عبث الحوثي يحول جامعة صنعاء من صرح أكاديمي لمسرح طائفي
لا شيء يسلم من صلَف وعنت المليشيا الحوثية، حتى أروقة الجامعات، أضحت مسرحا للتوجيه الطائفي، وتغيير هوية اليمن، رويدا رويدا.
ودون مؤهلات علمية أو مستوى أكاديمي، أطلقت مليشيا الحوثي لأحد قيادييها اليد الطولى للإشراف على كل شيء في جامعة صنعاء من رسائل التخرج، إلى الخطط والفعاليات الثقافية والفكرية.
المهمة غير المعلنة للمدعو فائز البطاح، استهداف التعليم وتدمير جامعة صنعاء، وتحويلها إلى منصة طائفية تنتج مخرجات طائفية تتعارض مع مهام الجامعات كمراكز تنوير علمي وثقافي، والمسمى الوظيفي الجديد على الهيكل التنظيمي في التعليم العالي "مستشار ثقافي" لرئيس الجامعة.
وكشفت وثيقة صادرة عن رئاسة جامعة صنعاء، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، قيام رئيس الجامعة القاسم عباس المعين من قبل مليشيا الحوثي بتعيين البطاح مستشاراً ثقافياً له، يتمتع بصلاحيات واسعة، تتجاوز الثقافة، إلى الإشراف على "الهوية الإيمانية".
"الهوية الإيمانية".. هذا المصطلح الغريب، على رأس المهمات التدميرية للمكلف الحوثي، الذي أوضحت وثيقة تعيينه أن سلم أولوياته ترسيخ الطائفية، في دلالة على النهج السلالي الطائفي، التي تروج له المليشيا الموالية لإيران في المجتمع اليمني ،بمناطق سيطرتها.
كما منحت المليشيا القيادي الحوثي الإشراف الثقافي على تحديث وتطوير المقررات الدراسية، للبكالوريوس والدراسات العليا، وتحت إمرته الأنشطة التوعوية والورش والفعاليات وإعداد البرامج والخطط الثقافية في الجامعة، وهي مهمة تعني تحويل الجامعة إلى حوزة طائفية حوثية.
ومن بين الصلاحيات الممنوحة للقيادي الحوثي، الإشراف على الأنشطة الإعلامية والتنسيق مع المؤسسات والمكاتب الثقافية، ما يعني أن جميع أنشطة جامعة صنعاء ستكون تحت وصايته.
"المهمة الأخطر"
غير أن المهمة الأخطر بحسب أكاديميين، هي المراجعة الثقافية لعناوين أبحاث التخرج، ورسائل الماجستير والدكتوراه، وتقييمها والموافقة عليها أو رفضها، من قبل المشرف الحوثي، رغم أن الأخير لا يحمل مؤهلات عليا، ويقتصر المعلن من شهاداته على شهادة بكالوريوس.
ويقول مصدر أكاديمي في جامعة صنعاء لـ"العين الإخبارية"، إن البطاح سبق تعيينه قبل شهر تقريباً، معيداً في قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، رغم عدم انطباق الشروط والمعايير الأكاديمية التي حددها قانون الجامعات اليمنية، على "المشرف الحوثي".
وتعليقا على التعيين الغريب، كتب دكتور الفلسفة في جامعة صنعاء جميل عون، في منشور على صفحته في فيسبوك: "في جامعة صنعاء (الجامعة الأم) يتم تعيين (البطاح ) حامل شهادة بكالوريوس، مستشارا لرئيس الجامعة، في مخالفة لقانون الجامعات، كما أنه يحضر مجلس الجامعة كعضو فيه".
وأوضح الأكاديمي اليمني أن "مجلس جامعة صنعاء يرتكب مخالفه لقانون الجامعات فبدلا من تطبيق القانون ومنع المخالفات وهي من اختصاص المجلس، نجده يحدد اختصاصات و مهام لمستشار رئيس الجامعة (غير القانوني )،تخص الأقسام والمجالس العلمية المختلفة".
وأضاف أن "الأمر الأخطر يكمن في الصلاحيات التي منحت للبطاح، كمهمة تحديد صلاحية الرسائل العلمية، والموافقة أو الرفض لعناوينها وخططها (ماجستير ودكتوراه)، حيث إن الرجل غير مؤهل لمثل هذه المهمة كونه يحمل مؤهل بكالوريوس، وهذه الصلاحيات التي منحت له مخالفة واضحة للقانون، تعطيه صلاحيات أكبر من الأقسام العلمية المتخصصة ومجالسها".
مستقبل "مظلم"
وفي خضم العبث الحوثي بالتعليم الجامعي، وجهت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة اليمنية، بإيقاف المصادقة على جميع شهادات الدراسات العليا الصادرة من جامعة صنعاء، كما وجهت الملحقيات الثقافية بعدم التعامل معها.
وجاء قرار الوزارة، عقب اتخاذ مجلس جامعة صنعاء التابع لمليشيا الحوثي، قرارا يقضي بعدم تسجيل أية رسالة أو أطروحة للدراسات العليا إلا بعد مرورها على المستشار الثقافي لرئيس الجامعة وموافقته عليها.
وأشارت إلى أن المستشار الثقافي غير المؤهل أكاديميا هو المشرف على الجامعة، كما أنه مسؤول تنظيميا في مليشيات الحوثي الانقلابية.
وتقامر المليشيا التي تدعمها إيران بمستقبل عشرات آلاف الطلاب في جامعة صنعاء، من خلال إدارتها الطائفية للجامعة، سعيا إلى التحكم في كل شيء، عبثا بمصائر اليمنيّين، في حياتهم اليومية، ومستقبل أبنائهم الأكاديمي، المعرض للضياع.