"الفصل" الحوثي.. جدار عنصرية ونزيف عقول بجامعة صنعاء
حواجز إسمنتية يشيدها الحوثي بجامعة صنعاء تتخذها المليشيا جدرانا للفصل العنصري بين الطلاب ومصدرا للكسب المالي ومعولا لخراب العقول.
صورة توثق تقسيم الانقلابيين للقاعات الدراسية في جامعة صنعاء بواسطة بناء خرساني عبثي، فجرت جدلا غير مسبوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها ناشطون ومسؤولون بمثابة "جدار للفصل بين الطلاب والطالبات" على ضوء تصاعد انتهاكات مليشيا الحوثي ضد النساء وتقيد حرياتهن وعملهن.
وسارعت مليشيات الحوثي، عبر أبواقها ووسائل إعلامها، لنفي التهمة والتهجم على ردود فعل مناهضيهم، زاعمة أنها إحدى وقائع ما وصفته بـ"التظليل والتزييف"، وسارعت بتوظيف انتهاكها لتتنصل من جرائمها بحق النساء والتي تلاقي تنديدا حقوقيا محليا ودوليا واسعين.
وبعيدا عن الروايتين ومحاولات الحوثي المتعمدة لإثارة الرأي العام وحرف مساره لحجب جرائمه الإنسانية، تحققت "العين الإخبارية" من الصور المتداولة، وتأكدت بالفعل من تشيد المليشيات جدار تقسيم قاعات التعليم في مباني تابعة لـ"كلية الترجمة واللغات" بجامعة صنعاء ضمن مصادر للتربح والإثراء، وتطبيق مناهجها الظلامية من أجل نمط مجتمعي يلائم فكرها المتطرف.
رسوم وثقافة إيران
في أحد أهدافه، يرمي الحوثي من خلال تشييد الجدار إلى فصل قاعات دراسية إضافية من مبنى "مركز الترجمة وتعليم اللغات"، يستثمرها مشرفو الانقلابيين في دورات وبرامج شهرية لتدريس اللغات مقابل رسوم مالية باهظة، بحسب إفادات منفصلة لطلاب وأكاديميين تحدثوا لـ"العين الإخبارية".
كما تستغلها المليشيا الانقلابية منصة لترويج الثقافة الإيرانية عبر تخصيص دورات شهرية وأسبوعية مكثفة، برسوم رمزية، بالتنسيق مع قسم اللغة الفارسية المستحدث مؤخرا وتخرج منه العام الماضي أولى الدفعات باسم الإرهابي قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس الذي قتل في عملية أمريكية في العراق.
وكانت مليشيات الحوثي قد استحدثت هذا القسم على أنقاض عدة أقسام لتدريس اللغات الأجنبية توقفت عقب نهبها لمرتبات الكادر الأكاديمي، فضلا عن ملاحقة واختطاف العديد منهم.
وبحسب المصادر نفسها، فإن المليشيا الحوثية حولت "مركز الترجمة وتعليم اللغات" التابع لكلية اللغات إلى معهد تجاري، تجني من خلاله ملايين الريالات اليمنية، فضلا عن مبالغ تفرضها على خدمات الترجمة للمنظمات والبنوك الدولية والمحلية.
وأوضحت أن حقيقة الصور المتداولة هي تقسيم لنحو 20 قاعة دراسية كبرى في مبنى المركز المؤلف من 3 طوابق، وتحويلها إلى قاعات مصغرة مستقلة تنتهك بشكل واضح بيئة التعليم الجامعي.
ويعتبر المركز الجهة الرسمية الوحيدة المعترف بها دوليا في أعمال الترجمة، وكان قبل الانقلاب الحوثي أواخر 2014، يعمل على تأهيل طلاب الثانوية العامة، وتوفير فرصة لبقية طلاب جامعة صنعاء لتعلم اللغات الأجنبية خصوصا الإنجليزية الأكثر حضورا بسوق العمل.
لكن عقب توجه المليشيا مؤخرا لخصخصة التعليم الجامعي، لاسيما في جامعة صنعاء لتوفير مصادر دخل إضافية لخزينتها الحربية، لجأت للتربح من جيوب أكثر من 3000 طالب يتقدمون شهريا لدورات وبرامج لتعليم اللغة الإنجليزية الألمانية والفرنسية ومؤخرا الفارسية.
وقال طالب في جامعة صنعاء لـ"العين الإخبارية"، إنه بفعل الإقبال الكبير على دورات التربح في مركز الترجمة واللغات، كانت تقام في قاعات دراسية خاصة بطلاب أقسام كلية اللغات قبل أن تبتكر مخطط تقسيم القاعة إلى قاعتين دراسيتين، كطريقة للإثراء وتشويه بنية التعليم الجامعي.
ومن المتوقع أن تتضاعف أعداد القاعات الدراسية وبالتالي توفير أماكن إضافية لاستيعاب آلاف الطلاب في دورات وبرامج تعد بمثابة وجبات خفيفة ونموذجا لأوسع عملية تربح من التعليم.
وكانت مصادر أكاديمية في جامعة صنعاء تحدثت، في وقت سابق لـ "العين الإخبارية"، أن مليشيات الحوثي جمعت ما يزيد عن 3 مليون دولار أمريكي في العام الجديد، وأنشأت أقساما جديدة بنظام "النفقة الخاصة" في كلية الطب ورفعت القدرة الاستيعابية بنسبه 400%.
نزيف العقول
وتعليقا على الانتهاكات الحوثية، نددت الحكومة اليمنية بعملية فصل قاعات الدراسة في الجامعات الحكومية بالعاصمة المختطفة صنعاء، واعتبرته استغلالا للطلاب ومباني الدولة، وتصرفات إرهابية.
وقالت الحكومة على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الأرياني، إن ممارسات مليشيا الحوثي الإرهابية لفصل الطلاب تعكس همجيتها ومحاولاتها العبثية لاستغلال سيطرتها الطارئة على صنعاء وعدد من المحافظات، لتكريس وفرض عقيدتها وأفكارها المتطرفة.
ودعا الوزير اليمني، في سلسلة تدوينات في "تويتر"، العالم لإدانة ورفض عبث مليشيا الحوثي بالجامعات، والوقوف إلى جانب اليمنيين لاستعادة بلدهم والانعتاق من المصير الأسود والقاتم الذي يتهددهم ويتربص بالأجيال المقبلة.
وباليومين الماضيين، ترأس رئيس حكومة اليمن، معين عبدالملك، أول اجتماعات المجلس الأعلى للتعليم العالي منذ 6 سنوات، لمناقشة أوضاع الجامعات ومنتسبيها في المناطق المحررة و الخاضعة لمناطق سيطرة الحوثي.
وأقرت الحكومة تشكيل لجنة فنية لتقييم كافة الكليات والمراكز والبرامج المستحدثة ومدى موائمتها للوائح والقوانين، كما أقرت برنامج التعليم المدمج المقدم من جامعة عدن.
وقال عبدالملك إن التعليم يعد أكثر القطاعات تضررا من الانقلاب الحوثي، محذرا من أن انتهاكات المليشيات بحق الجامعات الحكومية تستهدف نزيف العقول، ولا تقل خطورة عن نزيف الدماء جراء الحرب ضد الشعب اليمني تنفيذا لأجندة داعميها بطهران.
ووصف رئيس الحكومة انتهاكات الانقلابيين بـ"التصرفات الإرهابية"، مطالبا المجتمع الدولي بالتصدي لها بجدية، والضغط على مليشيا الحوثي لوقف إرهابها القاسي ضد التعليم والجامعات الحكومية خدمة لأجندتها المتطرفة والإرهابية.
aXA6IDE4LjE5MS4xODkuMTI0IA== جزيرة ام اند امز