نظام عالمي جديد على الأبواب.. حلفاء لواشنطن غير راضين
![الرئيس الأمريكي جو بايدن- أرشيفية](https://cdn.al-ain.com/lg/images/2022/8/04/145-185749-world-washington-allies_700x400.jpg)
كشف تحليل أمريكي أن العالم يتحرك بديناميكية شديدة وغير هادئة تقوم فيها عدة قوى بمراجعات بهدف تغيير النظام الدولي القائم.
وقال تحليل لموقع فورين أفيرز الأمريكي إن التحرك العالمي حاليا يأتي بعد آخر استجابة منسقة من قبل النظام الدولي تمت في قمة لندن لمجموعة العشرين في أبريل/نيسان 2009 إبان الأزمة المالية العالمية عندما اتخذ القادة خطوات لتجنب كساد كبير آخر وتحقيق الاستقرار في النظام المصرفي العالمي.
لكن لا يمكن وصف الاستجابة الدولية اللاحقة لتغير المناخ، وأزمة الديون المنتشرة في البلدان النامية، ووباء كوفيد 19 إلا بأنها مثيرة وواهنة.
ووفقا للكاتب شفشانكار مينون، فإن هذا الوهن والفشل ينبع من حقيقة أن عددا محدودا من البلدان، بينها بالطبع القوى الكبرى التي بنت النظام الدولي السابق، هي ممن لا تزال تتمسك بالتوازن العالمي الحالي، والعمل على الحفاظ على الترتيب العالمي الحالي.
نظام عالمي مرفوض
وقادت الولايات المتحدة نظامين دوليين أعقبا الحرب العالمية الثانية، وهما النظام الدولي إبان الحرب الباردة وكذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وبالنسبة لمعظم الحقبة التي أعقبت زوال الاتحاد السوفيتي، كانت معظم القوى بما في ذلك الصين الصاعدة، تتماشى عمومًا مع النظام الذي تقوده الولايات المتحدة.
وباتت قوى عالمية تتبع نهجا للمراجعة تسعى من وراءه إلى تغيير النظام الدولي وتوازنه الحالي، وينعكس ذلك عبر النزاعات الإقليمية، خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وفى هذا السياق، يتبادر إلى الذهن النزاع في منطقة بحر الصين الجنوبي وكذلك التنافس بين الصين والهند والاحتكاك مع اليابان وفيتنام وآخرين في آسيا.
وعلى سبيل المثال، كانت الصين المستفيد الأكبر من نظام العولمة الذي تقوده الولايات المتحدة، لكنها الآن تريد، على حد تعبير الرئيس شي جين بينج "احتلال مركز الصدارة". وتسعى بكين صراحةً إلى إعادة ترتيب ميزان القوى في آسيا وإعطاء صوت أكبر لنفسها في الشؤون الدولية.
واعتبر الكاتب مينون أن العملية العسكرية التي أطلقتها روسيا في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، هو انتهاك للمعايير الدولية الحالية أيضا وتحدي لفكرة انضباط موسكو داخل نظام تقوده الولايات المتحدة في أوروبا.
وتعكس النزاعات الكثيرة المندلعة بصفة عامة رغبة العديد من الدول التي لا ترضي عن الوضع الحالي وتسعى لتغييره لصالحها، وفقا للكاتب الأمريكي.
ورأى أن هذا الاتجاه قد يؤدي إلى سياسة جيوسياسية أكثر شراسة وأكثر إثارة للجدل وتؤدي إلى آفاق اقتصادية عالمية أكثر فقراً، وقد يكون التعامل مع عالم من القوى الراغبة في تغيير الأوضاع العالمية - هو التحدي الأساسي للسنوات المقبلة.
أمريكا منقسمة
أما فيما يتعلق بقطب النظام الدولى الحالي ألا وهي الولايات المتحدة، فإن الوضع أكثر ضبابية. ويرى التحليل أنه فيما تلتزم واشنطن بتوسيع أجندة الرئيس جو بايدن المحلية تحت عنوان "إعادة بناء عالم أفضل"، أي ما يشير إلى انخراط أكثر في الشئون الدولية، يبدو انقسام مؤسسة السياسة الخارجية بين أولئك الداعين للانعزالية وضبط النفس وأولئك الذين يقسمون العالم بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية.
وأوضح الكاتب أن ذلك كله انعكس في ابتعاد الولايات المتحدة عن المؤسسات الدولية التي بنتها، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، كما تراجعت عن التزاماتها بالتجارة الحرة بالانسحاب من اتفاقيات مثل الشراكة عبر المحيط الهادئ.
وقال شفشانكار مينون: "أصبحت وجهة النظر من واشنطن أكثر قتامة، مع وجود تهديدات قوة عظمى تلوح في الأفق.. ليس فقط الصين ولكن أيضا روسيا".
صعود ألمانيا واليابان
ودفعت الحرب في أوكرانيا المستشار الألماني أولاف شولتز إلى إعلان أن العالم قد وصل إلى نقطة تحول، فبعد عقود من الزمان اكتفت فيها بكونها قوة اقتصادية ذات طموحات سياسية محدودة، تقوم ألمانيا الآن بدور إقليمي ودولي أكثر حزماً من خلال السعي لبناء جيشها وتسليح أوكرانيا، وإعادة تقييم علاقاتها المهمة مع الصين وروسيا.
وشجع "الخوف من التخلي" الذي أحدثته رئاسة دونالد ترامب في حلفاء الولايات المتحدة، مثل ألمانيا واليابان، العديد منهم على تعزيز قدراتهم الأمنية.
كما أعادت اليابان تقييم دورها في المنطقة والنظام العالمي بفضل صعود الصين. وتمر طوكيو حاليا بمرحلة انتقالية من قوة تركز على الاقتصاد، ومسالمة إلى دولة أكثر طبيعية تعتني بمصالحها الأمنية الخاصة وتتخذ دورًا قياديًا في المحيطين الهندي والهادئ.
ولا تزال الهند، التي احتضنت واستفادت من النظام الدولي الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة، عضوًا غير راض.
ويعد سعيها للحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو أوضح مثال على رغبة الهند في أن يكون لها رأي أكبر في النظام الدولي، بما يتناسب مع وزنها الاقتصادي والجيوسياسي.
وما بين هذا وذاك دعا الكاتب الدول إلى أن تتعلم كيف تتعامل مع هذا العالم والاستعداد لمستقبل غير مؤكد، ولعل أحد الحلول هو التحول للداخل والاعتماد على الذات بشكل أو بآخر.
وقد تقوم الدول بتشكيل تحالفات خاصة مثلما جلب العقد الماضي سلسلة من الترتيبات المتعددة الأطراف بما في ذلك الرباعي، ومجموعة البريكس (شراكة تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا)، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وهذه الترتيبات مناسبة وتخدم غايات معينة.
aXA6IDE4LjE4OS4xOTMuMTM0IA== جزيرة ام اند امز