مأساة "فريتو لاي".. قصة نجاح دمرها "الإسهال"

في حكايات عالم المال والأعمال، الخطأ الواحد قد يكلف الكثير جدا من المال، ويؤدي إلى اهتزاز صورة العلامة التجارية في الأسواق.
نتحدث في هذا التقرير عن قصة نجاح شركة قامت بإنتاج منتج يبدو ظاهرياً أنه ناجح للغاية، ثم تحول الأمر كله إلى مأساة من الفشل بسبب شيء غير متوقع.
المثير للجدل أن يعج تاريخ الشركات بالكثير من المنتجات الفاشلة، تلك المنتجات التي أطلقتها الشركات في الأسواق وهي تراهن عليها أيما رهان، أنها سوف تتسبب في طفرة كبرى من الأرباح والعائدات، فما كان إلا أنها تسببت بكارثة وليست أرباحا.
شريحة بطاطس هشة تدمر شركة عملاقة
ويبقى واحد من أشهر نماذج المنتجات الفاشلة للشركات هو منتج بطاطس "واو شيبس Wow Ships" الشهيرة التي كانت تنتج في أواخر التسعينيات.
قصة نجاح شركة في إنتاج منتج ساعدها على الوصول إلى معدل هائل من الأرباح، ثم انهار بها إلى مشاكل لم تكن تتوقعها على الإطلاق.
في أواخر التسعينيات، كشفت شركـة "فريتو لاي" الشهيـرة في صنـاعة الأغذية والمقـرمشات على واحد من أهم منتجـاتها على الإطـلاق ، أسمته "واو شيبس Wow Chips".
بطاطس مقـرمشة مثلها مثل الموجود في السوق، لذيذة الطعم ومتعددة النكهات. ولكن كان لهذا المنتج الجديد فرق شديد الأهمية والقيمة، وهو أنه لا يزيد الوزن.
تخيل مدى انتشار منتج كهذا، بطاطس شيبس شهية الطعم، مقرمشة، متعددة الأشكال والنكهات. والأهم من ذلك، أنك يمكنك أن تتناول أي كمية منها دون أن تزيد من وزنك كيلوجراماً واحداً، بالتأكيد سوف تهرع لشراء هذه البطاطس تحديداً، وتتجاهل أي نوع آخر من الشيبس موجود في السوق تعوّدت أن تتناوله، لأنه يكلّفك حتماً سيؤثر في وزنك.
كانت شركة "فريتو لاي" المنتجة لهذا المنتج تتعامل معه باعتباره البيضة الذهب، ومن البديهي –بهذه المميزات– أن يكون هكذا فعلاً، وأن يدرّ عليها أرباحاً هائلة، وتستحوذ على سوق البطاطس المقرمشة تماماً.. وقد كان.
أرباح هائلة في البداية
عندما تم طرح المنتج عام 1998، كانت النتيجة ثـورة هائلة في المبيعات، في العام الأول فقط، تحولت قصة نجاح الشركة إلى نموذج على كل لسان، فقد حققت الشركة مبيعـات توازي الـ400 مليون دولار يعكس إقبـالاً جمـاهيريا هائلاً على المنتج.
بعد ذلك، بدأت الأخبار تتسرب أن السر وراء هذا المنتج أن الشركة قامت بتطوير تقنية حديثة أنفقت عليها أموالا طائلة، قامت من خلالها بوضع جزيئات الأوليسترا في مكوّنات شرائح البطاطس المقرمشة، وهي جزيئات تقلل من امتصاص الدهون، وبالتالي لا تتسبب في زيادة كبيرة في الوزن.
وعلى مدار كامل، وجد المنتج "Wow ships" صدى هائلا في الولايات المتحدة، حيث تم تداوله بشكل كبير بين كافة شرائح المستخدمين، الأطفال والمراهقين والشباب وحتى كبار السن، باعتباره "منتجا صحيا" لا يتسبب في زيادة الوزن، مع حملات الشركة التي تؤكد فيها طوال الوقت أنها تركز على صناعة مأكولات لذيذة وفي نفس الوقت تكون صحية.
وبعد مرور عام تقريباً من الاحتفاء بالمنتج في السوق، ظهرت مفاجأة غير متوقعة على الإطلاق قلبت كل شيء رأساً على عقب.
الإسهال الذي أفسد كل شيء
في العام التالي، وبقدوم عام 2000 انهارت المبيعات بشكل كبير من 400 مليون دولار إلى النصف "200 مليون دولار".
هذا الانخفاض الهائل يعتبر كارثة في عالم المبيعات، خصوصاً مع منتج يبدو أن الجميع أقبل عليه فعلاً ونال شهرة واسعة. إلا أن المشكلة لم تكن فقط في انخفاض المبيعات وعزوف المستلهكين عن شراء "واو شيبس" بل امتد إلى آلاف الشكاوى الغاضبة من المستهلكين التي تدفقت على رأس الشركة، حيث قال الكثيرون منهم إنهم أصيبوا بحالة إسهال مزمن لا يتوقف.
كانت التركيبة السحرية التي أضافتها الشركة إلى منتجها، والتي كانت سببا في إقبال الملايين عليه، تضم في محتوياتها مواد كيماوية تسبب إسهالاً مزمناً، كان لها تأثير مماثل للمُسهّلات وللملينات، الأمر الذي جعل كافة شرائح المستهلكين يعانون لفترات طويلة من هذه الأعراض، حتى تحوّل الأمر إلى ظاهرة في المجتمع، أدركوا من خلالها أن السبب هو البطاطس المقرمشة اللذيذة التي أقبلوا عليها لفترة طويلة.
حاولت الشركة أن تسيطـر على هذه الحالة العارمة من الغضب، إلا أن أنهار الإسهـال أبت أن تتوقف، وهو ما دفع الشركة إلى تقليل إنتاجه وسحبه تدريجياً من الأسواق.
ثم بدأت في تعيدله بطرق مختلفة بتعديل مكوّناته، إلا أن هذا لم يشفع للعملاء أن يعودوا مرة أخرى لتناوله.
حاولت شركة "فريتو لاي" أن تعيد طرح المنتج بإعادة تسميته إلى اسم آخر جديد، في محاولة لإبقائه على قيد الحياة تحايلاً على السُمعة السيئة التي جناها تحت اسم WOW، إلا أن المنتج الجديد لم يحقق الأرباح المطلوبة، بعد أن ارتبط اسمه تلقائياً في رؤوس العملاء بأنه: الشيبس الذي يسبب الإسهال.
aXA6IDE4LjIyMy4yMzkuMTUg جزيرة ام اند امز