عام على إعلان الاتفاق الإبراهيمي.. المنطقة تجني ثمار السلام
منذ الإعلان عن الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات وإسرائيل قبل عام، مر قطار السلام بمحطات هامة، وحقق إنجازات قياسية في فترة قصيرة.
محطات وإنجازات تتوج جهودا متسارعة لتطبيق اتفاق السلام التاريخي على أرض الواقع، وتعكس رغبة صادقة في أن يسهم التعاون بين الجانبين في النهوض بالمنطقة عبر إطلاق مرحلة جديدة للعلاقات والتعاون بين الدول في منطقة الشرق الأوسط، تقود لترسيخ الأمن والسلام والاستقرار.
سلام من شأنه تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب، وتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة.
وبقرارها الشجاع والتاريخي بشأن اتفاق السلام مع إسرائيل، نجحت الإمارات في وقف ضم إسرائيل أراضي فلسطينية، بما يعني إنقاذ 30% من الأراضي الفلسطينية وأكثر من 100 ألف فلسطيني كانوا معرضين للطرد، وإبقاء الأمل على إقامة دولة فلسطينية.
أيضا فتحت الإمارات الباب أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث انضمت البحرين والسودان والمغرب للطريق نفسه، مؤكدين صواب الرؤية الإماراتية في إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
ويتزامن مرور عام على الإعلان عن اتفاق السلام بعد أيام من توقيع اتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل في عدة مجالات بما يسهم في تحقيق الازدهار لشعوب البلدين والمنطقة.
كما تأتي تلك الذكرى بعد نحو شهر من افتتاح سفارة إماراتية في إسرائيل، وذلك بعد نحو أسبوعين من افتتاح سفارة إسرائيلية في أبوظبي، في خطوات متسارعة ومتلاحقة لتعزيز جهود السلام.
كذلك تأتي تلك الذكرى بعد تطورات متلاحقة، أثبتت فيها الإمارات ما أكدته مرارا وتكرارا من أن ذلك الاتفاق لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية.
أول محطة
وفي أعقاب الاتصال، تم الإعلان عن "وقف إسرائيل عن خطة ضم أراض فلسطينية".
كما تم الاتفاق على توقيع اتفاقيات ثنائية بما يؤدي إلى النهوض بالمنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي.
ومن ثم كان التوقيع على معاهدة سلام مع إسرائيل يوم 15 سبتمبر / أيلول العام الماضي، وهو الأمر الذي شجع البحرين على توقيع إعلان تأييد السلام مع تل أبيب في اليوم نفسه.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، خلال الكلمة التي ألقاها في حفل التوقيع أن هذه المعاهدة ستمكن الإمارات "من الوقوف أكثر إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتحقيق آماله في دولة مستقلة ضمن منطقة مستقرة مزدهرة".
وأكد أن "معاهدة السلام هذه التي تعد إنجازا تاريخيا لكل من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، لن يتوقف أثرها الإيجابي، بل إننا نؤمن بأن ثمارها ستنعكس على المنطقة بأسرها، فكل خيار غير السلام سيعني دمارا وفقرا ومعاناة إنسانية".
وبتلك المعاهدة منحت الإمارات بارقة أمل وفرصة حقيقية إلى دول منطقة الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثرت على مستقبل شعوبها.
افتتاح السفارات.. محطة تاريخية
وترجمة لتلك الجهود، افتتحت دولة الإمارات العربية المتحدة، في 14 يوليو/ تموز الماضي، سفارتها بإسرائيل، رسميا، في حدث تاريخي أثمره اتفاق السلام الموقع بين البلدين، وذلك بحضور الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ آنذاك.وبعد 3 أيام من افتتاح السفارة، وقعت الإمارات وإسرائيل مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات الأمن الغذائي بما في ذلك الإنتاج وسلاسل الإمداد الغذائي، والبحوث والابتكارات في هذا المجال الحيوي.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم تهدف إلى تبادل المعرفة والخبرات فضلاً عن توحيد الجهود البحثية للتخفيف من آثار تغير المناخ وضمان الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية.
وجاء توقيع الاتفاقيات خلال زيارة قامت بها مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة الدولة الإماراتية للأمن الغذائي والمائي لإسرائيل استهدفت إطلاق تعاون استراتيجي في المجال الحيوي للأمن الغذائي والمائي حيث تتشارك كل من دولة الإمارات وإسرائيل في العديد من الفرص كونهما تتمتعان بإمكانات وبنى تحتية متطورة وتعملان في الوقت نفسه على تحقيق الأهداف التي تتعلق بالأمن الغذائي والمائي واستدامته.
وفي 29 من يونيو/ حزيران الماضي، افتتحت إسرائيل سفارتها في أبوظبي، وقنصليتها في دبي، وذلك خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد للإمارات، في أول زيارة رسمية يقوم بها وزير إسرائيلي للإمارات منذ توقيع البلدين معاهدة السلام.
زيارة توجت ببيان مشترك بين البلدين حول حصاد الزيارة التي التقى خلالها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، يائير لابيد، وتم خلالها الاتفاق على مجالات التعاون التالية: العلاقات السلمية بين الدولتين والشعبين على ضوء القرار الشجاع التي اتخذته كل من قيادة دولة الإمارات ودولة إسرائيل، مما يمهد الطريق لتغيير تاريخي، وخلق مستقبل أفضل لشباب المنطقة.
وأقر الجانبان بالتقدم الكبير الذي تم إحرازه منذ توقيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام في سبتمبر/أيلول 2020، وأعربا عن قناعتهما بأن العلاقات الثنائية سوف يتم تعميقها وتوسيعها وتعزيزها في المستقبل القريب لصالح البلدين والمنطقة بأكملها.
في إطار الرؤية الرامية إلى تعميق العلاقات الاقتصادية لصالح الشعبين، وقع الوزيران اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري، تعكس التزام الحكومتين بتنمية العلاقات الاقتصادية والتدفق الحر للسلع والخدمات، وكذلك التعاون في مجالات إقامة المعارض، وتبادل الخبرات والمعارف، وزيارات الوفود، والتعاون بين الغرف التجارية، وكذلك في مجال التقنيات الزراعية، وتعزيز البحث والتطوير المشترك.
واتفق الطرفان على تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة برئاسة وزارتي الاقتصاد في البلدين لتكليفها بتنفيذ الاتفاقية بهدف إزالة الحواجز وتحفيز التجارة الثنائية.
وأعرب الجانبان عن تطلعهما لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة، وقد بدأت المناقشات في هذا الصدد.
وناقش الوزيران سبل مواصلة استكشاف وسائل لدعم الاستثمارات في اقتصاد البلدين، وفي البنية التحتية، والعلوم والتقنيات، والاستفادة من براعة وروح الابتكار والرؤية التي يتمتع بها قيادتا وشعبا الدولتين.
كما ناقش الوزيران أهمية تعميق الحوار الاستراتيجي والتعاون بين البلدين لمواجهة التحديات الإقليمية واغتنام الفرص. واتفقا على أن الحوار الاستراتيجي الوثيق سيوفر آلية فعالة لتعزيز القوة الإيجابية للسلام في المنطقة.
واتفق الوزيران على العمل معا لتعزيز سردية السلام والتعايش في جميع أنحاء الشرق الأوسط من أجل الحد من أي انقسام أو عدوان أو صراع.
وبناءً على رؤية الاتفاق الإبراهيمي للسلام، وإيمانًا بالهدف المشترك المتمثل في تحقيق الرفاه ليس فقط لدولتي الإمارات وإسرائيل بل للمنطقة بأكملها، ناقش الوزيران الفرص بما في ذلك التعاون متعدد الأطراف من أجل جني ثمار السلام مع شعوب الشرق الأوسط.
دعم فلسطين.. التزام أبدي
ومنذ الخطوة الشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل أكدت الإمارات مرارا وتكرارا أن تلك المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
وهو ما أثبتته التطورات الأخيرة بنجاح جهود مصر في التوصل لتهدئة بين إسرائيل والفلسطينيين في قطاع غزة، بدعم إماراتي قوي عبر عنه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وقبل أيام، أكدت دولة الإمارات مجددا في 29 يوليو/ تموز الماضي على أن الحل الوحيد المستدام لتخطي الأوضاع المتدهورة في الأراضي الفلسطينية يتمثل في تحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومرجعيات مؤتمر مدريد، ومبادرة السلام العربية.
جاء ذلك خلال البيان الذي قدمه وفد دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة إلى المناقشة العامة الربع سنوية المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن حول "الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية".
كما شدد بيان دولة الإمارات وكأولوية فورية، على ضرورة تعزيز دعم المجتمع الدولي الملموس والعملي والعاجل للقطاعات الحيوية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاعي الصحة والتعليم.
ونوه في هذا السياق إلى الدعم الغذائي والصحي الذي قدمته دولة الإمارات مؤخراً والتي تعكس إلتزامها التاريخي تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق، حيث بلغ ما قدّمته دولة الإمارات من دعم للشعب الفلسطيني خلال الفترة من 2013 إلى 2020 أكثر من 840 مليون دولار أمريكي خصصت لتمويل القطاعات الحيوية ودعم جهود التنمية في الأراضي الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى مساعداتها الغذائية الأخيرة، بقيمة.2 6 مليون دولار، لآلاف العائلات الفلسطينية في قطاع غزة.
ومضت الإمارات في طريقها إلى أبعد من الدعم المادي، للبحث عن حلول مستدامة تساعد على إقامة الدولة الفلسطينية عن طريق السلام.
ومنذ تأسيسها، لعبت الإمارات دورا بارزا في دعم الشعب الفلسطيني في محاولة استرجاع حقوقه المشروعة؛ مستندة على سياسة تتسم بالواقعية بعيدا عن استراتيجية الظواهر الصوتية، التي تنتهجها الدول المتاجرة بالقضية.
ولا يخلو أي خطاب سياسي لدولة الإمارات في أي محفل دولي أو إقليمي أو من خلال لقاءات ثنائية أو أي مباحثات مشتركة من التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية للإمارات والأمة العربية والإسلامية، والتحذير من مغبة عدم التوصل لحل عادل لتلك القضية، و التأكيد على الالتزام الثابت بدعم القضية الفلسطينية.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات في رسالة وجهها إلى الأمم المتحدة، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني على الالتزام التاريخي بدعم الشعب الفلسطيني.
وفي 13 أغسطس/ آب 2020 جرى اتصال هاتفي بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، تم، خلاله الاتفاق على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل والإمارات.
وشهر تلو شهر، تحققت على أرض الواقع، ما توقعته الإمارات، وبدأت المنطقة تجني ثمار السلام.
دعم إنساني
ولا يمكن أن يزايد منصف على مواقف دولة الإمارات الداعمة للقضية الفلسطينية، التي تعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية.
وبلغ إجمالي المساعدات الإماراتية لفلسطين خلال الفترة من 2010 حتى الآن مبلغ 1.14 مليار دولار، منها 254 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى "الأونروا"، حسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
وتعد دولة الامارات من أكبر الجهات المانحة للأونروا لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية.
وبرهنت الإمارات دوما أنها سند في وقت الضيق لفلسطين، ففي 21 يونيو/ حزيران الماضي، أرسلت الإمارات 20 سيارة إسعاف مجهزة بكامل معدات الإسعافات ومعدات الأمن والسلامة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي، للمساهمة في دعم القطاع الصحي والتخفيف من حدة التداعيات الإنسانية في القطاع.
وفي مارس/أذار الماضي، أرسلت الإمارات شحنة ثانية من اللقاح الروسي "سبوتنيك - في" المضاد لفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، إلى قطاع غزة تحتوي على 38700 جرعة، وتسلمتها وزارة الصحة الفلسطينية عبر معبر رفح.
وعبرت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان صحفي عن شكرها وامتنانها إلى دولة الإمارات على هذا الدعم، الذي يعزز من الإجراءات الصحية في مواجهة جائحة "كوفيد-19" في قطاع غزة.
وكانت الإمارات أرسلت في فبراير/ شباط الماضي 20 ألف جرعة من لقاح "سبوتنيك-في" الروسي المضاد لكوفيد-19.
وتأتي هذه المساعدات في إطار التزام دولة الإمارات المستمر بدعم الشعب الفلسطيني وتعزيز جهود الكوادر الطبية في مكافحة الجائحة، حيث أرسلت دولة الإمارات في هذا الصدد 3 طائرات مساعدات طبية تحمل 36.6 طن بالإضافة إلى 10 آلاف جهاز فحص كورونا و10 أجهزة تنفس، ليستفيد منها 36.6 ألف من الكوادر الطبية.
تقدير دولي
وتحولت الإمارات إلى مصدر إلهام داعمي السلام حول العالم، فمنذ خطوتها الشجاعة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل 15 سبتمبر/أيلول الماضي، انضمت 3 دول عربية أخرى لركب السلام هي البحرين والسودان والمغرب.
دور الإمارات الهام في نشر السلام، كان محل تقدير دولي، عبر عنه العالم بانتخاب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة 11 يونيو/ حزيران الماضي دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022-2023، في خطوة تعكس مكانة دبلوماسية الإمارات القائمة على نشر السلام والمحبة بين جميع شعوب الأرض، والتقدير الدولي لها.