اليمنيون في ظل الانقلاب.. صراع العيش حتى الرمق الأخير
الانقلاب الحوثي يضع أكثر من 22 مليون يمني تحت خط الفقر.
وضع الانقلاب الحوثي نحو 22 مليون مواطن يمني بين رحى أزمات متوالية وجدوا أنفسهم منذ اليوم المشؤوم 21 سبتمبر 2014م وحتى اللحظة ينزلقون نحو الهاوية بسرعة جنونية، وسدت سبل العيش أمام القادرين على العمل.
وتقول تقارير الأمم المتحدة إن أعداد المحتاجين لمساعدات إنسانية ارتفع من 15 مليون و900 ألف مواطن في العام 2015 إلى 22 مليون و200 ألف مواطن في العام الجاري 2018م وهم بحاجة إلى 2 مليار و960 مليون دولار لكن سلطات الانقلاب لا تبالي لأحد في أزمة صنعتها بتفرد.
كفاح مرير
يكافح قاسم (40 عاما)، وأبنائه الـ3، الذين تتراوح أعمارهم بين 17-12 سنوات يوميا في جمع علب المياه والمشروبات الغازية الفارغة من طرقات وأسواق العاصمة صنعاء أملا في الحصول على مبلغ 750 ريالا يوميا بالمتوسط "دولار ونصف"، حيث يبيع ما جمعه إلى أحد محلات شراء العلب التي تعمل كوكلاء لتاجر يقوم بكبسها وتقطيعها وإعادة تصديرها إلى الصين حد قوله من أجل إعادة تدويرها.
سيجمع الأب وأبناؤه نهاية كل يوم مبلغا لا بأس به بالنظر إلى وضع اقتصادي مترد، يصل إلى 3 آلاف ريال يوميا بالمتوسط بما يعادل "6 دولارات و25 سنتا" لكنهم يستطيعون جمع أكثر من هذا المبلغ إذا كان ما يجمعونه العلب المعدنية "القصدير" وفقاً للوكيل.
و يتم شراء كيلوجرام العلب بمبلغ 450 ريالا أي أقل من دولار واحد، عوضا عن سعر الكيلو من القوارير البلاستيكية 50 ريالا للكيلوجرام، وبذلك يتمكن قاسم وعائلته البالغ تعدادها 7 أفراد من العيش بالرمق الأخير على الأقل.
بينما تخرج الأم إلى الأسواق وأمام المحلات التجارية والمنازل الكبيرة فجر كل يوم لتظفر ببعض الكراتين "منتجات التغليف" حتى تستخدمها كوقود في الطهي إذا عاد زوجها وأبناؤها بما يمكن طبخه أصلا، لكن هذا العيش يحرم الأطفال الـ3 من التعليم نهائيا، فليس بمقدورهم العيش لو ذهب أحدهم للتعليم وترك العمل الشاق الذي يبدأ منذ الدقائق الأولى للفجر.
لا أحد يبالي لقاسم وعائلته فهم مجرد علامة عشرية بين 22 مليون مواطن فقدوا الحق في الحياة بكرامة و الخدمات الأساسية بكاملها من كهرباء ومياه ورواتب إلى جانب وظائفهم ومصادر دخلهم وباعوا كل مدخراتهم في محاولة للعيش حتى الرمق الأخير.
ووفقا لخطتها الخاصة بالاستجابة الإنسانية للعام 2018 م التي تعتزم إطلاقها في إبريل القادم تقول الأمم المتحدة إنها يجب أن تشمل 13 مليوناً و100 ألف مواطن يمني، محذرة من أن 11 مليونا و300 ألف منهم ذوي احتياجات شديدة.
إلا أن قاسم الذي جند نفسه وأطفاله في مأساة يومية متكررة للظفر ما يعادل 4 دولارات تمكنهم من العيش، يقول إن مساعدات الأمم المتحدة تصل إليه مرة واحدة وتضل طريقها 4 أشهر قبل العودة مرة آخرى.
التعليم ليس خيارا أمام الجوع
يقول أحد التجار الذي يشغل هؤلاء الأطفال والدهم لصالحه متخذا من أحد المباني الكبيرة داخل أحد الأحياء السكنية بالعاصمة صنعاء مقراً له، إنه يوفر فرص عمل للأطفال وأسرهم للعيش بكرامة.
ويشير إلى أن التعليم ليس خيارا متاحاً للأطفال بينما يتهددهم الجوع كل يوم، فليس أمامهم سوى جمع العلب والقوارير البلاستيكية والمعدنية وبيعها له.
و يضيف:"إنه عمل لا يتطلب أي مهارة غير السرعة أو أن يذهبوا لأماكن وأشياء أخرى، لكن العمل نفسه لم يعد خيارا متوافرا حيث البطالة والجوع يخيمان في كل بيت ولم يعد أمامهم سوى جلب العلب المستخدمة وبيعها لنا ونحن نبيعها للوكيل".