انتصارات الجيش الوطني المسنود بالتحالف العربي أصابت مليشيا الحوثي بالذعر، ما جعلها تجبر العائلات الفقيرة على الزج بأبنائها للقتال.
استهلت مليشيا الحوثي العام الجديد 2018، بتنفيذ حملة تجنيد إجبارية للأطفال في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، في موقف يكشف عن حجم الورطة الكبيرة التي تعيشها المليشيا في جبهات القتال.
- أطفال اليمن.. وقود الحوثيين لدفع المشروع الإيراني
- طفل يفضح أكاذيب الحوثي.. هكذا يخدعون الصغار للقتال بصفوفهم
وخلال الأيام الماضية، كثف الحوثيون من تحركاتهم في أوساط القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء، وأرسلوا عشرات القيادات إلى مدارس العاصمة والمحافظات النائية في الشمال اليمني، تحثهم على الانخراط في جبهات القتال.
وأصابت الانتصارات المتسارعة للجيش الوطني المسنود بالتحالف العربي، مليشيا الحوثي بذعر غير مسبوق، وجعلها تتجه لإجبار العائلات الفقيرة على الزج بأبنائها في جبهات القتال.
وعلى الرغم من التحركات العلنية للتجنيد الإجباري والمحاضرات التي يلقيها قادة المليشيا على طلاب المدارس والجامعات، وإنشاء معسكرات التدريب، فإن المنظمات الأممية العاملة في صنعاء، لم تصدر أي تعليق حيال الأمر، في موقف وصفه مراقبون بالمريب.
استجداء فاشل للقبائل
تعرض الحوثيون لأكبر عملية استنزاف في صفوف مقاتليهم خلال ديسمبر/كانون الأول الماضي، فبعد انتفاضة صنعاء التي حصدت أكثر من 200 من كبار مسلحيهم، كانت المليشيا تتلقى ضربات موجعة من الجيش الوطني والتحالف العربي في عدد من جبهات القتال، وعلى رأسها "بيحان وعسيلان" في شبوة، و"نهم"شرقي صنعاء، و"الخوخة" في الحديدة، بالإضافة إلى محافظة الجوف.
وجراء نفاد مخزون المقاتلين، لجأت مليشيا الحوثي إلى استجداء القبائل من أجل إسنادها بمقاتلين لتعويض الاستنزاف الكبير في صفوفها، لكن طلبها قوبل بالرفض التام.
وقال مصدر قبلي في محافظة عمران، شمالي صنعاء لـ"بوابة العين الإخبارية"، إن مليشيا الحوثي تعيش حالة طوارئ غير مسبوقة، وأوفدت عشرات القادة إلى قبائل "حاشد" و"بكيل"، تترجاهم بعدم تركهم منفردين في جبهات القتال.
ووفقا للمصدر، فقد أخفق القيادي في المليشيا محمد علي الحوثي، في إقناع قبائل حاشد بضرورة إسنادهم بالمقاتلين، حيث أعلنت رفضها التام الزج بأبنائها في محارق الموت، وخصوصا بعد عملية الاغتيال الغادرة للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والتي تكن قبائل عمران بالولاء له بشكل رئيسي.
وذكر مصدر آخر، أن القيادي في المليشيا، أبو علي الحاكم، زار اليومين الماضيين رفقة القيادي محمد علي الحوثي، مديرية "سنحان" مسقط رأس الرئيس السابق "صالح"، وعرض عليهم التصالح مقابل إسنادهم بالمقاتلين.
ولم تكتف المليشيا بإيفاد قادتها إلى القبائل، حيث وجّه زعيم الانقلابيين عبدالملك الحوثي، الأيام الماضية، كلمة عبر الفيديو لعدد من رجال القبائل الموالين للحوثيين في طوق صنعاء، ظهر فيها يستجديهم بشكل غير مسبوق، ويطالبهم بضرورة الدفع بمقاتلين.
تجنيد إجباري للأيتام والفقراء
عقب فشلها في إقناع القبائل التي كانت الخزان الرئيسي لمقاتليها منذ بداية الانقلاب، لجأت مليشيا الحوثي إلى تنفيذ حملات إجبارية في صفوف الأيتام والأسر الأشد فقرا، وخصوصا في مديريات الساحل الغربي.
وأكدت مصادر في دار الأيتام بصنعاء، لـ"بوابة العين الإخبارية"، أن مليشيا الحوثي، قامت بإجبار 30 يتيما على الانخراط في معسكرات تدريب، للزج بهم في جبهات القتال، وأبلغت القائمين على الدار بأنهم سيحتاجون لدفعة جديدة خلال الأيام المقبلة.
وفي محافظة الحديدة، قالت مصادر حقوقية، إن مليشيا الحوثي، قامت بإجبار عشرات الأسر الفقيرة على تجنيد أطفالهم في صفوفها، وخصوصا في مديريات "زبيد" و"حيس" و"الجراحي"، بداعي الدفاع عن مدينتهم من تقدم القوات الحكومية التي سيطرت الأيام الماضية على مديرية "الخوخة".
وأشارت المصادر، إلى أنه تم استحداث معسكر تدريب للأطفال يشرف عليه قادة المليشيا يقومون بتلقينهم أفكارا طائفية وتوزيع كتيبات إيرانية، توهمهم بأنهم في مهمة الدفاع عن القرآن، كما تغرر بهم بالزعم بأن قوات الشرعية ستقوم بسحلهم إذا تمكنت من تحرير الحديدة.
وأبلغت مليشيا الحوثي مديري مكاتب التربية في صنعاء والحديدة وعمران، بضرورة إقامة معسكرات صيفية خلال إجازة النصف الأول من العام الدراسي التي ستبدأ الأسبوع المقبل، وإلقاء محاضرات بمحتويات طائفية تحض على ما يصفونه بـ"الجهاد".
صمت أممي مريب
وخلافا لعمليات القمع ومحاكم التفتيش التي فرضتها مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء ومنازل قيادات وكوادر حزب المؤتمر الشعبي العام، تلتزم المنظمات الأممية الصمت المطبق حيال جرائم الحوثيين ضد الطفولة، والتجنيد غير المسبوق للأطفال.
وخلال العام الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، أن مليشيا الحوثي مسؤولة عن تجنيد 72% من حالات تجنيد الأطفال في اليمن، لكن منظمات حقوقية والحكومة اليمنية، أكدت أن المنظمات الأممية لا تنقل سوى ربع الصورة الحقيقية لما يجري من انتهاكات للقانون الإنساني من قبل الحوثيين.
واستغرب حقوقيون يمنيون من الصمت الكبير للمنظمات الأممية ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك، حيال تجنيد الأطفال والزج بالأيتام والفقراء والمشردين والنازحين في محارق الموت.
وقال الباحث في تحالف "رصد" لحقوق الإنسان رياض الدبعي، إن التحالف اليمني يتلقى منذ أواخر ديسمبر الماضي ومطلع العام الجاري، عشرات البلاغات يوميا من أسر تتهم الحوثيين بأخذ أطفالها بالقوة إلى معسكرات التدريب، وأنهم يلتزمون الصمت خوفا من البطش.
الناشط اليمني ذكر في تصريح لـ"بوابة العين الإخبارية"، أن المنسق الأممي والمنظمات باتت مسلوبة القرار كونها تعمل من صنعاء، وظهرت ملامح الانحيار للمليشيا في البيان الأخير لمنسق الشؤون الإنسانية، الذي تغاضى عن جرائم الحوثيين بالكامل، بل وقام بشرعنة أعمالهم ووصفهم بأنهم "سلطة الأمر الواقع".