ذكرى فبراير في اليمن.. "ثورة ناقصة" انقض عليها "المتسلقون"
يصادف اليوم ، الجمعة، ذكرى 11 فبراير/شباط في اليمن، وسط واقعٍ أشد بؤسًا من ذلك الوضع الذي كانت عليه البلاد عشية هذا اليوم، قبل 11 عامًا.
فالدولة اليمنية حينها كانت حاضرة بكل مقوماتها، لكن ما يكابده اليمن اليوم، بعد ما يزيد على عقدٍ مما سُميّ بـ"ثورة" 11 فبراير/شباط، يؤكد أن الدولة قد تلاشت أو تكاد.
ورغم أن كثيرين من الشباب اليمني ممن خرج وقتها (2011) كان يُمنّي نفسه بواقعٍ أفضل، إلا أن مجرد مقارنة حال الدولة حينذاك بحالها اليوم، يشهد مدى التناقض الكبير الحاصل بين الوضعين؛ بسبب ما أفرزه 11 فبراير/ شباط.
نتاجات فبراير
فمليشيات الحوثي، التي تعتبر أحد نتاجات فبراير/شباط، ما زالت تعيث في اليمن فسادًا، وتهدد اليمنيين ودول الجوار، بصواريخها الباليستية ومسيّراتها المفخخة.
كما وجدت إيران منفذًا رخوًا في اليمن لتغذية ربيبتها الحوثية، بعد أن تسبب فبراير/شباط بوصول المليشيات إلى صنعاء والسيطرة على مقاليد الأمور؛ نتيجة الحكومة المترهلة التي انتجها فبراير/شباط .
ورغم حرص النظام اليمني السابق على الخروج من المشهد بسلاسة، كما فعلت معظم الأنظمة التي اكتوت بنيران ما عُرف بـ"الربيع العربي"، إلا أن فبراير/شباط وجد من يركب موجته على حساب الأنقياء ممن خرجوا، كما وجد من يُجيّره لتحقيق مآربه وحساباته الضيقة.
أخطاء فبراير
سياسيون يمنيون، وحتى ممن شاركوا في فبراير/شباط، كانت لهم وجهات نظر مؤلمة تجاه مآلات فبراير.
فنسبة كبيرة من هؤلاء السياسيين يرون أن ما يطلق عليها "ثورة فبراير" اعتراها الكثير من "الأخطاء الكبيرة"، مؤكدين أن أبرز تلك الأخطاء هو السماح لـ"المتسلقين" بالسيطرة على وجهة فبراير وتغيير مساره.
وأثبتت الأيام التي تلت فبراير/شباط أن "المتسلقين"، وعلى رأسهم "الإخوان" حرفوا أهداف فبراير/شباط، واهتموا بمصالحهم الخاصة التي حققوها على حساب أهداف فبراير/شباط الحقيقية.
فطنة النظام
ويقارن المحللون السياسيون اليمنيون بين ما اقترفه المتسلقون من أخطاء بحق البلاد، وبين ما حاول نظام الحكم في اليمن تجنيبه للبلاد.
ويقول هؤلاء: "إن النظام الحاكم كان فطنًا ومدركًا لحقيقة الأوضاع المسدودة التي وصلت إليها البلاد، وأدرك معها بعمق أنه لا يوجد ما يدفعه للوقوف في وجه الاحتجاج الشعبي، رغم قدرته على ذلك".
وأضافوا: "لذلك فقد تجاوز النظام كثيرًا من الأحداث، ومن بينها حادث تفجير مسجد الرئاسة الذي كان يمكن أن يُوظفه عنوةً لقمع الاحتجاجات، إلا أنه تماسك وانسحب بهدوء، لعل في القادمين من الشباب الأنقياء أن يصلحوا حال البلاد".
غير أن الانتهازيين الذين تُبتلى بهم معظم الحركات النقية، انقضوا على "نقاء فبراير" وعلى ما تبقى من دولة، وسلموها على طبقٍ إلى مليشيات الحوثي، باتفاقيات وتفاهامات بينية، وفق وصف السياسيين والمحللين اليمنيين.
غير مكتملة
ثوارٌ كثر يتحدثون عن فبراير/شباط، ويشيرون كيف أدى المتسلقون دورًا في إيصال الحوثيين للسيطرة على الدولة، وما قامت به المليشيات من إعادة صياغة معادلات سياسية واجتماعية وتاريخية لفرض مشروعها الطائفي.
غير أن تغوّل الحوثيين كان سببًا في استعادة اليمنيين لوعيهم، وكشف الترتيبات التي جرت بين المليشيات الحوثية ومليشيات الإخوان، والتخادم الذي استمر منذ فبراير /شباط 2011، وحتى اليوم في جبهات القتال.
الأمر الذي جعل عددا من ثوار فبراير/شباط أنفسهم يصفونها بأنها "ناقصة وغير مكتملة"؛ عطفًا على تمكن الطبقة الانتهازية التي سحبت البساط من تحت الشباب الثائر النقي، واستثمرت باسمه، بل وتاجرت وتسولت.