على أرضية صلبة، وضع الجنوبيون نقطة انطلاق لرسم تطلعات المستقبل، بناء على الحوار ونبذ العنف والإرهاب وذلك خلال اللقاء التشاوري في عدن.
وعلى مدى 4 أيام، انخرط أكثر من 223 مندوبا وفقا لتمثيل يعتمد على المساحة والسكان لمحافظات الجنوب الـ8 في كتابة عهد جديد للجنوب يطوي ماضي الصراعات في لحظة تاريخية توجت بتشييد ميثاق وطني لكل الجنوبيين.
وشارك في اللقاء 23 مكونا سياسيا وعدد من الاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والمشايخ والشخصيات الاجتماعية والمستقلين.
جاهزون لخوض العملية السياسية
متحدث المجلس الانتقالي الجنوبي علي الكثيري أكد جاهزية الجنوب لخوض أي عملية سياسية مقبلة، لافتا إلى تفهم القوى الجنوبية التي لم تشارك في الحوار الجنوبي الجنوبي.
وقال الكثيري في تصريح لـ"العين الإخبارية": "نحن نتفهم موقف القوى التي اعتذرت ولم تشارك واعتقد أنه حوار مستمر وسوف يستمر معهم ولا يمكن أن نشيطنها ونتهمها والحوار يتسع للجميع".
وعن ما تشكله تحركات الجنوبيين من مخاوف، استبعد الكثيري وجود أي مبرر للمخاوف، مشيرا إلى أن المجلس الانتقالي هو شريك في مؤسسة الشرعية، والشرعية مطلعة ومدركة أن الانتقالي حين دخل في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة المعترف بها كان لديه مشروع وطني تحريري".
وأضاف: "نحن لا نرى أي مخاوف من جانب الشرعية ونحن نمضي مع الأشقاء مع التحالف العربي ومع كل القوى على الساحة للوصول إلى عملية سلام قادمة ومن أجل حمل قضية الجنوب وإطارها الخاص الذي أكدت عليه مشاورات الرياض في العام الماضي".
عهد جديد
من جهته، قال رئيس فريق الحوار الوطني الجنوبي صالح الحاج إن اللقاء التشاوري الجنوبي كان تتويجا للقاءات عديدة أجريناها على مدى عامين مع مختلف الأطراف السياسية الجنوبية والمكونات الاجتماعية سواء في خارج الوطن أو داخله.
ووصف الحاج في تصريح لـ"العين الإخبارية"، اللقاء التشاوري الجنوبي بـ"اللحظة التاريخية"، قائلا: "يأتي هذا الجمع لمناقشة وثيقة مهمة جدا وهي وثيقة الميثاق الوطني الجنوبي ونحن نعتبرها بمثابة عهد وطني بين الجنوبيين".
وأوضح أن "العهد مكون من 3 أجزاء رئيسية؛ الجزء الأول قيمي وأخلاقي ويرتكز بشكل أساسي على مبدأ أن الجنوبيين سينتهجون ثقافة الحوار وسيعملون على دفن حواجز القطيعة ونبذ ثقافة العنف في الحوار السياسي أو الصراع.. إننا نودع العنف إلى الأبد".
وأشار إلى أن الميثاق يأتي بعد سلسلة من صراعات دموية كلفتنا مال وكلفتنا سمعة وأشياء كثيرة جدا، لكن اليوم الجنوبيين ارتفعوا إلى مستوى التحدي كشعوب حي قادر على مواجهة الصعاب والتحديات بالاستجابة".
وأكد أن أهم نقطة في اللقاء التشاوري هي الشراكة الوطنية، وكان الحوار بمثابة نقطة انطلاق بين أبناء الجنوب لرسم مستقبلهم وللمشاركة في القرار في السلطة وفي كل مناحي الحياة".
وعن أبرز ما ناقشه الحوار الجنوبي، قال الحاج إن بحث "التوافق على وثيقة ميثاق الوطني الجنوبي، والثاني مستقبل يرسمه المتحاورون، ثم ما موقع الجنوب في المفاوضات السياسية وكيف يتصور الجنوبيون حل القضية الجنوبية".
وأكد أن الجنوب استطاع تجاوز الكراهيات والتفرقة، بعد أن تشكلت لجان للمناقشة وأمسك الجنوبيون بخيط المستقبل، مشيرا إلى أن اللقاء كان له آثار إيجابية جدا جدا، منها شعور شعب الجنوب أنه ماض في طريق سليم ومعالجة المخاوف.
وطمأن الحاج الجميع بأن "الشعب تعرض لمصائب من الداخل والخارج لكنه أثبت أنه قادر على تجاوزها وسيواصل الحفاظ على السلم والأمن والدوليين وفي الإقليم والنظام الدولي وسنبني علاقات قوية ومحترمة".
لقاء تاريخي
رئيس لجنة أسس التفاوض وعضو فريق الحوار في المجلس الانتقالي الجنوبي المحامي غالب الشعيبي أكد لـ"العين الإخبارية"، أن أهمية اللقاء التشاوري تكمن في عدة اتجاهات منها أنه يأتي في مخاض سياسي يشهده البلد وعقب اتفاقات سياسية ووقف الحرب واستئناف الهدنة.
أما اجتماعيا، فيعد تتويجا للحوار الجنوبي والمكونات السياسية من المهرة إلى باب المندب، وأن هذا الطيف السياسي الحاضر اليوم يمثل خريطة وطن وهذا كان الحلقة المفقودة في الجنوب"، وفقا للشعيبي.
البعد السياسي والاجتماعي والجغرافي لهذا التجمع له دلالته الكبيرة، منها أنه رافعة جديدة للنهوض في القضية الجنوبية وهذا الحوار الجنوبي والذي سوف يستمر للأخير وسيظل مفتوحا لأن هناك جيلا ينشأ وهناك قوى ما زالت ستأتي، وفق المصدر ذاته.
أما عضو صياغة الميثاق الجنوبي المحامية الجنوبية منى صالح فاعتبرت اللقاء التشاوري "لقاء مفصلي تاريخي محوري الكل يتطلع من أجل مخرجات تجسد القضية الجنوبية كسيادة وهوية تعني كل أبناء الجنوب وتعني الشعب الجنوبي برمته".