صراع النفوذ والمال.. خلافات عميقة تضرب صفوف مليشيا الحوثي
حدة الخلافات بين أجنحة النفوذ الحوثية تصاعدت مجددا بالتزامن مع رسائل دولية حمّلت بشكل واضح المليشيا مسؤلية إفشال تنفيذ اتفاق السلام
تصاعدت حدة الخلافات بين أجنحة النفوذ الحوثية مجددا بالتزامن مع رسائل دولية حمّلت بشكل واضح المليشيات، مسؤولية إفشال تنفيذ اتفاق استوكهولم وإعاقة أي تقدم نحو السلام.
وضمن سياق يمهّد للإطاحة بمهدي المشاط رئيس ما يعرف بـ"المجلس السياسي الأعلى"، أعلنت المليشيا إضافة كل من محمد علي الحوثي رئيس "اللجنة الثورية العليا" الكيان الموازي له بالحكم، والأقوى تأثيرا، والقيادي أحمد غالب الروهي إلى قوام المجلس الانقلابي.
- 3 أشهر على اتفاق ستوكهولم.. الحوثي ما زال يغتال فرصة السلام باليمن
- الاستيلاء على نادي الضباط بصنعاء.. الحوثي يشتري ولاء مليشياته بممتلكات الدولة
وفي 20 يناير/كانون الثاني 2015، سيطرت مليشيا الحوثي على القصر الجمهوري (المجمع الرئاسي) بصنعاء، ومن داخله حكمت ما تسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" التابعة لها لأكثر من عام قبل الإعلان عن تشكيل ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى".
ووصفت وسائل إعلام حوثية ذلك بأنه توجه لـ"توحيد القرار"، بينما قالت مصادر متطابقة لـ"العين الإخبارية"، إنه توجه من زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي لإزاحة المشاط وإحلال بدلا منه محمد علي الحوثي الذي نصب نفسه بالحاكم الرئيسي.
و"المجلس السياسي الأعلى" يعد بمثابة رئاسة البلاد، في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.
وطبقا للمصادر، فإن الخطوات الحوثية جاءت على خلفية عدم التوافق حول انسحاب المليشيا من مدينة وموانئ الحديدة (غرب) بحسب اتفاق استوكهولم ما أكد لأعضاء مجلس الأمن أنها الطرف المعرقل للاتفاق.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت الأمم المتحدة توصل الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي لاتفاق بالعاصمة السويدية استوكهولم على تبادل أكثر من 16 ألف أسير.
واتفاق آخر حول محافظة الحديدة يشمل وقفاً لإطلاق النار في المحافظة وانسحاب مليشيا الحوثي من مينائها الذي يشكل شريان حياة لملايين اليمنيين، كما توصلت لتفاهمات حول التهدئة وفتح المعابر في محافظة تعز (جنوب غرب) خرقتها المليشيا الحوثية بين الحين والآخر.
ووضعت مليشيا الحوثي عشرات العراقيل أمام تنفيذ الاتفاق على الرغم من الضغوط الدولية المكثفة والتحركات المكوكية للمبعوث الأممي مارتن جريفيث، من أجل إقناع المليشيا بتنفيذه.
وأضافت المصادر أن مليشيا الحوثي وخلفها نظام طهران، حمّلا الجناح الذي يقوده المشاط مسؤولية الموافقة على المرحلة الأولى من إعادة الانتشار وإحراجهما أمام المجتمع الدولي، في وقت كان موقف الجناح العسكري الحوثي الرفض الواضح لأي عملية انسحاب.
وفي خطوة جاءت لتدارك موقف الجماعة والتخوف من نذر معركة حسم وشيكة بالحديدة، هرع محمد علي الحوثي للقاء رئيس لجنة إعادة الانتشار، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسجارد؛ بحثا عن فرصة أخرى لتنفيذ الاتفاق.
وأشارت إلى أن ذلك مراوغة جديدة وأن جناح "محمد علي الحوثي" صاحب النفوذ الأكبر في الجماعة وهو من يسيطر على عملية اتخاذ القرار في جبهات القتال، وقد عمد لتصعيد هجماته العسكرية منذ سريان وقف إطلاق النار بالحديدة.
ووصف تقرير سابق للجنة خبراء مجلس الأمن، عبدالملك الحوثي، بأنه الرجل الأول في هيكل القيادة، ورئيسي ما يعرفا بـ"المجلس السياسي الأعلى" و"اللجنة الثورية العليا" بالأعضاء الذين يشكلون تحديا أمام عودة السلطات.
وفي سياق الخلافات حول النفوذ والسيطرة، اختطف قيادي حوثي عددا من عناصر مليشيا جماعته، في محافظة إب وسط اليمن، وأودعهم سجنا خاصا في مديرية جبلة في ذات المحافظة.
وأوضحت مصادر يمنية أن القيادي في المليشيات المكنى بـ"أبو رامي" اختطف مجموعة حوثيين من إحدى النقاط الأمنية بمنطقة قحزة غربي مدينة إب.
وأضافت أن السبب في ذلك، يعود لخلافات شخصية، مع قيادي آخر يدعى عبد الحافظ السقاف، الذي عينته المليشيا مديرا لأمن محافظة إب حول تقاسم النفوذ والمال.
وتضرب الجماعة الإرهابية المدعومة من إيران، موجة انقسامات حادة بشأن النفوذ السياسي والموارد المالية في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها، وقد لجأت بشكل مستمر للاقتتال واستغلال نفوذها الأسري لإخضاع منافسيها من الأجنحة الأخرى.
وقبل أسابيع، أطاحت مليشيا الحوثي بوزير المالية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها حسين مقبولي، وعينت المدعو رشيد عبود أبو لحوم خلفا له.
وبحسب المصادر، فإن صراعا خفيا دار بين مقبولي والقيادي الحوثي هاشم الشامي رئيس ما يسمى بـ"مصلحة الضرائب" بعد نهب الأخير مبلغ 150 مليار ريال يمني، تمت جبايتها من نقاط جمركية افتتحتها المليشيا في مداخل المحافظات الخاضعة لسيطرتها.
الشامي، الذي ينتمي لأسرة حوثية تحمل ذات الاسم، وتتمتع بنفوذ كبير في الجماعة، رفض توريد المبلغ لمالية الانقلاب، وذهب للحصول على قرار يطيح بوزير المالية، أحد المقربين من محمد علي الحوثي، فيما رد الأخير بالتمهيد للهيمنة على قرار "المجلس الأعلى" وإزاحة الفاعلين بالأجنحة الأخرى.
وفي 21 سبتمبر/أيلول 2014، اجتاح الحوثيون العاصمة صنعاء وهو اليوم الذي غيّر ملامح اليمن، وأدخلها في حرب متصاعدة، أسفرت عن مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 3 ملايين نسمة وانهيار الاقتصاد.
غير أن موازين القوى داخل البلاد تبدلت منذ الإعلان عن تحالف عسكري عربي في مارس/آذار 2015 تقوده السعودية لدعم القوات الحكومية اليمنية في مواجهة مليشيا الحوثي.