الطفل يامن.. "رجل غزة الحديدي" فقد أسرته خلال العدوان الإسرائيلي
شهود عيان يقولون إن الطفل كان يصرخ بعد إصابته من الألم وفي إحدى المرات نادى "أمي"، لم يكن يعلم أن والدته قتلت
تعرض الطفل يامن الفلسطيني لتجربة شديدة القسوة، إذ فقد والدته مع 18 فردا آخرين من العائلة خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 2014، فيما احترق ظهره وغطت الضمادات جسده، بعدما أصيب في القصف العنيف الذي استهدف القطاع، ونجا مع شقيقته جنى التي لم يتجاوز عمرها حين ذلك أشهرا، لكنهما أصبحا يتيمين.
ووفقا لشهود عيان، كان الطفل يصرخ بعد إصابته من الألم وينادي على عمته التي كانت برفقته في المستشفى، وفي إحدى المرات نادى "أمي"، لم يكن يعلم أن والدته قتلت.
وكانت الممرضات يوزعن المرهم على جسد الطفل النحيل، وبعد ساعة، خضع يامن الذي كان في الثالثة من عمره لعملية في قسم الحروق في مستشفى الشفاء.
ورغم قسوة التجربة، فإن يامن استطاع أن ينال لقب "الفتى الحديدي" بفضل تحمله وصموده أمام هول ما تعرض له، ولا تزال الندوب واضحة على ظهر يامن ولا يزال يشعر بألم الحروق أحيانا، فيما أن ساقه اليسرى مشوهة، تشوهات جعلته يتعرض لسخرية الأطفال من حوله في مرات عدة.
ويعيش يامن اليوم حياة جديدة بين عمه عدنان وزوجة عمه ياسمين أبوجبر اللذين أصبحا والديه، وتقول ياسمين تظهر عيناها البنيتان من خلف النقاب: "كل الجيران شهدوا على ذلك، كان يامن يبكي كل ليلة، ويريد أن يعرف ما حدث لوالديه".
وتضيف ياسمين التي كانت الصديقة المقربة لوالدة يامن: "لمدة عام لم يتوقف يامن عن سؤالي عن والدته: أين هي وكيف له أن يصل إليها".
وتقول أم يامن بالتبني: "من الصعب تفسير الموت لشخص راشد، فكيف نفسره لطفل لم يتجاوز عمره السنوات الثلاث؟".
ويرتاد يامن مدرسة ابتدائية في مخيم النصيرات للاجئين، حيث تعمل ياسمين كمعلمة.
وتقول ياسمين إنها قامت بكل ما بوسعها ليعيش يامن حياة طبيعية بعد الحرب، وكان من المهم إشعاره بأنه ليس وحيدا، كخطوة أولى لإخباره بالحقيقة.
بعد ذلك، تقول ياسمين إنها تكلمت مع يامن وقالت له: "انظر من حولك، أنت لست وحدك، لقد فقد الكثير من الأطفال والديهم وعائلاتهم، لكن لا تزال لديك عائلة، نحن عائلتك".
وتوضح ياسمين: "عندما بدأ بارتياد الحضانة سخر الأطفال منه"، وتضيف: "في أحد الأيام جاء إلى المنزل وهو يبكي وقال إنه لا يريد ارتداء قمصانا قطنية بعد الآن"، يومها، ذهبت ياسمين إلى الحضانة وسألت الأطفال "من منكم لديه قوة خارقة؟"، ولم يتفوه أحد بحرف، فقالت لهم: "يامن لديه قوة خارقة، لديه ذراع حديدية، يمكنه مهاجمة صاروخ بيديه العاريتين".
وتروي ياسمين أن هذه العبارات بثت الإيجابية في روح يامن "وبدأ يرى نفسه خارقا كما الرجل الحديدي".
وفي فناء المنزل، يمازح يامن شقيقته جنى، ويقول إنه يفضل بالأحرى أن يكون مثل "سبايدرمان" (الرجل العنكبوت)، لأنه بفضل قوته الخارقة، يمكنه أن يتسلق كل الجدران، وعن طموحه المستقبلي، يقول "أريد أن ألعب كرة، وعندما أكبر أريد أن أصبح شرطيا".
ورغم مرور 5 سنوات على الحرب، أعيد بناء الشوارع والمباني، لكن القصة لم تنته بالنسبة للناجين، ففي مكتبه يحتفظ راجي الصوراني وفريق المحامين الذين يعملون لديه بملفات لحوالي ألف شهيد فلسطيني.
ويقول الصوراني، وهو مؤسس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الذي طالب إسرائيل بفتح تحقيق في جرائم الحرب: "من حق يامن وأقاربه معرفة ما حدث"، ويضيف: "لم يكن هناك أي سبب على الإطلاق لإيذاء أفراد هذه العائلة، سواء بقصفهم أو جرحهم أو قتلهم".
ويشير الصوراني إلى أنه لم يحصل على أي إجابة من الجانب الإسرائيلي بعد: "منذ 5 سنوات وحتى هذه اللحظة لم نتلق ولا حتى إجابة واحدة حول هذا الملف".
aXA6IDE4LjExOC4xNjIuOCA= جزيرة ام اند امز