حل سياسي أم العودة للمربع صفر؟.. اليمن عند خط المنتصف
حراك إقليمي وضع اليمن على خط المنتصف بين الذهاب إلى حل سياسي أو العودة للمربع صفر بفعل ابتزازات الحوثي.
فمليشيات الحوثي ورغم دخول السعودية خط الوساطة لحلحلة جمود الأزمة اليمنية فإنها لاتزال تتحدث حتى اليوم عن "قضايا عالقة" وتناور وتستعرض قوتها على ضفاف البحر الأحمر في مسعى لانتزاع مزيد من المكاسب السياسية.
في المقابل، حرص كل من المجلس الرئاسي والحكومة الشرعية على تقديم تنازلات كان آخرها الموافقة على صرف المرتبات، وتوسيع وجهات السفر عبر مطار صنعاء، وفتح طرق تعز والمدن الأخرى"، وهي أبرز بنود الملف الإنساني والهدنة الموسعة التي تسعى الأمم المتحدة لإبرامها.
جاء ذلك خلال لقاء رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ونوابه الـ7 بالفريق السعودي للتواصل مع الأطراف اليمنية برئاسة السفير محمد آل جابر أمس، الإثنين، للاطلاع على"نتائج زيارتهم لصنعاء والنقاشات التي تمت فيما يتعلق بالملفات التي سبق و تم نقاشها مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان".
وثمّن الجانبان "مبادرات وحرص الحكومة المعترف بها دوليا للتخفيف من المعاناة الإنسانية لأبناء اليمن في المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، بما في ذلك صرف المرتبات، وتوسيع وجهات السفر عبر مطار صنعاء الدولي، وفتح طرق تعز والمدن الأخرى".
وأكد المجلس الرئاسي دعمه الكامل لجهود الأشقاء في الرياض،والتي تأتي امتدادا للمبادرة السعودية للسلام في اليمن، التي أُعلنت في مارس/أذار 2021 ووافقت عليها الحكومة اليمنية آنذاك.
وتستهدف المبادرة السعودية، وفق المجلس الرئاسي، "إنهاء معاناة الشعب اليمني، والتوصل إلى وقف إطلاق للنار وحل سياسي شامل ومستدام يحقق تطلعاته في استعادة مؤسسات الدولة، وإحياء العملية السياسية على أساس المرجعيات المتفق عليها وطنيا وإقليميا ودوليا وتحت إشراف الأمم المتحدة".
شماعة القضايا العالقة
مصدر حكومي توقع في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن يعقد الفريق السعودي، مجددا، لقاء مع قيادات مليشيات الحوثي، بعد عيد الفطر المبارك، لحلحلة بقية القضايا التي يعرقل الانقلابيون التقدم فيها دون أن يكشف عن ماهيتها.
وكانت مليشيات الحوثي وصفت النقاشات مع الجانب السعودي أنه كانت "إيجابية حول العديد من النقاط"، وتحدثت على لسان ناطقها محمد عبدالسلام حول وجود "قضايا عالقة" على أمل بحثها في وقت لاحق.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس مركز نشوان للدراسات في اليمن عادل الأحمدي أنه من الطبيعي أن "يكون هناك الكثير من القضايا العالقة بالنسبة لجماعة متمردة تتبنى خطاباً ونهجاً عدوانياً منذ سنوات"، في إشارة لمليشيات الحوثي.
وحول طبيعة هذه القضايا، قال الباحث اليمني في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه "يتصور أن أهم ما يريده الحوثيون هو الاعتراف بهم والتحاور معهم بعيداً عن الشرعية اليمنية المعترف بها دولياً، وهذا ما لن يتم، باعتباره ينسف كل ما جاء من أجله التحالف العربي، كما أن السعودية تتعامل مع الأطراف اليمنية من منطلق الساعي لرأب الصدع بين اليمنيين".
وأوضح أن "الجهود الدبلوماسية التي تقودها المملكة العربية السعودية، كخطوة إيجابية ليست بالأمر الجديد، ، حيث إنه قبل انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015، كانت المملكة تدعو جميع الأطراف اليمنية إلى المشاركة في مؤتمر الرياض".
مستطردا في هذه الجزئية "كما لا ننسى أن الدعوة وُجهت للحوثيين للمشاركة في المشاورات اليمنية في الرياض العام الماضي".
واستدرك المحلل السياسي "الجديد في الأمر هو أن الظروف باتت مهيئة أكثر للتخاطب مع الحوثيين بشأن السلام، على ضوء مستجدات الهدنة لأكثر من عام وحتى الاتفاق السعودي الإيراني".
وبالنسبة لفتح الطرقات في تعز، شدد الأحمدي على ضرورة "أن يعلم الجميع أن التطورات الأخيرة المتعلقة بالسلام ومنها تبادل الأسرى، يجب أن تمضي في اتفاق يسمح بعودة كافة اليمنيين إلى مدنهم وقراهم ويسمح بالتنقل بين كافة المحافظات".
وأكد أن هذا "هو الحق الأساسي لأي مواطن بعيداً عن المسألة السياسية المتعلقة بالترتيبات السياسية، وهو أمر سواء تجاوب الحوثي معه أم لم يتجاوب سيظل الاختبار الحقيقي لأي جهود سلام وبدونه يبقى الحل ترقيعياً" معتقدا أن "المجلس الرئاسي وقيادة التحالف يدركون هذا الجانب".
المربع صفر
رئيس مركز جهود للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري من جهته، أكد أن "الحراك الحاصل وزيارة الوفدين العماني والسعودي إلى صنعاء وكذلك تبادل الزيارات بين طهران والرياض بعد الاتفاق الأولي برعاية الصين يشكل مفتاح نوايا ومصدرا من مصادر التفاؤل على مسرح القضية اليمنية وتخفيض التصعيد".
وقال الباحث اليمني في حديث لـ"العين الإخبارية" "لست مفرطا في التفاؤل ولن أذهب للتشاؤم، فالمرحلة تقتضي الوقوف في المنتصف حيث إن هناك أفق بلا شك للتسوية لكن هذه التسوية قد لا تكون على المعنى الذي يريده اليمنيون أو الحلم الذي يرونه بدولة مدنية".
وتابع "المليشيات الحوثية لازالت بالفعل حاضرة ودويلة داخل الدولة وهي تريد من خلال أية تسوية قادمة أن تثبّت أقدامها وبلا شك هناك محاولة لنزع التوغل الإيراني في اليمن ولكن هذه المحاولة لن تكون سهلة وإن بدت وأن الحرب اليمنية على وشك النهاية".
وأوضح "قد نعود في أي لحظة إلى المربع صفر في حال تعنت مليشيات الحوثي، وربما تذهب القضية اليمنية إلى هدن وهدن مطولة هذه المرة، غير أن موضوع التسوية لازال معلقا بحبال وألغام كثيرة وضعتها المليشيات الحوثية في أفق أي اتفاق شامل".
وكان وفد سعودي وعماني زار صنعاء في إطار الجهود الإقليمية لتثبيت هدنة إنسانية موسعة مدعومة من الأمم المتحدة تشمل وقف إطلاق النار والتمهيد لعملية سياسية شاملة.
لكن ورغم تلك الجهود إلا أن مليشيات الحوثي لم توقف تصعيدها الميداني على الأرض، لاسيما في محافظات تعز والضالع ومأرب التي تعرضت خلال الأيام الماضية لهجمات برية وجوية عنيفة.
aXA6IDMuMTM3LjE4MC42MiA= جزيرة ام اند امز