معالم تعز الأثرية.. ذاكرة التاريخ في مرمى قذائف الحوثي
تعكس الجدران المدمّرة بقلعة القاهرة في تعز، مدى الضرر الذي تعرّضت له المعالم التاريخية بتلك المدينة التي تعد عاصمة ثقافية لليمن.
وعمدت مليشيات الحوثي طيلة السنوات السبع الماضية، إلى استهداف ذلك المعلم التاريخي ومعالم المدينة الأخرى، بقذائف المدفعية، وكأنها كانت في سباق لمحو إرث المدينة التاريخي.
يعود بناء قلعة القاهرة الأثرية، إلى ما قبل ألف عام، وظلت منذ العام 2015، عرضة لقصف مليشيات الحوثي، والتي أمطرتها بقذائف المدفعية الثقيلة، دون أدنى اعتبار لهذا الأثر التاريخي، الذي يعد رمزاً لمدينة تعز.
تعد القلعة التي يعتقد أنها بنيت خلال الفترة ما بين 1045 إلى 1138 إبان الدولة الصليحية القديمة، أحد أبرز المعالم الأثرية في مدينة تعز، كما تعد تحفة معمارية وحصناً تاريخياً، شهد معظم التحولات السياسية والعسكرية.
ذاكرة تعز المدمّرة
يعتبر المتحف الوطني، وهو أحد ثلاث متاحف في مدينة تعز، ثاني أهم تلك المعالم التي تعرّضت لقذائف مليشيات الحوثي وطالها خراب المليشيات المدعومة من إيران.
والمتحف الذي بُني على نمط منازل صنعاء القديمة، كان يعد تحفة فنيّة، إذ زيّن بأعمال الجبس المزخرف، والمشربيات الخشبية البديعة، قبل أن تطاله قذائف الخراب الحوثي.
يعود المبنى، لقصر قديم، واتخذه الإمام أحمد "آخر أئمة اليمن"، مقراً له، قبل الإطاحة به أثناء قيام الثورة اليمنية عام 1962 التي أرست النظام الجمهوري.
ورغم إعادة ترميم المبنى المسجل في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو)، إلا أن القصف الحوثي الذي جرى عام 2016، دمّر مخطوطاته ومقتنياته الثمينة.
ويعتقد أن 130 قطعة أثرية، كانت موجودة في المتحف، دُمّرت جراء القصف، أو تعرّضت للسرقة والنهب، فضلاً عن سرقة أبوابه الخشبية القديمة، بحسب مصادر يمنية لـ"العين الإخبارية".
كما أن ما يقرب من 600 مخطوطة جلدية، وأثرية كانت في أدراج المتحف، تحكي حضارة الدولة الفرعونية، وتاريخ مصر القديم، فضلاً عن الدولة الرسولية في شمال اليمن قبل عقود، أصبحت أثراً بعد عين، وهي مخطوطات لا تقدر بثمن.
إرث تاريخي في مهب الريح
وتعد مئذنة الأشرفية التي يعود بناؤها إلى القرن الثامن الهجري، واحدة من أقدم المعالم الإسلامية في تعز، لكنها هي الأخرى، لم تسلم من القصف الحوثي.
وتأتي مأذنة الأشرفية في الترتيب الثاني، بعد مئذنة جامع الجند، التي بناها الصحابي الجليل معاذ بن جبل، في العام السادس للهجرة بتعز، وكانت تعبّر بجلاء عن جزء بسيط من تاريخ وحضارة الدولة الرسولية، التي قاومت تدمير الأئمة لآثار تلك الحقبة.
قديماً كانت مدرسة الأشرفية تعد، من أهم المراكز المتخصصة في تعليم المذهب الشافعي، أما اليوم فصارت تجمّع بين الثقافة والدين بدروس إسلامية وأخرى لتجويد القرآن الكريم وحفظه.
سجل أسود
يصل عدد المواقع الأثرية التي دمّرتها قذائف مليشيات الحوثي في مدينة تعز، إلى نحو 15 معلماً أثرياً من إجمالي 50 معلماً، بعضها دُمِّر بشكل كلي، والبعض الآخر بشكل جزئي.
لعل أبرز تلك المواقع، قلعة القاهرة، متحف تعز، قبة الحسينية، قصر البدر، قصر صالة، مدرسة الأشرفية، حمام المظفر، حمام النعيم، جامع المظفر، مدرسة المعتبية، قبة الشيخ عبدالهادي، قبة المتوكل، المدرسة الأتابكية، استراحة المؤيد، مسجد سيدي.
أغلب المواقع الأثرية في تعز، تعود إلى زمن الدولة الرسولية، التي حكمت اليمن خلال الفترة من 1229 وحتى 1519، واتخذت من مدينة تعز عاصمة لها.
وتشكّل تلك المعالم ذاكرة تعز التاريخية، وتذكر بعظمة المدينة في حقب زمنية مهمة، لكن من المشاهد المؤلمة التي ستروى للأجيال المقبلة، أن تاريخ مدينة تعز، وموروثاتها أصبح رماداً بفعل الحرب الحوثية على المدينة، إذ أرادت مليشيات الحوثي، أن تجعل من تعز بلدة فاقدة لإرثها وتاريخها الحضاري.
aXA6IDMuMTQ1Ljc2LjE1OSA= جزيرة ام اند امز