"حوثنة الدولة" تقود تحالف الانقلابيين في اليمن للانهيار
مواجهات مسلحة بين أنصار الحوثيين وصالح تقتل وتصيب العشرات بـ6 محافظات
تحالف الانقلاب في اليمن يقترب من الانهيار بسبب الانتصارات الكبيرة لقوات الشرعية والمواجهات المسلحة بين أنصار الحوثي وصالح
تؤكد كل المؤشرات والأحداث المتسارعة في اليمن تصدع وقرب انهيار تحالف الانقلاب في اليمن (الحوثيون وصالح)، أمام الانتصارات الكبيرة لقوات الشرعية في مختلف الجبهات، فضلا عن الخسائر الفادحة التي يتكبدها الانقلابيون يوميا، وتبادل الاتهامات فيما بينهم بالخيانة، وذلك رغم إعلان التحالف تشكيل ما يسمى "حكومة إنقاذ" مناصفة وقبلها مجلس سياسي مشترك، للإيحاء بوجود توافق واتفاق بين أعضائه أمام المجتمع الدولي.
يأتي ذلك بالإضافة إلى ما تشهده عدة محافظات واقعة تحت احتلال المليشيات، بينها العاصمة صنعاء والبيضاء وذمار واب وتعز، فلا يمر يوم إلا وتتصاعد وتيرة الخلافات بين الحوثيين وأنصار صالح، وصلت إلى مواجهات مسلحة أسقطت قتلى وجرحى بينهم قيادات، فضلا عن عمليات الاختطافات الواسعة التي تنفذها جماعة الحوثي بحق العشرات من أنصار صالح.
وأصبحت نار الخلافات تنهش ما يعرف بـ"تحالف المصالح الهش بين الحوثي وصالح"، وكشفت مصادر سياسية أن صالح أدرك مؤخرا أن انقلابه على الشرعية لم يجد نفعا، وأن ارتماءه بين أحضان عبد الملك الحوثي له عواقب وخيمة، وأن مليشيات الحوثي ما هي إلا واجهة تنفذ مشروعا إيرانيا أكبر منه، ولا ينسى الطرفان أنهما اشتبكا في 6 حروب بين عامي 2004 و2009، حيث كان صالح يعتبر الحوثيين جماعة متمردة ومرتبطة بإيران، قبل أن يتحالف معهم للانقلاب على الرئيس عبد ربه منصور هادي عام 2014، واقتحام العاصمة صنعاء بدعم من قوات الحرس الجمهوري ومن قبائل الشمال وقادة حزب المؤتمر الشعبي العام الموالين لصالح.
وتتركز الخلافات بشكل حاد في العاصمة صنعاء، وبلغت ذروتها على قيادة الحرس الجمهوري، حيث يصر الحوثيون على تعيين عبد الخالق الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، قائدا للحرس الجمهوري الموالي لصالح، والذي يعد من القيادات المشمولة في قرار العقوبات الصادر عن مجلس الأمن، في حين يصر صالح على بقاء الحرس الجمهوري -مصدر قوته- تحت سيطرته، حيث يخشى من سيطرة الحوثيين على قواته وإضعافه وتهميشه.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة، أن الحوثيين ينتهزون فرصة تحالفهم مع صالح ومساندة قوات الحرس الجمهوري لهم، لإحكام قبضتهم على مفاصل الدولة والتغلغل بأجهزة الأمن والجيش، وبدأوا مساعي السيطرة على الحرس الجمهوري بعد إقصاء أنصار صالح واستبدالهم بعناصرهم، ما دفع بعض قادة وعناصر حزب المؤتمر الشعبي لإعلان رفضهم "حوثنة الدولة"، وكل فريق يسعى لاستغلال الآخر لفرض سيطرته.
ولجأت مليشيات الحوثي أكثر من مرة لاختطاف العشرات من أنصار صالح المدنيين والعسكريين وسط العاصمة صنعاء، واعتقال عدد منهم خلال مشاركاتهم في مظاهرات مطالبة بتسليم المرتبات، حيث يدفع صالح أنصاره بين الحين والآخر للخروج في مظاهرات ضد الحوثيين، لفرض مكاسب سياسية عليهم.
وقبل أيام، تمت تصفية العميد طيار عبد الله شرهان، المكلف بالإشراف على تطوير صاروخ "قاهر 1" مع 3 من مرافقيه في ظروف غامضة بمدينة الريان غرب صنعاء، وهو أحد الطيارين الموالين لصالح، ويعد شخصية مهمة له، ويعتقد أن اغتياله جاء في إطار مسلسل الاغتيالات والتصفيات التي تجري بين قيادات الطرفين.
وتحتل محافظة إب، وسط اليمن، التي تسيطر المليشيات عليها منذ أكثر من عامين- المرتبة الأولى بين المحافظات التي تشتعل فيها الخلافات بين طرفي الانقلاب، حيث شهدت سلسلة من الخلافات والمواجهات المسلحة بينهما، قُتل فيها عدد من قيادات ومسلحي الطرفين بعد تصاعد الخلافات حول المناصب وتوزيع الحصص والجبايات والأموال المنهوبة، وكذلك الأسلحة والعقارات التي يتم نهبها من المواطنين بقوة السلاح.
وأوضحت مصادر محلية وشهود عيان لبوابة "العين" الإخبارية، أن قتلى وجرحى من مليشيات الحوثي وصالح يسقطون بشكل شبه يومي بنيران صديقة، جراء تصاعد حدة الخلافات بين الطرفين، كان آخرها المواجهات العنيفة التي اندلعت، أمس الأربعاء، بين عناصر من قوات صالح وآخرين يتبعون القيادي الحوثي أشرف المتوكل، الذي عينته المليشيات وكيلا لمحافظة إب، في جولة العدين وسط المدينة، خلَّفت قتلى وجرحى، ومن بين الجرحى المتوكل.
وأشارت المصادر إلى أن مسلحين من قوات صالح نصبوا نقطة تفتيش قُرب منزل المتوكل، ما دفع الأخير للرفض وتطور الخلاف إلى الاشتباكات المسلحة.
مصادر مطلعة أكدت لبوابة "العين" الإخبارية، أن خلافات عميقة اندلعت منذ أسابيع بين تحالف الحوثي وصالح في محافظة إب، حول عوائد السوق السوداء والمناصب والأموال المنهوبة والجبايات من المواطنين، زادت وتيرتها مؤخرا.
يأتي ذلك فيما كان للانتصارات الكبيرة للجيش اليمني والمقاومة الشعبية، في محافظة تعز، والخسائر الكبيرة التي تكبدتها المليشيات، دور كبير في إحداث شرخ بين تحالف الحوثيين وصالح، وتبادل الطرفان الاتهامات بالانسحاب من جبهات القتال وتسليمها للشرعية.
وتصاعدت الخلافات بين الحوثيين القادمين من خارج محافظة تعز، وبالتحديد من محافظات عمران وصعدة وذمار، وبين أنصار صالح وقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام بتعز، الذين اتهموا القادمين من شمال الشمال بتهميشهم وإقصائهم والزج بأنصارهم في قلب المعارك، بينما يبقون في الخلف.
وتسببت تلك الخلافات في تنفيذ الحوثيين لعمليات اغتيالات طالت بعض قيادات المؤتمر الموالين لهم في تعز، والتي كانت تعترض على علميات التهميش والإقصاء والاستفراد بالقرار.
وأعلن عدد من القيادات الموالية لصالح، مؤخرا، انشقاقها والانسحاب من جبهات القتال، ومن أبرزها القيادي البارز والنائب البرلماني العميد عبد الولي الجابري، المسؤول عن الجبهات الشرقية والجنوبية لتعز، وكذلك أمين البحر، مسؤول المليشيات في منطقة مأوية شرق تعز، وسبقهما القيادي البارز علي القرشي، مسؤول جبهات المليشيات في الجبهة الغربية لتعز، فيما قالت مصادر في المقاومة، إن الانتصارات التي تحققها قوات الشرعية هي من أجبرتهم على الانسحاب.
وتعد محافظة ذمار جنوب العاصمة صنعاء، من المحافظات التي تشهد خلافات بين طرفي الانقلاب، حيث تشهد حاليا توترا شديدا وغير مسبوق بين أنصار الطرفين، للأسباب ذاتها، وهي الإقصاء والتهميش، تصاعدت لمواجهات عنيفة بينهما خلَّفت قتلى وجرحى، ولا تتوقف تلك المواجهات إلا بتدخل وساطة من القيادات العليا للجماعة، لكنها سرعان ما تعود من جديد.
ومن بين أسباب الخلافات في ذمار، الثأر والمطالبة بالقصاص من قيادات حوثية أقدمت على قتل مسلحين من أنصار صالح، بعد خلافات على أموال لتتصاعد إلى توتر وحشد جبهات للطرفين للثأر.
فيما أقدم عشرات المسلحين على فرض حصار على السجن المركزي شمال ذمار، الواقع تحت سيطرة الحوثيين، للمطالبة بالقصاص من قيادي حوثي يدعى أبو القاسم، اتهموه بقتل أحد مرافقيه على خلفية توثيقه له بالفيديو أثناء استلامه مبالغ مالية كرشوة، لحل قضية بأحد أقسام الشرطة، وتطورت الحادثة إلى مواجهات بين الطرفين وسقوط قتيلين و4 مصابين، ومن بين القتلى قيادي حوثي ومشرف اللجان الأمنية التابعة للحوثين، ويدعى أبو سلمان.
وأقدمت قيادات حوثية في ذمار، على تغيير عدد من قيادات المؤتمر الموالية لصالح، الذين يشغلون مديري مكاتب حكومية، واستبدالهم بعناصر من جماعة الحوثي.
وفي وقت سابق، تحدثت مصادر محلية عن إقدام الحوثيين على اعتقال عدد من قيادات حزب صالح، بهدف إزالة كل المناهضين لهم والذين لم يستجيبوا لتنفيذ أوامرهم، ووصل الحال لتصفية عدد من القيادات.
وشهدت محافظة ذمار أيضا موجة خلافات حادة بين أنصار صالح ومليشيات الحوثي، على خلفية هذه التغييرات، وخرجت أنصار صالح وقوات الحرس الجمهوري بذمار في مظاهرات ضد الحوثيين، للتنديد بسياسة الإقصاء والتهميش، والمطالبة بإعادة قيادات المؤتمر لأعمالهم مهددين بالتصعيد، لكن الحوثيين واجهوها بالقوة وإطلاق الرصاص الحي، وسط تهديد ووعيد من الجانبين بالتصعيد، واتهم جنود الحرس الجمهوري مليشيات الحوثي بممارسة أبشع صور الفساد ونهب المال العام تحت ذريعة التصدي للعدوان.
وتقول قيادات في حزب صالح، إنها بدأت تشعر بخطر مليشيات الحوثي وسعيها للسيطرة الكاملة على المؤسسات الحكومية، من خلال تعيينها لأتباعها من السلالة الهاشمية، وأنها استخدمت القيادات الموالية لصالح لتتمكن من التوسع والسيطرة، واتهموا قيادات حوثية في ذمار، بنهب مبالغ مالية بلغت نحو 500 مليون ريال.
وسبق لقيادة فرع حزب المؤتمر بذمار، أن وجهت قيادات وأنصار الحزب الموالين لصالح بعدم التعامل مع الحوثيين، في أي أعمال والامتناع عن حضور أي اجتماعات لهم، أو الوجود في فعالياتهم وتجمعاتهم، حتى مناسباتهم الخاصة، ووصل الأمر إلى انفصال نقاط التفتيش الأمنية التي تتبع صالح عن نقاط الحوثيين، حيث تبعد كل نقطة عن الأخرى أمتارا فقط في مؤشر إلى انفجار الوضع في أي لحظة.
ولم تخلُ محافظة الضالع جنوب اليمن، من الخلافات بين طرفي الانقلاب، حيث أقدم الحوثيون على اعتقال 200 من قيادات وأنصار حزب صالح، وباتت الانتقادات والاتهامات لبعضهما البعض علنية وعلى مستوى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وتطورت الخلافات أيضا لمواجهات مسلحة، بعد الهزائم التي منيت بها الميليشيات في جبهة الضالع، وتبادل الاتهامات بين الطرفين.
ولا يختلف الحال في محافظة البيضاء جنوب صنعاء؛ فالخلافات في تصاعد مستمر، والإقصاء والتهميش يتبعها مواجهات واختطافات لأنصار صالح، ووصل الحال إلى تصفية الحوثين عدد من الوجاهات الموالية لصالح، وعزل عدد من قيادات حزب المؤتمر.
ووصلت الخلافات إلى أسوار جامعة البيضاء، حيث أقالت جماعة الحوثي الدكتور سيلان العرامي، رئيس الجامعة المقرب من صالح، وعينت بديلا عنه الدكتور حمود العزاني، الذي قدم استقالته مؤخرا بسبب التدخلات الحوثية المخالفة لقانون الجامعات، ليحل محله نائبه الدكتور شاكر الزريقي.
ولا تزال جريمة تصفية وإعدام الحوثيين لـ4 من مشايخ آل عمر الموالين لصالح بشكل جماعي، بطريقة بشعة ورمي جثثهم على طريق مياه السيول، بعد أيام من اختطافهم، خير شاهد على تصدع تحالف الانقلاب بالمحافظة، حيث لحقها اقتحام الحوثيين لمحكمة رداع الابتدائية، وتهديد رئيس المحكمة القاضي ساري العجيلي، المنتمي لحزب المؤتمر، بالتصفية.
يأتي ذلك فضلا عن اندلاع الخلافات بين قيادة الحوثي في رداع وحليفهم الزعيم القبلي الشيخ فضل عامر أبوصريمة، أحد أبرز المناصرين والمساندين والداعمين للحوثيين في مناطق قبائل قيفة، والذي مهد لهم الطريق في احتلال مناطق وقرى قيفة رداع، بسبب سقوط موقع حمة الاستراتيجي بيد المقاومة الشعبية، والهزيمة الكبيرة التي منيت بها المليشيات والضربات الموجعة التي تلقاها الحوثيون، حيث اتهموا الشيخ بخذلانهم، وأقدمت الجماعة على اعتقاله وإخضاعه للتحقيق.
aXA6IDMuMTQ0LjM4LjE4NCA= جزيرة ام اند امز