"أم الكثيري".. يمنية تواجه "الإرهاب" لإنقاذ ابنها
لم تتمالك والدة الشاب اليمني جلال الكثيري نفسها وهي تطالب زوجها بضرورة مرافقته من مدينة عدن إلى مكان احتجاز ولدها، شرق محافظة أبين.
قلب الأم ومشاعرها دفعتها بكل قوة، للبحث عن مصير فلذة كبدها، وأبت إلا أن ترافق زوجها، وعددا من شباب الحي من أصدقاء ولدها إلى حيث يُحتجز.
كان جلال مستوقفا من قبل حاجز تفتيش أمني في مديرية أحور بأبين؛ بسبب احتجاز السيارة التي كان يستقلها دون أوراق ثبوتية، والتابعة لإحدى المنظمات، حيث يعمل موظفا لديها.
خوف أم جلال على ابنها، ساقها لتشهد نهايةً مأساوية ليس لنجلها فقط، بل حتى لزوجها الذي رافقها للبحث عن ابنهما.
ربما هو قلب الأم الذي قاد الأسرة نحو ابنٍ أوقفه القدر في حاجز أمني صار هدفًا لعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي في أبين، الذي شن هجومًا مباغتًا، لحظة وجود جلال ووالده ووالدته، واثنين من أصدقائه.
تحكي مصادر مقربة من هذه العائلة التي تعود أصولها لحضرموت، وجيرانها في منطقة شعب العيدروس بمدينة عدن القديمة، لـ"العين الإخبارية"، كيف أن جلال الكثيري اتصل بوالده ليبلغه أنه محتجز هو وسيارة المنظمة التي يعمل لديها في حاجز أمني بأبين.
ويضيف الأهالي أن جلال طالب والده بالحضور من عدن إلى أبين، ويجلب معه أوراق السيارة حتى يفك حجزها، كما نصحه بإحضار اثنين من زملائه وأصدقائه ممن يعملون في قوات الحزام الأمني للتعجيل بإطلاقها.
فما كان من الوالد إلا التواصل مع أصدقاء ابنه العاملين في قوات الحزام الأمني حتى يكونوا معرّفين له، ويساهموا في إطلاق احتجازه، غير أن والدة جلال أبت إلا أن تكون معهم حين يذهبون نحو ابنها، بحسب قول الجيران.
نجح أصدقاء جلال ووالده بإطلاق سراحه من النقطة الأمنية، بعد إظهار الأوراق الثبوتية للسيارة المحتجزة، وهمّوا بالعودة إلى عدن رفقة والدته، غير أن الموت كان له رأي آخر.
فلم يتح هجوم إرهابيي القاعدة على النقطة الأمنية، للأسرة أي فرصة للابتهاج بإطلاق سراح ابنهم، فكان من بين ضحايا الهجوم المسلح على النقطة، يوم الأربعاء الماضي، ليستشهد الولد جلال ووالده على الفور.
فيما تصاب أم جلال بإصاباتٍ خطيرة؛ نتيجة 8 طلقات إرهابية، نقلت على إثرها إلى مستشفى أطباء بلا حدود في عدن، وما زالت هناك، وفق حديث المصادر المقربة من الأسرة.
مر عيد الأم على والدة جلال دون أن تدرك تفاصيله، لكنها -ودون أن تعلم- ضربت أعظم الأمثلة والنماذج على ما يعنيه هذا اليوم، وسطرت أروع المشاعر باعتبارها أمًا بكل ما تحمله الكلمة من حنان وعاطفة، وخاطرت بنفسها لتكون حاضرةً إلى جانب ولدها.