الحوثيون "يفخخون" مبادرات السلام.. غريفيث يغادر المهمة "يائسا"
مبعوث أممي تلو الآخر يغادر مهمة تحقيق السلام باليمن، دون اختراق في جدار التعنت الحوثي الذي يُصر على وأد أحلام اليمنيين في سلام يخلصهم من أتون حرب أشعلتها مليشيات إيران.
مليشيات مصرّة على الحرب مهما كلفت اليمنيّين الأبرياء، تفخخ كل مبادرة للسلام بشروط مستحيلة، وتضع العصيّ في دواليب أية مبادرة، تطبيقا لأجندات خارجية وحسابات نفوذ إقليمي، يناور ببعثرة أوراق المنطقة.
فقد ختم المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث مهمته بإحاطة وداعية لمجلس الأمن حملت مضامين كثيرة، أهمها فشل محاولته الأخيرة لإقناع الحوثيين بقبول السلام.
وجاءت إحاطة غريفيث أمس الثلاثاء، في وقت تتزاحم فيه المحاولات الدولية لإقناع المليشيات الحوثية بالانصياع إلى لغة السلام، وبناء عملية تفاوضية تنهي الحرب والانقلاب والأزمة الإنسانية في اليمن.
غريفيث يضع العصا
وكان غريفيث أعلن في اجتماع مجلس الأمن رفض مليشيات الحوثي وقف إطلاق النار وإصرارها على تجزئة الحل السياسي من خلال مطالبتها باتفاقية منفصلة حول الموانئ والمطار، كشرط مسبق لمحادثات وقف إطلاق النار والعملية السياسية.
في المقابل جددت الحكومة اليمنية الشرعية موقفها تجاه عملية السلام وتعاطيها الإيجابي مع كل المبادرات التي تقابل برفض وتعنت وتصعيد المليشيات الحوثية التي تتحدى كل جهود المجتمع الإقليمي والدولي تنفيذا لأجندة ورغبات النظام الإيراني.
وحملت الحكومة اليمنية ميليشيات الحوثي، المسؤولية الكاملة عن عرقلة وإفشال تلك الجهود والاستمرار في حربها العبثية، مؤكدة في الوقت نفسه أن يدها ستضل ممدودة للسلام لأنها تؤمن بأن الشعب اليمني العظيم يستحق العيش في أمن وسلام وازدهار.
وفي هذا المنحى رحب مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة عبد الله السعدي بكل المبادرات الساعية لإنهاء الصراع التي قدمتها الأمم المتحدة والمبادرة السعودية، إضافة إلى جهود الإدارة الأمريكية عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركنج، وكذلك الدور الذي تلعبه سلطنة عُمان.
المندوب اليمني أكد في اجتماع مجلس الأمن على وقف إطلاق النار الشامل كأهم خطوة إنسانية تساهم في معالجة كافة القضايا الإنسانية والاقتصادية ومنها إعادة فتح مطار صنعاء، وتسهيل وصول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة وفقًا لاتفاق ستوكهولم واستئناف العملية السياسية لإنهاء هذه الحرب.
شروط مفخخة
وتشترط مليشيات الحوثي فتح مطار صنعاء دون قيود، وكذلك ميناء الحديدة، لتدفق الدعم اللوجستي والاحتياجات الخاصة بها ومنها الوقود الذي يمثل جزءا من تمويل عملياتها الحربية ضد اليمنيين وذلك قبل الحديث عن وقف إطلاق النار.
واعتبر خبراء عسكريون وسياسيون الموقف الحوثي الرافض لعملية السلام ووضع اشتراطات باتفاقيات منفصلة تحت مسمى الملف الإنساني محاولة لنسف مشروعية الضوابط المفروضة على حركة الملاحة البحرية والجوية في صنعاء والحديدة.
وأكد الخبراء في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية " أن المليشيات الحوثية بإصرارها على فصل ميناء الحديدة عن اتفاقية ستوكهولم تسعى إلى تثبيت واقع جديد تحت مسمى الملف الإنساني، بينما هي لن تقبل بأي سلام كما فعلت بعد توقيع اتفاقية السويد حول الحديدة.
وأوضح القيادي في حزب التنظيم الناصري مجيب المقطري، أن ميناء الحديدة له وضع خاص، حدده اتفاق ستوكهولم، وينص على ذهاب عائدات الميناء إلى حساب رواتب الموظفين في البنك المركزي بالحديدة، غير أن المليشيات حولت هذه العائدات لتمويل عملياتها العسكرية.
وحول مطار صنعاء قال المقطري لـ"العين الإخبارية" إن المليشيات تستخدم المطار كورقة إنسانية لرفعها حين يتم مطالبتها بوقف إطلاق النار، مع أن المطار مفتوح للعمليات الإنسانية واستئناف حركة الملاحة فيه تحت إدارة المليشيات/ ودون ضوابط يعني توفير خط إمداد عسكري للمليشيات من الخارج.
وبين المقطري أن عملية السلام مصفوفة متكاملة لا يمكن تقسيمها إلى اتفاقيات منفصلة، وملف مطار صنعاء وميناء الحديدة هو نتيجة للحرب التي صنعها الانقلاب الحوثي، وأي حلول لهذا الملف لا تبدأ بإنهاء الحرب والانقلاب والدخول في ترتيبات سلام يتشارك في صناعتها كل القوى اليمنية لن يكتب لها النجاح .
المقطري بيّن أيضا أن بنود اتفاق ستوكهولم التي ترفض المليشيات الحوثية تنفيذها تمثل مدخلا للوصول إلى سلام شامل، كون هذه البنود تنهي أهم الملفات الإنسانية والمتمثلة في ملف الأسرى والمحتجزين وملف مرتبات موظفي الدولة، التي تنهبها المليشيات منذ 3 سنوات.
أما الخبير العسكري العميد جميل المعمري، فاعتبر أن ما قامت به مليشيات الحوثي من استهداف لمأرب بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الملغومة، كان ردا كافيا على الوساطات الدولية، سواء العمانية أو التحركات الأممية والأمريكية التي تهدف لإيقاف الحرب والتوجه إلى اتفاق سلمي تصنعه طاولة المفاوضات.
ورأى العميد المعمري أن كل هذا يؤكد أن المليشيات الحوثية لا يمكن أن تنصاع لأية جهود سلمية، وأن هذه الجماعة الإرهابية لا تنمو إلا في مستنقعات الحرب وهذا ما ثبت خلال الفترة الماضية.
الخبير العسكري نفسه أشار إلى أن الجهود السلمية الكبيرة التي بذلت خلال الأيام الماضية باءت بالفشل، ودعا الوسطاء العمانيين والأمريكيين إلى الإعلان للعالم أن هذه المليشيات، لا يمكن أن تقبل بأي عملية سلمية أو تفاوضية.
وقال العميد المعمري إن التصعيد الحوثي مؤخرا يعد رفضا كذلك للدعوات الأمريكية، التي شددت على وقف فوري وشامل لإطلاق النار، كون المليشيات الحوثية واضحة في نهجها غير السلمي.
استراتيجية الحوثي
فالمليشيات -بحسب المعمري- تسعى إلى فصل الحلول عن بعضها، وأن يكون هناك فتح للمطارات والموانئ لتأمين وصول الدعم إلى جبهاتها، ومن ثم تفكر في الموافقة على الحلول السلمية أو الدخول في المفاوضات.
وأكد أن المليشيات تخسر فرصة ثمينة لوقف إطلاق النار، في حالة رغبت في السلام، مشيرا إلى أن الخطوات التالية سيتم الاتفاق عليها لاحقا، كموضوع الأسرى وشكل الدولة القادمة ضمن حلول منصفة للجميع.
وأرجع المعمري تعنت المليشيات إلى إدراكها أنها لا تملك حضورا على أرض الواقع، يمكّنها من تحقيق مكاسب سياسية في أي اتفاق مقبل؛ لذلك تصر على إبقاء فرضها للأمر الواقع بقوة السلاح.
وحول البديل بعد فشل جهود السلام، أوضح الخبير العسكري أنه يتمثل في منح القوات الحكومية والمشتركة والمقاومة الضوء الأخضر لتحرير بقية المناطق الساحلية، وهذا الخيار الوحيد الذي سيرغم الانقلابيين على الانصياع والعودة إلى طاولة الحوار.
ودعا العميد المعمري الحكومة إلى إلغاء اتفاق ستوكهولم، والسماح للقوة العسكرية في الساحل الغربي أن تلعب دورها مع هذه المليشيات التي لا تفهم إلا لغة القوة، حسب تعبيره.