقراطية، وعلّقت ألمانيا محادثات المساعدات مع كيغالي. لكن كل هذه الأمور قد لا يكون لها تأثير، حيث وقع الاتحاد الأوروبي العام الماضي على صفقة معادن استراتيجية مع رواندا رغم علمه بأن بعض المعادن يتم تهريبها من الكونغو.
كما أشادت الحكومة البريطانية السابقة بـكاغامي كزعيم أفريقي نموذجي، وذلك عندما أرادت إرسال اللاجئين إلى رواندا العام الماضي.
ميانمار
شهد العام الماضي مقاومة مسلحة متزايدة للمجلس العسكري الذي أطاح بحكومة سان سو تشي في 2021، مما دفع الجنرالات لاتباع ما وصفته منظمة "هيومن رايتس ووتش" بتكتيكات "الأرض المحروقة"، التي تشمل التهجير القسري، والقتل، والغارات الجوية ضد المدنيين، والاغتصاب، والتعذيب، والحرق العمد، وكلها ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ووفقًا للأمم المتحدة، سيحتاج 20 مليون شخص إلى المساعدة في 2025، لكن غالبًا ما يتم منع المساعدات.
كما يتم فرض التجنيد الإجباري للشباب والأطفال باستخدام عمليات الاختطاف والاحتجاز.
ولا تزال سان سو تشي قيد الاعتقال، ولا يزال المدنيون من أقلية الروهينغا المسلمة مستهدفين في ولاية راخين، في حين فشل جيران ميانمار في رابطة دول جنوب شرق آسيا في اتخاذ إجراءات فعالة ضد المجلس العسكري.
هايتي
تعد هايتي أفقر دولة في نصف الكرة الغربي، ولديها سمعة سيئة بأنها دولة غير قابلة للحكم، فيما فشلت سلسلة من التدخلات الدولية المدعومة من الولايات المتحدة في تحقيق الاستقرار.
واحتلت الولايات المتحدة هايتي من 1915 إلى 1934.
وفي 1994، أرسل الرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون 20 ألف جندي لاستعادة النظام. كما جاءت بعثات الأمم المتحدة وذهبت، لكن أي تحسّن كان دائمًا مؤقتًا.
وجاء أحدث فصل للفوضى عقب اغتيال آخر رئيس منتخب لهايتي، جوفينيل مويس، في 2021، حيث تحكم العصابات المسلحة، التي تعيش على العنف والابتزاز والخطف، كل مكان، مما دفع المحللين لاعتبار هايتي دولة فاشلة.
وتعاني "مهمة دعم الأمن المتعددة الجنسيات" بقيادة القوات الكينية في هايتي من نقص التمويل، وتكافح بعد سلسلة من مذابح العصابات.
والعام الماضي، قُتل أكثر من 5300 شخص، ونزح 700 ألف شخص، ويواجه ما يقرب من خمسة ملايين شخص، أي حوالي نصف السكان، انعدام الأمن الغذائي، وستؤثر تخفيضات المساعدات الخارجية الأمريكية بشدة.
إيران
دخلت إيران عام 2024 في اشتباكات مباشرة مع إسرائيل، كما تلقى حلفاؤها في لبنان وفلسطين وسوريا ضربات قاتلة، كما تواجه تحديات محلية بسبب الاحتجاجات على الفساد والعنف.
وخلال السنوات الـ15 الماضية، شهدت إيران ثلاث انتفاضات كبرى، في 2009 و2019 و2022، ويتساءل المحللون: متى ستكون الانتفاضة التالية؟ أم أن الحرب الشاملة مع إسرائيل ستأتي أولًا؟
سوريا
بعد سقوط نظام بشار الأسد، تم تعيين أحمد الشرع رئيسًا انتقاليًا لسوريا، وحلّت الجماعات المسلحة نفسها وانضمت إلى الجيش الوطني الجديد، ويرى البعض أن الأمور تسير بشكل إيجابي. لكن تأجيل الانتخابات لـ3 أو 4 سنوات يثير القلق.
ولا تزال دول العالم بطيئة في رفع العقوبات وتقديم المساعدات، في حين لا يزال الوضع الداخلي محفوفًا بالمخاطر وسط عمليات قتل انتقامية، واستهداف للأقليات الدينية، واشتباكات بين القوات الكردية السورية والفصائل المسلحة.
السودان
يصف البعض الوضع في السودان بأنه صراع "منسي"، لكن الواقع أنه صراع تم تجاهله منذ اندلاع الحرب في 2023، والتي أدت إلى نزوح الملايين، في حين يواجه مئات الآلاف المجاعة مع انتشار القتل والعنف الجنسي في دارفور.
أفغانستان وباكستان
كان انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وسيطرة طالبان على الحكم في 2021 مكلفًا سياسيًا، وأثر على شعبية الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، لكن الخاسرين الحقيقيين كانوا النساء والفتيات الأفغانيات، اللائي تعرضن للحرمان من حرياتهن الشخصية في التعليم والعمل.
والأسبوع الماضي، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها ستسعى إلى اعتقال كبار قادة طالبان، هيبة الله أخوند زاده، وعبد الحكيم حقاني، بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الاضطهاد على أساس الجنس.
وتبدو باكستان المجاورة غير مستقرة بعد عام من الاضطرابات السياسية التي تركت رئيس الوزراء السابق عمران خان في السجن، وسياسيًا مدعومًا من الجيش، شهباز شريف، في السلطة.
اليمن
وُصفت اليمن بأنها أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم. لكن منذ 7 أكتوبر/كانون الأول 2023، تحوّل الاهتمام بعيدًا عن الأزمة المحلية لينصبّ على الحوثيين وهجماتهم على السفن الغربية في البحر الأحمر.
المكسيك والولايات المتحدة
ستجعل عسكرة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للحدود مع المكسيك الأوضاع أكثر سوءًا.