يوسف القعيد يروي لـ"العين الإخبارية" شهادته عن 30 يونيو والإخوان
بمناسبة الذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو/حزيران 2013 التي أطاحت بتنظيم الإخوان الإرهابي من الحكم بمصر، روى الكاتب والروائي المصري يوسف القعيد، في حوار مع "العين الإخبارية" شهادته عن الأحداث وكواليس "اعتصام المثقفين" في الخامس من الشهر ذاته.
وتحدث الروائي المصري من واقع المعايش والشاهد على الأحداث، عن مبادرة المثقفين بالدعوة إلى الاعتصام بمقر مبنى وزارة الثقافة بعد تعرضهم لخيبة أمل حين جرى إسناد وزارة الثقافة لوزير إخواني من أجل تقييد حرية الإبداع، حيث كانت البداية التي أشعلت جذوة المقاومة المجتمعية وشرارة الثورة في وجه حكم جماعة الإخوان.
ومن تفاصيل الاعتصام، انتقل الروائي الكبير للحديث عن التداعيات الخطيرة في حال استمرار حكم الإخوان على "الثقافة والهوية المصرية"، كاشفا عن نيته كتابة عمل روائي كبير يخلد أحداث الثورة.
ولم ينس "القعيد" الحديث عن اغتيال الجماعة لـ"جانب من تاريخ مصر الحديث في القرن العشرين"، بحرقهم مكتبة ومنزل الكاتب الصحفي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل، في برقاش في 14 أغسطس/آب 2013، والتي كانت بمثابة "قلبه النابض"، و"ثروته الحقيقية"، بعد تدميرهم وإخفائهم لمعالم إنسانية وفنية وتاريخية عظيمة.
ويحتفل المصريون في 30 يونيو/حزيران 2013، بالذكرى العاشرة لثورتهم ضد نظام الإخوان في 2013، والتي أدت إلى عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
ومنذ ثورة الثلاثين من يونيو /حزيران وعلى مدار 10 أعوام، نجحت الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في كسر شوكة الإرهابيين، ودحر الجماعات المتطرفة عبر بناء استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب.
وإلى نص الحوار :
شرارة الثورة
ما أهمية الدور الذي لعبه المثقفون للتمهيد لثورة 30 يونيو/حزيران؟
المثقفون كان دورهم محفزا أساسيا وهاما جدا في إشعال ثورة 30 يونيو/حزيران من عام 2013، التي كانت إرهاصاتها في "اعتصام المثقفين" بمقر وزارة الثقافة بحي الزمالك، حين تجرأ الإخوان بتعيين الإخواني علاء عبد العزيز وزيرا للثقافة.
وشارك في اعتصام المثقفين، الذي جاء بدعوة من المخرج خالد يوسف، مجموعة كبيرة من الفنانين والأدباء والشعراء، الذين تمكنوا من السيطرة على مقر الوزارة لمنع الوزير الإخواني من دخولها، وتم تعطيل العمل بها تماما، بالتوازي مع عقد عروض فنية وأعمال أدبية.
وفي مرحلة لاحقة كان قرار نقل الاعتصام من وزارة الثقافة إلى ميدان التحرير؛ للمطالبة بإنهاء حكم الإخوان، فكان مشهد المسيرة التي انطلقت صوب الميدان مهيبا في ظل التجاوب والتفاعل الكبير معها من المواطنين.
وتبين من درجة التلاحم الكبيرة تلك وحالة التفاعل، كيف كانت مسيرة المثقفين معبرة عن إرادة شعب ورغبته الحقيقية فى التخلص من حكم الإخوان، الذين كانوا ضد الثقافة لأنها إبداع إنساني.
ونشير هنا إلى أن "بيان المثقفين" الذي صدر من قلب الاعتصام، كان هاما للغاية، والذي تضمن التأكيد على ضرورة إنهاء حكم الجماعة، وكان من بين الموقعين عليه؛ المخرج مجدي أحمد علي، ومحمود الورداني وإبراهيم عبد المجيد وفتحية العسال وإيناس عبد الدايم رئيسة الأوبرا وقتها، وفنانون ومثقفون نسوا خلافاتهم ومشكلاتهم واندمجوا تماما في هذا العمل العظيم الذي أعاد لنا مصر مرة أخرى.
صف لنا مشهد الثلاثين من يونيو؟
حين توجهت ضمن الآلاف إلى قصر الاتحادية لمطالبة "مغتصب هذا المكان" أن يرحل منه، وفر لنا الجيش الحماية النفسية والإنسانية اللازمة، ولولا حماية الجيش للمتظاهرين من جميع فئات المجتمع، كان من الممكن أن ينصرف الجميع قبل تحقيق الأهداف المرجوة.
ونؤكد هنا أيضا دور الجيش الهام والحاسم في حماية الثورة، وكذلك دور الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع في ذلك الوقت التاريخي.
ونعتبر أن الرئيس السيسي هو مؤسس مصر الحديثة في القرن الواحد والعشرين بإنهاء حكم هذه الجماعة الباغية الطاغية.
الإخوان وخراب مصر
ماذا لو تقم الثورة، وتداعيات استمرار الإخوان في حكم مصر؟
إذا استمر الإخوان في الحكم، كان الخراب سيعم مصر كلها، حيث كانوا سينطلقون من مصر لأخونة العالم العربي كله، والأمة كلها، وكان المستقبل سيكون مظلما بشكل غير عادي. وسيتم بشكل تدريجي اختفاء الأدب والثقافة والإبداع والسينما والمسرح والفنون الشعبية والتشكيلية.
ويمكن القول إن ما كان يدور في خلد المثقفين، هو ضرورة الدفاع عن المنجز الثقافي المصري على مر العصور من أيام "شكاوى المصري الفصيح" في القرن العشرين قبل الميلاد حتى القرن العشرين بعد الميلاد.
وكذلك الدفاع عن كل من طه حسين ولطفي السيد ونجيب محفوظ وصلاح عبد الصبور وأحمد شوقي وعبد الرحمن الشرقاوي. كما كانت وقفتنا أيضا للدفاع عن الهوية المصرية وعن الأهرامات وأبو الهول وكل ما يمت للحضارة المصرية العريقة.
ونؤكد أيضا أن الإخوان طوال تاريخهم كانوا في عداء مع الثقافة والإبداع الإنساني.
اغتصاب حكم مصر
على مستوى تجربتك الشخصية، هل جمعتك بالإخوان مواقف محددة خلال فترة حكمهم للبلاد؟
نعم.. فقد قام الإخوان بمنع أكثر من مقال لي خلال فترة حكمهم، في وقت رفضت فيه حضور اللقاءات التي عقدها "الحاكم المغتصب لحكم مصر" مع المثقفين، بل وانتقدت من ذهبوا ومن راهنوا على أنه (محمد مرسي) قد يفعل شيئا لمصر، لأنه كان مندوب الجماعة الإرهابية داخل مؤسسة الرئاسة، ويفعل ما يأمرونه بهم، وكان مكتب الإرشاد هو الحاكم.
رغم مرور 10 سنوات على ذكرى ثورة 30 يونيو لم تخلد أحداثها في عمل أدبي كبير.. ما تعقيبكم؟
أتعجب لدرجة الذهول وعدم التصديق، أنه حتى الآن لم يتم تسجيل ما حدث في 30 يونيو/حزيران 2013 في رواية، أو عمل قصصي، أو مسرحي، أو شعري، أو يوميات الثورة، وحتى الآن لم يصدر عمل أدبي كبير يخلد هذا الحدث الهام جدا.
ولا أعلم سبب عدم تجسيد الثورة، لكن لابد أن نتدارك ذلك، وندون هذا، وعلى الصحفيين اللجوء لمن كانوا موجودين والاستماع لشهادتهم على ثورة ٣٠ يونيو.
وهنا أدعو لتحويل سلسلة الحلقات التي يقدمها الكاتب الصحفي محمد الباز بعنوان "الشاهد" على إحدى القنوات الفضائية، مع الذين شاركوا في الثورة إلى سجل بالصوت والصورة ينشر فيما بعد لأنه أكبر دفاع عن عظمة الشعب المصري وتجليات المثقفين المصريين والروح الكامنة في ضمير مصر.
وأكشف في هذا الصدد عبر "العين الإخبارية" أنني أنوي تحويل مشاهداتي في الثورة إلى عمل "روائي" طويل. فلا يجب أن ننسى أن ثلاثية الروائي الكبير نجيب محفوظ؛ بين القصرين وقصر الشوق والسكرية - أخلد ما كتبه محفوظ- تعيد خلق ثورة 1919 بشكل ممتاز، ويجب أن نفعل هذا مع ثورة ٣٠ يونيو، لذا فهناك نية لكتابة رواية عن ثورة 30 يونيو.
وأشير هنا إلى أن مقالاتي في الأهرام ومجلة المصور تحمل حسا روائيا، وغرس نبتة لعمل أدبي عن الثورة، أتمنى أن أستكمله في عمل روائي.
تدمير تراث هيكل
لماذا حرق الإخوان مكتبة الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ الراحل محمد حسنين هيكل؟
وقف "هيكل" بجانب 30 يونيو بشكل كامل، وفي 14 أغسطس/آب 2013 عقب فض اعتصام رابعة، قامت عناصر من جماعة الإخوان بشكل منحط وبربري بحرق مكتبة "هيكل" في برقاش، والتي كانت من أهم مكتبات القرن العشرين ومرجعا للمثقفين المصريين والعرب والعالميين، حيث كان "الأستاذ" يحتفظ بكل ورقة تقع فى يده بالمكتبة، ويعتبرها ثروته الأساسية، وحين كنت أزوره هناك، كان يحدثني بأنها بمثابة قلبه الذي ينبض ويمده بالحياة، وتجسيد لسنوات عمره وكفاحه، وكنت في أحيان كثيرة أتجنب الحديث معه عن هذا الأمر لأنه كان يثير في نفسه شجونا كثيرة.
ونستطيع القول إن حرق وتدمير المكتبة، بمثابة اغتيال لجانب من تاريخ مصر الحديث في القرن العشرين، وتدمير لتراث هيكل الحقيقي.
وكان الكاتب الصحفي الكبير، محمد حسنين هيكل قد أشار في حوار تلفزيوني له في سبتمبر/أيلول 2013، إلى أنه علم أن أوامر صدرت لوحدة الإخوان بإمبابة لتنفيذ سيناريو كان معد مسبقا، مشيرا إلى أن حرق مكتبته ومنزله دمر معاني إنسانية وفنية وتاريخية عظيمة على رأسها 55 لوحة كانت معلقة على إحدى الحوائط تضم مختلف الفنون والرسوم للوحات لكل الفنانين الذين يمكن تصورهم.
ونوه بأن ما تم حرقه في مكتبته، أوراق الزعيم المصري مصطفى كامل، والتي تضم خطاباته للخديو عباس حلمي وخطاباته للخليفة العثماني، مشيرا إلى أنه والدكتور عبد الوهاب المسيري بذلا مجهودات مضنية للحصول على هذه الأوراق من محام يهودي كان يعمل لدى الخديو عباس.
وأضاف: "كما كانت المكتبة تضم وثائق مختلف الحروب التي دخلتها مصر منذ حرب 1948 بالإضافة لوثائق الرئيس الراحل محمد أنور السادات حول تصفية مراكز القوى"، مشددا على أن كل مكان في برقاش يعني ذكرى ومعنى.
aXA6IDE4LjExOS4xMjcuMTMg جزيرة ام اند امز