من غزة لطهران.. 5 «زلازل هزت» الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر

مع اندلاع شرارة حرب غزة، في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، انفجرت خارطة المنطقة، فلم تكن الضربات محصورة في غزة، بل امتدت شظاياها نحو كل الاتجاهات دفعة واحدة.
فمن إيران وسوريا مرورا باليمن ولبنان، لم تكن أي من تلك البلدان بمنأى عن شظايا حرب غزة، التي سعت إسرائيل في أعقابها إلى «إعادة ضبط عقارب الصراع من اليمن إلى إيران، عبر تقليم أظافر طهران في المنطقة»، بحسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية.
فتحت رائحة البارود التي أزكمت الأنوف منذ حوالي 21 شهرا، عاشت المنطقة 6 أحداث كبرى، بدءًا من الحروب في غزة ولبنان، وصولًا إلى الصراع المتصاعد بسرعة مع إيران الذي يُفكّر الرئيس دونالد ترامب في الانضمام إليه.
فما هي هذه الأحداث؟
هجوم حماس (1)
تقول صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إن الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل والحرب التي تلته في غزة كان لهما تأثيرات غير مباشرة على إيران وسوريا واليمن ولبنان، وكذلك خارج منطقة الشرق الأوسط.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، هاجمت حماس إسرائيل من غزة، مستهدفة مواقع عسكرية ومستوطنات جماعية تُعرف بالكيبوتسات ومهرجانًا موسيقيًا.
وبينما جرى إطلاق سراح أكثر من نصف الرهائن المحتجزين منذ ذلك الحين، معظمهم في صفقات تبادل في وقت مبكر من هذا العام وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قُتل العشرات غيرهم - بمن فيهم من لقي مصرعهم في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول ونُقلت جثثهم إلى غزة، وآخرون ماتوا في الأسر.
وكان من المفترض أن تؤدي المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا العام إلى تأمين إطلاق سراح نحو 20 رهينة يعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة في غزة، لكن إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار في منتصف مارس/آذار.
الحرب في غزة (2)
بعد أيام من هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تعهدت إسرائيل بتدمير حماس وأعلنت «حصارًا شاملًا على غزة»، التي كانت بالفعل تحت الحصار منذ ستة عشر عامًا. وسرعان ما تبع ذلك غزو بري.
وعلى مدار العام الماضي، قتلت إسرائيل العديد من كبار شخصيات حماس، بمن فيهم إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة في إيران في يوليو/تموز؛ وقائد الجناح العسكري للحركة، محمد ضيف؛ ويحيى السنوار، مهندس وقائد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد استنزفت الحملة الإسرائيلية القوة العسكرية لحماس وأوجدت فراغًا قياديًا داخل غزة.
وكان للحرب أيضًا تأثير مدمر على الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة، فوفقًا لوزارة الصحة في غزة، أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل أكثر من 55 ألف شخص وإصابة ما يقرب من 130 ألفًا آخرين.
وتحدثت الهيئات الدولية مرارًا وتكرارًا عن خطر المجاعة داخل القطاع، حيث حذّر الأطباء وخبراء التغذية من المخاطر الصحية التي سيواجهها الأطفال الناجون من الحرب مدى الحياة. وتقول الأمم المتحدة إن 90% من سكان غزة قد نزحوا، دون الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء، والمأوى، والخدمات الطبية، والتعليم.
وفي الوقت نفسه، أدت عمليات الاستيلاء الإسرائيلية على الأراضي وتوسيع المستوطنات وهدم المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة إلى أكبر التغييرات الإقليمية في المنطقة منذ عقود.
الحوثيون على الخط (3)
في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلن الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن أنهم سيستهدفون حركة الملاحة في البحر الأحمر رداً على تصرفات إسرائيل في غزة.
وقد تسببت هجماتهم في تعطيل كبير لأحد أكثر طرق الشحن ازدحامًا في العالم، حيث اختارت ما يصل إلى 12 من كل 14 سفينة حاويات، إلى جانب حصة كبيرة من ناقلات النفط والغاز، السفر حول جنوب أفريقيا بدلاً من المخاطرة بالرحلة الأقصر بكثير نحو قناة السويس، كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست في ديسمبر/كانون الأول 2023.
لكن إنشاء تحالف بحري متعدد الجنسيات لحماية الشحن التجاري وأشهر من الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة لم تفعل الكثير لردع الحوثيين، حيث سجل البنتاغون 190 هجوما على السفن العسكرية الأمريكية أو الشحن التجاري قبالة سواحل اليمن بحلول يونيو/حزيران 2024.
وفي مايو/أيار من هذا العام، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستنهي حملتها ضد الحوثيين، قائلاً إن الجماعة وافقت على إنهاء هجماتها على السفن الأمريكية، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه سلطنة عمان.
الصراع يمتد إلى لبنان (4)
تضامنا مع حماس، شن حزب الله اللبناني المدعوم من إيران هجمات على إسرائيل، مما أدى إلى اندلاع ما يقرب من عام من القتال المنخفض المستوى عبر الحدود بين لبنان وتل أبيب.
إلا أن إسرائيل صعدت هجماتها على حزب الله، بما في ذلك هجوم البيجر، مما أسفر عن مقتل أو إصابة ما يصل إلى 3000 من ضباط وعناصر حزب الله، إلى جانب عدد غير معروف من المدنيين، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين وأمريكيين وشرق أوسطيين.
كما نفذت إسرائيل ضربات أسفرت عن مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله، ومسؤولين كبار آخرين؛ ولاحقًا غزو بري لجنوب البلاد. وانتهت الحرب بوقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني.
لكن الحرب عصفت بلبنان أيضًا؛ فوفقًا لإحصاء القتلى الصادر عن وزارة الصحة اللبنانية آنذاك، قُتل ما لا يقل عن 3768 شخصًا جراء الغارات الإسرائيلية في لبنان بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 وبدء وقف إطلاق النار - أكثر من ربعهم من النساء والأطفال.
سوريا والإطاحة بالأسد (5)
ووسط التطورات السريعة في الشرق الأوسط، تمكنت قوات المعارضة من الإطاحة بنظام بشار الأسد، ليتولى أحمد الشرع رئاسة البلد العربي مؤقتا.
وبعد أسابيع من إزاحة الأسد، التقى الرئيس السوري الجديد بترامب، الذي أعلن رفع العقوبات عن سوريا.
ورغم أن الإطاحة بالأسد لم تكن نتيجة مباشرة لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقد تمكنت المعارضة السورية من الاستفادة من ضعف داعميه الرئيسيين: إيران وحزب الله، وروسيا المنشغلة بحربها في أوكرانيا.
كما استغلت إسرائيل سقوط الأسد، فاستولت على مواقع عسكرية داخل الأراضي السورية في غضون ساعات من استيلاء المتمردين عليها، وأعلنت في وقت لاحق أن القوات الإسرائيلية سوف تحتل منطقة عازلة داخل سوريا في المستقبل المنظور.
إسرائيل وإيران في مواجهة مباشرة (6)
بدأت إيران وإسرائيل تبادل الضربات العلنية عام 2024، والتي اندلعت في البداية إثر غارة إسرائيلية قاتلة على القنصلية الإيرانية في دمشق.
لكنّ صراعهما دخل مرحلة أوسع وأكثر حدة في يونيو/حزيران، حيث هاجمت إسرائيل مواقع نووية وعسكرية إيرانية، فيما أطلقت إيران وابلًا من الصواريخ الباليستية أصاب مواقع عسكرية -كذلك-.
تُمثل هذه الهجمات أطول قتال مباشر على الإطلاق بين الخصمين الإقليميين. لكنها تأتي في وقتٍ تُضعف فيه إيران - مع مقتل عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء الإيرانيين في هجمات إسرائيل في يونيو/حزيران، ومعاناة الجماعات التي شكلت ما يعرف بـ«محور المقاومة»، بما في ذلك حماس وحزب الله ونظام الأسد والحوثيين - من انتكاسات أيضًا.
والآن، مع تفكير ترامب علناً فيما إذا كان سيضرب إيران ويجر واشنطن إلى صراع جديد في الشرق الأوسط، هناك مخاوف من أن المنطقة الأوسع قد تنجر إلى هذا الصراع، حيث وصف أحد المحللين المواجهة الحالية بأنها «أسوأ الكوابيس التي أصبحت حقيقة».
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTY4IA== جزيرة ام اند امز