فيضانات اليمن.. «العين الإخبارية» ترصد ساعات الرعب في الحديدة

مأساة متجددة للفيضانات في الحديدة اليمنية التي عاش سكانها، السبت، ساعات رعب وخوف تحت أمطار غير معهودة ورياح شديدة وصواعق رعدية.

فالفيضانات التي تضرب عدة محافظات منذ أسابيع، تركت لوحة قاتمة في المحافظة الساحلية التي تعرضت قبل أيام لموجة أمطار غير مسبوقة خلفت عشرات القتلى ومئات المتضررين وتكررت اليوم فصول ذات المشهد دون وجود إحصائية للضحايا في مناطق سيطرة الحوثي.

أما المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية، فأعلنت السلطات في حيس عن قتيل و6 مفقودين وتضرر أكثر من 9 آلاف شخص في فيضانات اليوم التي ضربت أيضا المناطق الشمالية والغربية وامتدت إلى شرق البلاد لكن بشكل متفاوت الحدة، كما هو حال مأرب. 

رعب تحت العواصف

"كانت ليلة مرعبة، اعتلت فيها صرخات الأطفال وامتزجت دموع الاستغاثات بمياه الأمطار الذي تدفقت إلى داخل المنزل مع رياح عاتية وعواصف رعدية"، هكذا وصف مواطن بالحديدة لـ"العين الإخبارية" مشهد معاناته مع عائلته خلال يوم عصيب في مواجهة الفيضانات.

وقال إنه "عاش مع أسرته ليلة مليئة بالرعب من أصوات الصواعق الرعدية والرياح والأمطار الشديدة التي استمرت لأربع ساعات متواصلة وكان منسوبها يبدو الأكثر شدة من السابق إذ لم تنجو منه حتى المحال التجارية في الشوارع الرئيسية للمدينة على البحر الأحمر".

وحصلت "العين الإخبارية" على صور ومشاهد توثق غرق مركبات وبسطات البيع المتجولة ومنازل في الحديدة فيما سخر مواطنون من مشروع الحوثيين لتصريف مياه الصرف الصحي في المدينة والذي كشف قبح المليشيات ونهبها للأموال بمشاريع لا وجود لها على أرض الواقع. 

وأدت الأمطار لارتفاع منسوبات السيول، إذ غمرت الأحياء السكنية وأزقة الحارات وحاصرت الكثيرين داخل المنازل، فيما كانت المنازل الشعبية المشيدة في مستويات الأرض كما هو حال الكثير من منازل مدينة الحديدة هي الأكثر تضررا من الفيضانات التي غمرت معظمها وأتلفت أجهزة وأثاث ومواد غذائية وحتى الملابس الشخصية.

كما سقطت لوحات إعلانية كبيرة إثر الرياح الشديدة، وانهارت منازل سكنية بعد تشقق أسقفها وتسرب الأمطار الغزيرة للداخل، وتحول الشارع الحيوي في قلب مدينة الحديدة إلى حالة من الفوضى، حيث اختلطت فيه المياه بالمخلفات والقمامة وركام المنازل المنهارة.

وتضررت بشدة المحلات التجارية بالقرب من سوق المطراق بشارع صنعاء، فيما أطلق مواطنون في الحديدة بينهم صحفيون نداءات استغاثة رصدتها "العين الإخبارية"، لمساعدتهم بعد أن غرقت منازلهم وأتلفت كل مدخراتهم وممتلكاتهم وسط أمطار مستمرة.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون ورواد مواقع التواصل الاجتماعي جرف السيول لسيارة وشاحنة قطع أصحابها السيول التي تدفقت لخطوط رئيسية وأودية.

كما سجلت حوادث انجراف أخرى في الخط الحيوي الرابط بين بلدتي "زبيد" و"الحسينية" إلى الجنوب من المحافظة الساحلية، وأبلغ ناشطون عن ضحايا ومفقودين في عدة مناطق في الحديدة من الأجزاء الخاضعة للحوثيين.

وأكدت مصادر رسمية انهيار الجسر الخرساني في بلدة "المسعودي" في مديرية بيت الفقيه جنوبي الحديدة إثر عدم صيانته من قبل مليشيات الحوثي، مما عرض أعمدته الجنوبية للتشقق والانهيار تحت الفيضانات بعد أكثر من 50 عاما على تشيده لربط تعز الحديدة.

كما أعلنت المدارس والمعاهد الفنية في الحديدة إيقاف العملية التعليمية والدراسة نظرا للأحوال الجوية السيئة واستمرار هطول الأمطار وذلك "حفاظا على سلامة الطلاب والطالبات من الأمطار" والفيضانات.

مفقودون ومئات العائلات المتضررة

سجلت الحكومة اليمنية قتيلا وعدة مفقودين وتضرر مئات الأسر في 13 قرية في مديرية حيس المحررة فقط اليوم، وذلك بعد توثيقها تضرر 5 آلاف و583 أسرة نازحة في فيضانات يومي 6 و8 أغسطس/ آب الجاري. 

وأكد مدير عام مديرية حيس المعين من الحكومة اليمنية مطهر القاضي أن "تفجير مليشيات الحوثي للجسور التي تمر من تحتها سيول الأودية وكذلك العَبّارات في المديرية يعد سببًا رئيسًا في إحداث الكوارث للمواطنين في ريف المديرية".

وأوضح المسؤول المحلي أن "سيول وديان حيس تواجه إعاقة كبيرة أثناء تدفقها، نتيجة تفجير وتدمير الجسور والعبث بالبنية التحتية، وإغلاق مجاري الأودية من خلال استحداث السواتر الترابية من قبل الحوثيين".

وأضاف "أن التخريب الحوثي حرف مجرى السيول نحو القرى المكتظة بالسكان، مما أحدث أضرارًا جسيمة في الممتلكات، وكبد المواطنين والمزارعين خسائر مادية كبيرة".

وكشف عن فيضانات اليوم خلفت "أكثر من 6 أشخاص مفقودين، وقتيل واحد فيما بلغت الأسر المتضررة أكثر من 1527 عائلة في 13 قرية طالتها السيول والفيضانات، كما تضررت منازل ومساكن ومخيمات النازحين، وتركزت الأضرار في مجالات الغذاء والإيواء والمواشي والمزارع".

وكانت الأسابيع الماضية شهدت مقتل 98 شخصا وإصابة 600 آخرين في الفيضانات التي أثرت أيضا على نحو 695 ألف أسرة بشكل مباشر، ودمرت منازلها وأفقدتها مصادر رزقها وسبل عيشها، وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة.

وحذر المركز الوطني للأرصاد الجوية في اليمن من أمطار مصحوبة بعواصف رعدية على أجزاء من الحديدة وحجة وصنعاء وأجزاء من محافظات المحويت وعمران وريمة وحضرموت وتعز وذمار، وتوقع هطول أمطار رعدية متفاوتة الشدة في المهرة، شبوة، البيضاء، الجوف ومأرب.