الحوثيون و«الشباب» الصومالية.. «تحالف الشيطان» يصل إلى القرن الأفريقي
وسّعت مليشيات الحوثي أنشطتها الإرهابية من اليمن إلى القرن الأفريقي لتشكيل تحالف عسكري مع حركة الشباب الإرهابية، فرع تنظيم القاعدة بالصومال، لتهديد الملاحة بالبحر الأحمر.
وعلى مدى عقدين "عملت مليشيات الحوثي وحركة الشباب في تبادل منسق لتهريب الأسلحة، لكن خلال السنوات الأخيرة بدأ الحوثي يهتم بتحويل اليمن إلى قاعدة إيرانية متقدمة لإدارة النفوذ الإيراني وقيادته في القارة الأفريقية خاصة القرن الأفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية"، بحسب محللين.
وأصبحت حركة الشباب من أول حلفاء مليشيات الحوثي التي هربت باستمرار لها الأسلحة وعملت منذ أواخر 2023، مع انطلاق هجماتها ضد السفن، على تعزيز العلاقة مع الحركة المصنفة على أنها من أقوى فروع تنظيم القاعدة بالعالم، بهدف العمل كجناح عسكري منفصل لتهديد الملاحة.
وقالت مصادر أمنية يمنية لـ"العين الإخبارية"، إن "ضباط الحرس الثوري الإيراني موجودون في شمال اليمن للعمل مع القياديين في جهاز المخابرات الحوثي حسن المراني وأبو حيدر القحوم على تنسيق العمل المشترك والتواصل المباشر مع أعضاء حركة الشباب الصومالية"، وهو ما أكده تقرير حديث لمنظمة محلية مختصة في تعقب الجرائم المنظمة، أن العلاقة مع حركة الشباب يأتي كجزء من ملف التوسع الخارجي للمليشيات خصوصا القرن الأفريقي.
وكشف التقرير عن تشكيل مليشيات الحوثي وحدة أمنية من قياداتها في السلك الأمني والدبلوماسي لإدارة ملف التوسع الخارجي، وبالأخص في القرن الأفريقي لتحقيق أهداف تهريب الأسلحة والمخدرات والاتجار بالبشر وأخرى ذات أبعاد أمنية وعسكرية وسياسية، في مسعى لإثبات القدرات الإقليمية للجماعة الإرهابية.
أول نشاط توسعي للحوثيين
وقالت منظمة (P.T.O.C)، وهي وكالة يمنية تعمل كمنصة تعقب للجرائم المنظمة وغسل الأموال في البلاد، إن "نشاط التوسع الخارجي لمليشيات الحوثي خاصة في القرن الأفريقي يُدار بشكل مباشر من قبل ضباط الحرس الثوري الإيراني بتنسيق وإشراف من (حزب الله) اللبناني".
وأكدت أن الحوثيين قاموا بأنشطة مختلفة بدأت بالاستقطاب والتجنيد واستغلال الجاليات الأفريقية في صنعاء، وانتهت ببناء علاقة وثيقة مع حركة الشباب، إذ سعت لتجنيد الكثير من الأفارقة اللاجئين للقتال في صفوفها في جبهات عدة، ولاحقا اختارت البعض منهم للعودة لبلدانهم لتحقيق ملف التوسع في أفريقيا.
وأشار التقرير إلى "أن الحوثيين يسعون لبناء نفوذ قوي داخل القبائل الأفريقية كقبيلة العفر، الأورومو، أوغادين، كما يعطون أولوية في الوقت الحالي للعمل مع الجاليات الأفريقية للتنسيق لأي راغبين بالوصول إلى مناطق سيطرتها بشمال اليمن، بهدف تدريبهم وإعادتهم لبلدانهم الأصلية لتعزيز النفوذ الإيراني بالمنطقة".
وأكد التقرير أن مليشيات الحوثي شرعت في فتح معسكرات سرية في كل من الحديدة والجوف وصعدة لعناصر من القرن الأفريقي، وتدربهم على مهمات عسكرية وأمنية ويعملون لفترة معها بالجبهات الداخلية باليمن قبل أن تكلفهم بالعودة إلى بلدانهم.
وقدم التقرير معلومات تفصيلية عن 4 قيادات أمنية في مليشيات الحوثي تدير ملف التوسع الخارجي والقرن الأفريقي والعمل بشكل وثيق مع حركة الشباب، على رأسهم القيادي عبدالواحد ناجي محمد أبوراس، المكنى "أبوحسين"، وهو المسؤول عن هذا الملف.
وذكر التقرير أن "أبوراس"، المنحدر من محافظة الجوف: "تولى هذا الملف بموجب توصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في الحرس الثوري الإيراني، في مقدمتها، مكتب علي أكبر ولايتي في طهران، إذ سبق أن أدار العديد من الملفات مع عناصر الحرس الثوري الإيراني في اليمن والخارج قبل أن يختفي عن الأنظار".
وكشف التقرير عن أن الرجل الثاني المسؤول عن أنشطة المليشيات الحوثية في القرن الأفريقي هو القيادي حسن أحمد الكحلاني المكنى "أبوشهيد"، ويشغل منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية بجهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة.
وأوضح أن القيادي الثالث في إدارة ملف التوسع الخارجي والقرن الأفريقي هو القيادي أدهم حميد عبدالله العفاري المكنى "أبوخليل"، ويعمل بشكل وثيق داخل الجاليات الأفريقية الموجودة في صنعاء، خاصة من دول إثيوبيا، والصومال، وإرتيريا، والسودان، وجيبوتي، وقد انخرط في تجنيد الكثيرين والزج بهم في مختلف الجبهات.
القيادي الرابع، الذي يعمل في هذا الملف هو أسامة حسن أحمد المأخذي المكنى "أبوشهيد"، ويتولى مسؤولية تجنيد القادمين من القرن الأفريقي وإعادتهم إلى بلدانهم للعمل في مهام استخباراتية، ونشر التشيع الحوثي وتهريب الأسلحة والمخدرات، والاتجار بالبشر، وفقا لذات المصدر.
أهداف متعددة
ينخرط إلى جانب القيادات الأمنية، أيضا مشرف وزارة الخارجية الحوثية حسين العزي، الذي يدير ملف التنسيق غالبا مع الجاليات الأفريقية في صنعاء أو الموالين للمليشيات المنخرطين بالسلك الدبلوماسي والمنتشرين في الدول الأفريقية.
ووفقا للتقرير فإن هناك نحو 16 شخصية من القارة الأفريقية استقطبها الحوثيون وخضعوا لدورات طائفية وعسكرية وأمنية للعمل مع المليشيات في مهام مزدوجة.
ويقف على رأس هذه المجموعة، بحسب التقرير، "إبراهيم عبدالقادر محمد معلم، وهو رئيس الجالية الصومالية بمناطق مليشيات الحوثي وأحد أهم عناصر التنسيق مع حركة الشباب الصومالية، والصومالي محمد صالح إبراهيم سعيد الذي يعمل كنقطة اتصال بين مخابرات المليشيات والحركة الإرهابية.
وأكد التقرير أن أهداف الحوثي من التوسع في القرن الأفريقي تأتي ضمن الاستراتيجية الإيرانية لتعزيز النفوذ في المنطقة، فضلا عن لعب المليشيات أدوار إقليمية لضمان تأمين خطوط إمداد الأسلحة وتحقيق أهداف استخباراتية وعسكرية.
وبحسب التقرير ذاته فإن أحد الأهداف الاستخباراتية، تتمثل بسعي المليشيات استخدام الخلايا في القرن الأفريقي في جمع المعلومات حول الأنشطة العسكرية والتجارية في البحر الأحمر وخليج عدن ومراقبة وتحليل تحركات الدول المتحالفة مع السعودية والإمارات والولايات المتحدة في المنطقة، كما تستهدف تعزيز قدرات إيران الاستخباراتية لها في المنطقة واستقطاب عملاء محليين أفارقة لجمع المعلومات وتقديم الدعم اللوجستي.
وسياسيا، أشار التقرير إلى أن الحوثيين يسعون للتدخل في شؤون دول القرن الأفريقي والتأثير في السياسات الداخلية والخارجية لهذه الدول وتحجيم علاقاتها مع دول إقليمية تناهض إيران ونشر الفوضى.
فيما عسكريا، كشف التقرير عن أن المليشيات تسعى لتأمين خطوط الإمداد للموانئ الإستراتيجية والسيطرة على المنافذ البحرية المهمة، لضمان تدفق الأسلحة وإقامة محطات تعمل كقواعد لتخزين الأسلحة وتدريب المقاتلين.
وأوضح التقرير أن الهدف الأهم في نشاط الحوثيين في القرن الأفريقي هو استخدام تحالفهم مع الجماعات الإرهابية كحركة الشباب وزعماء العصابات في شن هجمات على السفن التجارية والعسكرية التابعة للتحالفات الدولية وتهديد الملاحة البحرية لزيادة الضغط على خصومهم في المنطقة.
كما زوّدت مليشيات الحوثي حركة الشباب الصومالية بكميات كبيرة من الأسلحة، وهو الأمر الذي قد يزيد من نفوذ عناصر تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى في منطقة القرن الأفريقي، وفقا للتقرير.
وأوصى التقرير التحالفات الإقليمية والدولية والدول المتضررة بتكثيف المراقبة البحرية وزيادة الدوريات في البحر الأحمر وخليج عدن لضمان أمن الملاحة البحرية والحد من تهريب الحوثي وأنشطته مع الجماعات الإرهابية، وكذا فرض مزيد العقوبات على الحوثيين وتحجيم دورهم اقتصاديا وأمنيا وسياسيا.
ويرى خبراء يمنيون أن تحالف الحوثيين وحركة الشباب يأتي كجزء من المصالح المشتركة بين الجماعتين التي تسعى لتعاون ثنائي لتهديد الملاحة البحرية وتعزيز النفوذ الإيراني في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب.
وحث الخبراء المجتمع الدولي والدول الإقليمية على دعم القوات اليمنية خاصة قوات المجلس الانتقالي الجنوبية والمقاومة الوطنية، وتفعيل دورها لتأمين ممر البحر الأحمر، وقطع الطريق أمام التغلغل الحوثي المدعوم إيرانيا في القرن الأفريقي والتحالف مع الجماعات الإرهابية.
يُشار إلى أن تقارير أمريكية تحدثت مؤخرا عن صفقة محتملة بين الحوثيين وحركة الشباب الإرهابية، إذ يسعى الحوثيون للحصول على مزيد من الأموال مقابل توريد الأسلحة المتطورة لفرع تنظيم القاعدة بالصومال، وسط تنسيقات مشتركة تأتي عقب أكثر من عام من تزويد الحوثيين تنظيم القاعدة باليمن بالطائرات المسيرة.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xNjkg جزيرة ام اند امز