هل تخاطب الكتابة الأدبية الروح فقط؟
ندوة "الكتابة بين الذهن والروح" التي أقيمت في"الشارقة للكتاب" تناقش الاختلاف بين الكتابة الأدبية وتلك العلمية، بمشاركة مجموعة من الكتاب العرب.
أجمع عدد من الأدباء على أن الكتابة الأدبية تختلف كثيراً في أساليبها عن الكتابة العلمية، حيث تهدف الأولى إلى مخاطبة الروح، فيما الثانية تقصد العقل، وبناءً على ذلك اختلفت أساليب الكتابة الأدبية، جاء ذلك خلال ندوة "الكتابة بين الذهن والروح" التي أقيمت على هامش فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 35 التي تقام حالياً في اكسبو الشارقة، وتستمر حتى 12 نوفمبر الجاري.
وشارك في الندوة التي أدارها محمد ولد سالم، كل من الكاتب الإماراتي علي أبو الريش، والمغربي طارق بكاري، والنيجيري أبو بكر آدم، والذين اتفقوا جميعاً على أن خطاب الروح يأخذ أبعاداً مختلفة، وأن الأدب هو موطن المشاعر.
بدأ الكاتب طارق بكاري، مؤلف رواية "نوميديا" مداخلته بالقول إن "هذا الموضوع يحتاج منا الوقوف عند كل مصطلح، وتحليله للوصول إلى نتيجة واضحة". وأضاف: "بلا شك أن لكل نوع من الأدب طريقته، فمثلاً في روايتي "نوميديا" اعتمدت أسلوباً علمياً وآخر روحانياً، الأول كان بسبب اتصاله بمجموعة من المعارف التي لها علاقة بالسياق التاريخي، فيما حاولت من خلال الثاني الغوص في أبعاد شخصية البطل النفسية، وهذا الأسلوب تطلب مني الكتابة إلى الروح، وأعتقد أن المزاوجة بين الأسلوبين في أي عمل حتى وإن كان فنتازياً، قد يعطيه قيمة أكبر". وأضاف: "علينا أن ندرك بأن الأدب هو فن قول ما يشعر به القارئ، ولذلك نجد أحياناً كثيرة أن الكاتب يحتاج إلى إيهام القارئ بأن ما يقوله صحيح، وذلك لا يكون إلا من خلال الكتابة إلى الروح".
أما الكاتب علي أبو الريش فأشار إلى أن الرواية هي الجماليات التي نبحث عنها. وقال: "علينا كأدباء ترك كل ما يتعلق بالعلم وبالأبحاث النفسيه إلى أهل الاختصاص، لأن عملنا هو تنظيف النفس البشرية مما لحق بها من شوائب، لأن كاتب الرواية هو حليف الروح التي حاولت الكثير من الفلسفات تلويثها وإخراجها من نصابها نحو مناطق أخرى". وأضاف: "إذا لم نتمكن من ملامسة الوعي الداخلي لدينا، فلن يكون أمامنا خيار إلا الهروب نحو مناطق أخرى، زائفة وغير صافية، ولذلك فالرواية تعني الجمال الذي لا يحتاج إلى تفسير".
وأكد أبو الريش أن العمل الأدبي هو إحساس روحاني، قائلاً: "الرواية جاءت لتحمل حكاية الإنسان من البداية وحتى النهاية، والإنسان هو عبارة عن كتلة من المشاعر التي يجب مراعاتها".
من جانبه، تساءل الكاتب أبو بكر آدم إذا ما كانت الكتابة عقلانية، فلماذا إذاً يجتهد الكاتب. وقال: "في أحيان كثيرة نجد أن الواقعية هي التي تسيطر على القصص، رغم أن هذه النصوص تحاول أن تفرض علينا الخروج من منظومة معينة نحو أماكن أخرى مختلفة، فمثلاً نجد أن الكاتب الأميركي ستيفن آلمن يحاول دائماً في كتاباته الاعتماد على الإقناع، وهذا شكل من أشكال المنطق". وتابع: "أعتقد أن الكتابة تشبه إلى حد كبير محاولات الإمساك بالعقل الذي يشبه في تفاصيله الأرض، وبلا شك أننا جميعاً معجبون بالعقل البشري لأنه واحد فقط، والكل يستخدمه ويفكر به، وهو الذي يخلق القصص ويبدع فيها". وأشار إلى أن هناك محاولات كثيرة لرسم خريطة العقل ومعرفة طريقة التفكير به، ولذلك يجنح بعض الأدباء إلى الكتابة عبر رسم خريطة للخيال. وأكد أن العقل البشري هو طريقة للاستكشاف، وهو ما نسميه "روح العقل"، ولذلك نجد أن لكل كاتب أسلوبه وطريقته في محاولة استكشاف العقل والقضايا التي تؤثر فيه، وبالوعي المجتمعي بشكل عام.
ونوه الكاتب أبو بكر آدم، إلى أن انتشار الغموض في الأدب، إنما هو محاولة للكشف عن الروح، ولا يمكن القيام بذلك إلا من خلال الخيال فقط.