اعتقالات وتجسس على الهواتف.. نار التخوين تلتهم قيادات مليشيات الحوثي
شرعت إيران بتعزيز قبضتها الأمنية في مناطق الانقلاب شمال اليمن، لحد إخضاع قيادات عليا في مليشيات الحوثي لحملة تجسس منظمة وغير مسبوقة.
واختار ما يسمى "مجلس الخبراء"، أعلى سلطة أمنية وعسكرية شكلتها إيران في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 كصاحب القرار الأول داخل الحوثيين، أقدم القيادات الأمنية من الذين سبق تدريبهم في إيران وجنوب لبنان لتنفيذ عمليات "تجسس مباغتة" على قيادات رفيعة داخل المليشيات واعتقال أي قيادات مرتبطة بـ"جهات معادية"، على حد قولها.
تجسس على الزوجات والأبناء
علمت "العين الإخبارية" من مصادر أمنية وقبلية في صنعاء وصعدة، إن المجلس الذي يضم خبراء من الحرس الثوري وحزب الله وخبيرا عراقيا، أخضع عددا كبيرا من قيادات مليشيات الحوثي "لرقابة أمنية مشددة وصلت إلى حد التجسس على هواتف زوجات وأبناء هذه القيادات".
وكشفت المصادر عن "شعبة استخباراتية تم استحداثها لمهمة التجسس على قيادات كبيرة داخل هيكل المليشيات؛ مدنية وأمنية وعسكرية، وجرى استقطاب عناصر هذه الشعبة من تشكيل الأمن الوقائي (الأمن الداخلي للمليشيات) وفصل تبعيتهم لقيادة الأمن الوقائي، وإلحاقهم بلجنة أمنية مصغرة شكلها مجلس الخبراء".
وأشارت المصادر إلى أن أعمال "التجسس على هذه القيادات الحوثية يشمل الهواتف والأنشطة الإلكترونية والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى الأنشطة الاجتماعية واللقاءات على مستوى كل قيادي".
80 قياديا تحت الرقابة
وأكدت المصادر الأمنية والقبلية في صنعاء وصعدة، إن مليشيات الحوثي، "وضعت أكثر من 80 قياديا تحت الرقابة الأمنية وذلك من أجل الوصول الى تقرير لتقييم كل قيادي بناء على هذه الأنشطة التجسسية المباغتة في أغلبها".
وأوضحت المصادر أن المليشيات الحوثية وبناء على توجيهات شعبة الاستخبارات التي شكلها مجلس الخبراء اعتقلت خلال أيام عيد الأضحى المبارك فقط نحو 7 قيادات حوثية بينهم 4 قيادات ينحدرون من محافظة صعدة المعقل الأم لزعيم المليشيات المدعومة من إيران.
وقالت المصادر، إن اللجنة الأمنية التابع لمجلس الخبراء "بررت اعتقال القيادات الحوثية ومن بينهم المنتمون لمحافظة صعدة بأنها رصدت مخالفات أمنية وارتباطات لهذه القيادات بجهات تصفها المليشيات بـ"المعادية"، على حد قولها.
وكشفت المصادر عن أن أحد القاعد السبعة الذين تم اختطافهم، لقبه"القحوم" ويعمل "في فريق القيادي النافذ محمد علي الحوثي ويتركز نشاطه في الجانب المالي وإدارة المخصصات المالية التي يدفعها محمد علي الحوثي، نجل عم زعيم المليشيات، لقيادات قبلية تدين له بالولاء".
وتعد عائلة "القحوم" التي ينتمي إليها القيادي الذي اختطفه الحوثيون، من أهم العائلات السلالية التي تستحوذ على مناصب حساسة داخل مليشيات الحوثي وفي كياناتها المختلفة لاسيما الأمنية والسياسية والمالية.
ووفقا للمصادر، فإن الرقابة الأمنية المفروضة على القيادات الحوثية وأعمال التجسس "تشمل كذلك قيادات كبيرة في الصف الأول"، وأن زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي لم يعترض على "قرار مجلس الخبراء بوضع قيادات كبيرة تحت المراقبة والتقييم الأمني"، باعتبار أن ذلك جزء من عملية تطهير لـ"الجواسيس" المنتشرين داخل جماعته، على حد تعبيره.
ولم تستثنِ "عمليات التجسس الحوثية أقارب القيادات الواقعة في قائمة التقييم والمراقبة، حيث يتم التجسس على هواتف زوجات وأبناء هذه القيادات وتتبع كل خصوصياتهم وعلاقاتهم حتى الشخصية، وفقا لذات المصادر.
وتأتي هذه المعلومات، عقب حديث مصادر إعلامية الأيام الماضية عن حملة اعتقالات داخلية واسعة للمليشيات امتدت إلى أعلى سلم قيادة الجماعة بتهمة "التجسس لأمريكا والتحالف والشرعية" بما في ذلك اعتقال 3 من القيادات التربوية، أحدهم يدعى "علي عباس" ويعمل مديرا لمكتب شقيق زعيم المليشيات المدعو يحيى الحوثي.
قيادات الأمن الوقائي
إلى ذلك، قالت مصادر "العين الإخبارية"، إن شعبة الاستخبارات التجسسية التي شيدها مجلس الخبراء تتألف من 8 قيادات أمنية جميعهم عملوا بجنب القيادي طه المداني الذي قتل في 2015 بغارة للتحالف، وهو أول من وضع بنية الجهاز الأمني للمليشيات ضمن مجموعة ضمت خبراء أمنيين من حزب الله اللبناني تواجدوا باليمن منذ عام 2000 كمدربين لقيادات المليشيات.
وأشارت المصادر إلى أن القيادات الأمنية التي تعمل في التجسس على قادة الجماعة بمن فيهم قادة الصف الأول عملوا على مدى أكثر من عقدين ونصف العقد ضمن ما يسمى جهاز "الأمن الوقائي" وهو جهاز تجسسي داخلي معني بتحصين الجماعة من أي اختراقات أمنية محلية ودولية، كما تقول المليشيات.
ويعد جهاز الأمن الوقائي هو الأكثر حضورا وسرية وتأثيرا داخل مليشيات الحوثي، ولا يمكن مقارنة تأثيره الطاغي بتأثير أي جهاز أمني آخر بما في ذلك "جهاز الأمن والمخابرات" الذي يترأسه عبدالحكيم الخيواني.
لكن هذه الأجهزة التابعة للمليشيات، ورغم نفوذها، باتت خاضعة لأوامر "مجلس الخبراء" الذي شكلته إيران في صنعاء في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، كسلطة عسكرية عليا بكامل الصلاحيات لإدارة أنشطة المليشيات بالداخل والخارج، وهو ما يعني اختطاف كلي لقرار الجماعة، وفق مراقبون.
وأظهرت تقارير سابقة لـ"العين الإخبارية"، أن مجلس الخبراء يضم قيادات حوثية ممثلة لزعيم المليشيات منهم القيادي الحوثي "أحمد حامد" الذي يدير منصب ما يسمى بمكتب الرئاسة والمسؤول الأول عن الصناديق الإدارية للمليشيات وذلك للعمل بجانب خبراء عسكريين وأمنيين من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني وخبير عسكري من العراق.
وأصبح كل عضو داخل مجلس الخبراء يشرف على جبهة داخلية للمليشيات، وعمل على تقليص نفوذ قيادات كبيرة من بينها أبو علي الحاكم رئيس الاستخبارات العسكرية للمليشيات وذلك بعد أن تم الإطاحة بعدد من أتباعه الموزعين على جبهات الضالع ومأرب وتعز والحديدة وصعدة.
كما أصبحت القيادات المعلنة في الدفاع والأمن والمخابرات تدار من قبل هذا المجلس.
ومنذ أبريل/نيسان 2024, بدأت هيكلة القطاع المدني داخل مليشيات الحوثي، وتقليص نفوذ القيادي الحوثي النافذ محمد علي الحوثي من خلال إزاحته من ما يسمى "اللجنة العدلية" وتحويلها الى إدارة قانونية لمكون يديره القيادي أحمد حامد أبو محفوظ.
ومع اعتزام المليشيات تشكيل حكومة جديدة وهيكلة القضاء والقيام بتطهير "مؤسسات الدولة من العناصر الملغمة" على حد قول زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، أكدت المصادر أن ما يسمى المجلس السياسي الأعلى ومكتب الرئاسة وحكومة الانقلاب ستظل مجرد "كيانات شكلية" وتم منح القيادي أحمد حامد كافة الصلاحيات لإداراتها.
ومنذ مايو/أيار الماضي، بدأ مجلس الخبراء بوضع يده على الأوعية الإرادية المالية للحوثيين استجابة لتوجيهات من حزب الله لزعيم الجماعة تضمنت تخصيص جزء أكبر من الإيرادات الداخلية للعمليات العسكرية والتصنيع العسكري.
كما شيدت المليشيات في الشهر نفسه، جهازا أمنيا هجينا تحت مسمى "شرطة المجاهدين" ويجمع وحدة استخباراتية عسكرية وخلايا عسكرية من عناصر المليشيات المنتشرين في الأحياء والمربعات السكنية والقرى الريفية في مهمة تحديد المعارضين والناقمين لسياسة المليشيات في الأوساط الشعبية والمجتمعية وكذا التعاطي مع رواد مواقع التواصل الاجتماعي وحتى من يشاهد فضائيات الشرعية ودول التحالف العربي، وفقا للمصادر.