حوار خاص لقائد الحزام الأمني في أبين عبد اللطيف السيد تحدث فيه عن جهود مكافحة الإرهاب وكشف معلومات حصرية لعملية "السيل الجارف".
قال عبد اللطيف السيد، قائد الحزام الأمني في محافظة أبين، جنوبي اليمن، إن عملية "السيل الجارف" التي تم تنفيذها بإسناد من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، تمكنت من كسر شوكة تنظيم القاعدة بأبين ومديرية المحفد، وذلك بعد مقتل العقل المدبر والممول لكل الأعمال التخريبية التي يقوم بها التنظيم في المحافظة.
- السيل الجارف.. القوات اليمنية تداهم أوكار القاعدة وتأسر 6 في أبين
- اليمن.. "السيل الجارف" يتوقف بعد تطهير مديريات من "القاعدة"
وأشاد السيد، في حوار خاص مع "العين الإخبارية"، بالدعم الإغاثي واللوجيستي الذي قدمته القوات الإماراتية لقوات الحزام الأمني بمحافظة أبين قائلاً: "لولا دعم الإمارات لما دحرنا تنظيم القاعدة الإرهابي".
وقال: "نقول لمن يدعي أن دول التحالف العربي غير جادة في مكافحة الإرهاب في اليمن، انظروا بعين الإنصاف إلى ما يقدمه الأخوة في دول التحالف ودور الأشقاء الإماراتيين، وأن يحكموا على النتائج التي حققناها ضد الإرهاب في أبين وعدن ولحج وفي شبوة وحضرموت والضالع والمهرة ولولاء صدق ودعم الأخوة الإماراتيين لما قضينا على رؤوس القاعدة وحققنا جميع الانتصارات".
وأضاف "وخلافا للدعم العسكري، فلولا الدعم الإغاثي والأمني الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة، ما عادت الحياة إلى طبيعتها في المناطق الجنوبية والشرقية، وخصوصا بعد ما عاشته هذه المناطق من فساد كبير في ظل الحكومات والجماعات المتعاقبة".
وأعرب القائد العسكري عن شكره الخاص لدولة الإمارات العربية المتحدة على دعمها السخي وصدقها في اجتثاث نبتة الإرهاب في اليمن، لافتا إلى أن ذلك "هو ما حفزهم وجعلهم يتقدمون الصفوف أثناء ملاحقة العناصر الإرهابية في عموم أبين".
عملية السيل الجارف
وكانت مدينة المحفد، تعتبر المركز الرئيسي لتجمع عناصر القاعدة وانطلاقها من أبين إلى محافظات عدن وشبوة أو البيضاء عبر السلاسل الجبلية التي كانت مكان آمن لمعسكراتهم.
وذكر القائد العسكري اليمني إلى أن المحفد كانت تشهد منذ عشرات السنين توافد لعناصر القاعدة اليمنيين والأجانب، بفعل دعم نافذين ومسؤولين بالسلطة، الذين أرادوا أن تظل أبين ساحة صراع دائمة.
ولفت إلى أن عملية السيل الجارف استطاعت في وقت قياسي كسر شوكة القاعدة، والعثور على مخازن سرية تحت الأرض، تحتوي على مدافع وقذائف هاون وصواريخ كاتيوشا وصواريخ حرارية، بالإضافة إلى أحزمة ناسفة وادوات تفجير على مد البصر.
وكشف السيد عن أن العملية عثرت كذلك على "وثائق شخصية ورسمية" تخص شخصيات وقيادات التنظيم وتكشف عن هوياتهم الحقيقية، بالإضافة إلى مستندات لحوالات ومبالغ مالية، تحتفظ بها القوات اليمنية، وتتورط بها شخصيات يمنية نافذة.
أبين شبه خالية من الإرهاب
وكانت محافظة أبين المعقل الرئيسي لتنظيم القاعدة على مدار السنوات الماضية، لكن الوضع أصبح مختلفا منذ قيام دول التحالف العربي بتنفيذ "عاصفة الحزم" وتحرير المنطقة من مليشيا الحوثي الانقلابية، وصولا إلى تشكيل قوات الحزام الأمني والتدخل السريع المسنودة من التحالف العربي.
ووفقا للقائد عبداللطيف السيد، فلم يعد تنظيم القاعدة يمتلك في أبين سوى هامش بسيط من حرية التنقل كأفراد، بعد أن باتت المحافظة خالية تماما من الإرهاب وبنسبة 80%.
وأكد أن العمل جار على من قبل قوات الحزام الأمني وبإسناد من التحالف العربي والمجتمع الدولي على استئصال القاعدة، وتطهير ما تبقى من الجبال الوعرة في المحافظة.
وقال إن "محاربة الإرهاب، بحاجة إلى دولة صادقة وحكومات داعمة عسكريا وفكريا وماديا ومعنويا، وهو ما لمسناه بصدق من دول التحالف العربي بقيادة السعودية".
وحسب السيد، فقد تغيرت طريقة مكافحة الإرهاب في ظل التحالف العربي، ففي السابق، وخصوصا منذ العام 2011 -2015، كانت القيادات الوطنية في أبين تتعرض لمضايقات من قبل نافذين في الدولة يمنعونهم من محاربة الإرهاب، في مقابل دعم تلك الجماعات المتطرفة، وتسهيل الأوضاع لها للسيطرة على المعسكرات وقتل الجنود.
وقال "الوضع اختلف اليوم، لقد استطعنا تحت قيادة دول التحالف العربي، وبدعم سخي من الإمارات تحقيق نتائج كبيرة، وقريبا ستكون أبين أول محافظة يمنية خالية من أي عناصر إرهابية".
عمليات مقبلة لملاحقة القاعدة
وفرضت قوات الحزام الأمني والتدخل السريع سيطرتها على مديرية المحفد، لكن بعض مناطق المديرية لا تزال بحاجة لعمليات عسكرية في بعض السلاسل الجبلية والأودية، بحسب قائد قوات الحزام الأمني في أبين.
وأشار القائد العسكري بأبين إلى أن قوات الحزام الأمني تسعى إلى استقرار أبين بشكل عام وتعويضها عن سنوات الفوضى وعدم الاستقرار السابقة، لافتا إلى أنه تلك الأمنيات ستتحقق بدعم من التحالف العربي ومساندة أبناء أبين المنتسبين للحزام الأمني وقوات التدخل السريع.
ووفقا للسيد فإن أبين دفعت بأبنائها لمواجهة عناصر القاعدة بإمكانيات بسيطة خلال السنوات الماضية واكتشفوا وهن وضعف الجماعات الإرهابية التي كانت تسيّرها وتدعمها جماعات نافذة في السلطة وتملك صفة حكومية.
وقال "لا توجد محافظة مثل أبين دفعت ثمن رفضها للجماعات الإرهابية، ولا علاقة لقبائل المحافظة بعناصر الإرهاب، بل هي مغلوبة على أمرها بفعل قوة العنف والسلاح الذي بيد القاعدة جراء غياب سلطة الدولة المتعمد في تلك المناطق".
لا تهاون مع أسرى القاعدة
وتمكنت قوات الحزام الأمني خلال عملية "السيل الجارف" الأخيرة من أسر عدد من عناصر تنظيم القاعدة، كإضافة نوعية ستمكن القوات اليمنية من الكشف عن معاقل ومخططات التنظيم.
وبخصوص ما يتم تريده حول وجود وساطات لإطلاق سراح أسرى القاعدة، أكد "السيد" أنه لا تهاون مع القاعدة وداعش، ولا يمكن إطلاق سراح أي من عناصرهم.
وقال: "لا نقبل أي تدخل في عملنا ولا وساطات.. لا تهاون مع عناصر أجرمت وقتلت وأفسدت بالأرض، ومهماتنا تنتهي بعد تسليم تلك العناصر إلى قيادات التحالف العربي".
تشكيل قوات الحزام الأمني
سخر قائد الحزام الأمني من الأقاويل التي ترددها بعض الجماعات والأطراف، من أن الحزام الأمني يتألف من "قوات مناطقية"، واعتبرها صادرة من أشخاص لا يفقهون بطبيعة الأرض بالجنوب.
وقال السيد "لا نعلم ما هو المقصود بالمناطقية عند هؤلاء، لكن كيف سنحقق النصر على الإرهاب إذا لم يكن لدينا قوات من أبناء المناطق التي توجد بها عناصر القاعدة، فهم أدرى بأولئك الأشخاص والمناطق بمحافظة أبين".
وأكد أن هناك تنسيق بين قوات الحزام الأمني و" النخبة الشبوانية" في محافظة شبوة، و" النخبة الحضرمية"، في محافظة حضرموت.
وأشار إلى ما يجمع هذه القوات هو "حب الانتماء لتراب الوطن وأن الهم الأكبر هو مكافحة الإرهاب".
وأضاف "يجمعنا التفكير الداعم بإيجاد حياة كريمة للمواطنين واستقرار وتثبيت الأمن والعمليات المشتركة والتنسيق في رصد تحركات العناصر الإرهابية".
وحول إمكانية مشاهدة قوات الحزام الأمني تقاتل الحوثيين على مشارف أبين، لفت القائد السيد إلى أنه لم يسند لهم تلك المهام حتى الآن، لافتا إلى أن قوات الحزام، في حال انتهاء الحرب، ستكون في موقعها الطبيعي ضمن التشكيلات العسكرية والأمنية للبلد.
صعوبات أمام الحزام الأمني
على الرغم من النجاحات النوعية التي حققتها في زمن قياسي، إلا أن قوات الحزام الأمني لا زالت تواجه عددا من الصعوبات وبحاجة للمزيد من التأهيل، حسب قائدها في أبين، عبداللطيف السيد.
وقال إن معظم أفراد قوات الحزام الأمني لم يكونوا مؤهلين عسكريا ولا تقنيا في مكافحة الإرهاب ويعتمدون في عمليات على الخبرة القتالية في مواجهة الجماعات المتطرفة وكيف تفكر وتخطط.
وشدد قائد الحزام الأمني بأبين اليمنية على ضرورة وجود تأهيل شامل للأفراد والقاعدة، بالإضافة إلى توفير الزي العسكري الموحد لجميع أفراد قوات الحزام والتدخل السريع، وتوفير المزيد من الإمكانيات الخاصة بمكافحة الإرهاب.
كما شدد على ضرورة تحصين النقاط العسكرية والمواقع التابعة للحزام الأمني.
وطالب القائد العسكري بضرورة وجود قانون دولي يتم من خلاله محاكمة كل المتورطين والداعمين للجماعات الإرهابية من القاعدة وداعش، من أجل أن ينالوا جزاءهم الرادع.