هل يحل "عالم بلا لحوم" أزمة المناخ؟ دراسة دولية تجيب
تحث التوصيات العالمية الأشخاص في المناطق الصناعية على تناول كميات أقل من اللحوم كجزء من نظام غذائي صحي وأقل انبعاثات.
لكن مثل هذه التوصيات ليست حلولا عالمية في البلدان المنخفضة أو المتوسطة الدخل، حيث تعد الثروة الحيوانية ضرورية للدخل والنظام الغذائي، كما يؤكد علماء المركز الدولي للزراعة الاستوائية في بحث نُشر مؤخرًا في دورية "رسائل الأبحاث البيئية".
ويقول بيرث بول، المؤلف الرئيسي وعالِم البيئة بالمركز في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمركز بالتزامن مع نشر الدراسة: "الاستنتاجات الواردة في التقارير التي تمَّ نشرها على نطاق واسع تشير إلى أن الحل الرئيسي لأزمة المناخ وصحة الإنسان على مستوى العالم هو عدم تناول اللحوم أو تناول القليل منها، لكن هذه الحلول متحيزة تجاه الأنظمة الغربية الصناعية".
ويرى الباحثون أن التركيز الفردي على الآثار البيئية السلبية المتعلقة بالثروة الحيوانية يتجاهل الدور الحاسم ولكن الأكثر إيجابية الذي تلعبه الثروة الحيوانية في خدمات النظام الإيكولوجي، وتوفير الدخل والأصول أو التأمين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، كما أنه يتجاهل المزيد من الأسئلة المنهجية حول كيفية تربية الحيوانات.
وتقول آن نوتينبيرت، الباحثة المشاركة بالدراسة: "يمكن أن تكون الأنظمة المختلطة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث يرتبط الإنتاج الحيواني ارتباطاً كاملاً بإنتاج المحاصيل، أكثر استدامة من الناحية البيئية، ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يعتبر السماد مورداً مغذياً يحافظ على صحة التربة وإنتاجية المحاصيل؛ بينما في أوروبا، تؤدي الكميات الضخمة من السماد المتوفر من خلال الإنتاج الحيواني الصناعي إلى إفراط في تسميد الأراضي الزراعية وتسبب مشاكل بيئية".
وتضيف: "في جميع أنحاء غابات السافانا بأفريقيا، يربي الرعاة قطعانهم ليلاً، وهي ممارسة ثبت أنها تزيد من تنوع المغذيات ونقاط التنوع البيولوجي الساخنة، مما يثري المناظر الطبيعية، وقد يكون إنتاج الأعلاف محلياً بدرجة أكبر، بينما يتم استيراده في الغالب في النظم الصناعية".
ومن جانبه، يقول بولي إريكسن، رئيس برنامج نظم الثروة الحيوانية المستدامة في المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية، والمشارك بالدراسة: "إنتاج اللحوم بحد ذاته ليس هو المشكلة، عندما يتم إنتاجه بكميات كبيرة، وتكثيفه وتسويقه تجاريًا، يتضاعف التأثير على بيئتنا، واستبعاد اللحوم من نظامنا الغذائي لن يحل هذه المشكلة، ففي حين أن الدعوة إلى اتباع نظام غذائي منخفض اللحوم أمر منطقي في الأنظمة الصناعية، فإن الحل ليس حلاً شاملاً للمناخ، ولا ينطبق في كل مكان".
ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، سيكون استهلاك اللحوم في أفريقيا جنوب الصحراء منخفضاً بمتوسط 12.9 كيلوجرام للفرد بحلول عام 2028، بسبب انخفاض الدخل والضغط الحراري الناجم عن المناخ وتأثيره على الحيوانات وسينعكس ذلك على صحة الإنسان، ويسبب مشاكل مثل سوء التغذية والتقزم، وبالمقارنة، من المتوقع أن يرتفع استهلاك اللحوم في الولايات المتحدة إلى أكثر من 100 كيلوجرام للفرد، وهي أعلى نسبة في العالم.
ويقر المؤلفون بأن أنظمة الثروة الحيوانية معروفة بأنها مصدر رئيسي لغازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، ولكن هناك حاجة إلى حلول بيئية ذات تأثير أكبر، ومن بينها تحسين العلف الحيواني بحيث تنبعث من الحيوانات غازات دفيئة أقل مثل الميثان لكل كيلوجرام من الحليب أو اللحوم، وإدارة أراضي الرعي بشكل أفضل، وخلط المحاصيل والثروة الحيوانية حيث يتم حرث الروث مرة أخرى في التربة، بما يمكن أن يفيد كل من المزارعين والبيئة.
ومن جانبه، يعلق الدكتور خالد علي الدين، أستاذ العلوم البيئية بجامعة أسيوط (جنوب مصر) على هذه الدراسة، مشيراً إلى أنه لا يمكن اتخاذ قرارات أفضل بشأن كيفية تقليل انبعاثات غازات الدفيئة العالمية من الثروة الحيوانية والزراعة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلا في ضوء وجود معلومات وبيانات أفضل.
ويقول: "نحن بحاجة إلى المزيد من البحوث متعددة التخصصات حول التنمية المستدامة للثروة الحيوانية، بحيث يتم مراعاة أهداف السكان المحليين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وفي نفس الوقت نحرص على عدم الإضرار بالبيئة".
ويضيف: "الغريب أن هناك فجوة واضحة بين التوصيات الدولية التي تركز على الدول النامية باعتبارها المستهلك الرئيسي للثروة الحيوانية، وبين البحث العلمي في مجال الثورة الحيوانية في الدول النامية، فعلى سبيل المثال، فإن أفريقيا هي موطن لـ 20٪ و27٪ و32٪ من الأبقار والأغنام والماعز في العالم، بينما جميع المؤلفات العلمية عن الثروة الحيوانية المنشورة منذ عام 1945، تغطي 13٪ فقط من أفريقيا، وتوجد ثمانية من أفضل 10 معاهد في العالم تنشر أبحاث الثروة الحيوانية في الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وهولندا، ويوجد مقران فقط للمعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية في أفريقيا".
aXA6IDUyLjE0LjI3LjEyMiA= جزيرة ام اند امز