ماذا لو لم تقم ثورة 30 يونيو 2013؟.. سياسيون مصريون يجيبون
"لو لم تكن ثورة 30 يونيو/حزيران 2013، لكان هناك انقسام مجتمعي كبير وتحولت البلاد لمناطق جذب للإرهابيين، بما يهدد أمنها واستقرارها".
هذا ما أكده عدد من النواب والسياسيين المصريين البارزين في خلاصة قراءتهم لتداعيات استمرار تنظيم الإخوان الإرهابي في حكم مصر أكثر من عام، في حال لم تقم الثورة أو فشلت.
وأشار السياسيون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "الثورة استعادت الدولة الوطنية، وحالت دون اختفاء الشخصية المصرية بهويتها الثقافية المعتدلة، أو محوها تمامًا في طيات الهوية الإخوانية المتطرفة"، مؤكدين أن "أي تصور لسيناريوهات عدم قيام الثورة، أو فشلها سوداوية".
ويحتفل المصريون في 30 يونيو/حزيران 2013، بالذكرى العاشرة لثورتهم ضد نظام الإخوان الإرهابي في 2013، والتي أدت إلى عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
ومنذ ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران وعلى مدار 10 أعوام، نجحت الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في كسر شوكة الإرهابيين، ودحر الجماعات المتطرفة عبر بناء استراتيجية متكاملة لمكافحة الإرهاب.
كشف زيف الإخوان
وفي تقدير الدكتور أحمد يوسف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، فإنه "لو استمر الإخوان فترة أطول من عام في الحكم، لم تكن مصر التي نعرفها، على أصعدة مختلفة، سواء محاولات تغيير هويتها بشكل تدريجي، أو على صعيد توتر العلاقات مع الدول العربية الشقيقة".
وأشار أيضا إلى تعقيدات كانت ستشهدها علاقات القاهرة بالصين وروسيا، في الوقت الذي ستكتشف فيه لاحقا الولايات المتحدة التي رعت المشروع الإخواني، زيفه.
وزاد: "سمعنا أيضا أحاديث غريبة عن الاستعداد والتخلي عن جزء من سيناء، بزعم حل القضية الفلسطينية، علاوة على أحاديث أخرى تتعلق بمنطقة حلايب على الحدود مع السودان نظرا للعلاقة الوثيقة بين نظام عمر البشير السابق والإخوان، وكانت ستصبح كارثة أخرى من كوارث الجماعة".
ووصف السياسي المصري البارز، أداء حكم الإخوان بـ"الكارثي"، "إلى الدرجة التي أفرزت أسرع معارضة وأكثرها فاعلية في التاريخ المصري، حيث لم تستمر الجماعة في الحكم سوى عام واحد".
وأوضح يوسف: "نعلم أن آلية تغيير النظم تستغرق عادة وقتا طويلا وأحيانا عقودا من الزمن، لكن في حالة الجماعة كانت الأغلبية الساحقة من الشعب المصري ضد أدائها"، مشيرا إلى أن هذا الأداء جاء مفاجئا لمن لم يعرفها بشكل جيد؛ لأنها حاولت حين كانت في صفوف المعارضة إعطاء صورة وهمية عن دورها وقوتها، لكن تبين بعد ذلك عجزها الفادح عن حمل المسؤولية.
وكأن خبرات تنظيم الإخوان - وفق أستاذ العلوم السياسية- "قد تركزت فقط في التنظيم السري ومعارضة الدولة، وحين وصلت لحكم دولة بحجم مصر، وتعقيدات السياسة والاقتصاد بها، اتضحت قدراتها، بالتوازي مع الاستبداد والفاشية والفكر الشمولي".
وحول محاولات الجماعة لأخونة الجامعات، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الفترة التي حكم فيها الإخوان، لم تسمح لها إلا بمحاولة العبث في البنية السياسية والدستورية، لكن بنية التعليم والثقافة، لم تتوفر لها الوقت أو القدرات الكافية للتأثير فيها.
ونوه بأن "30 يونيو/حزيران 2013 من أكثر أيام مصر فخرا ومجدا بعد أن ثار الشعب المصري أولا، ثم أمن الجيش المصري على ثورته، وكان يوما عظيما".
فشل المليشيات الموازية
"إن أي تصور لسيناريوهات عدم قيام الثورة أو نجاحها كانت سوداوية؛ لأن مصر كانت في قلب أعنف وأصعب مواجهات"، هكذا قدر طارق الخولي وكيل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، سيناريو استمرار الإخوان الإرهابية في الحكم.
وأوضح الخولي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "أن الأخطر على الشعوب أن تستخدم جماعة في الداخل، لا تؤمن بالوطنية، شعارات الدين كوسيلة للسيطرة على المجتمع ومفاصله، والسعي للبقاء في السلطة لمئات السنين كما كانت تخطط له".
وفي رأيه، فإن الجماعة كانت الخطر الأكبر على مصر عبر تاريخها، "رغم ما عانته البلاد من أشكال كثيرة للاحتلال والحروب، إلا أن ما شهدناه قبل 30 يونيو كان الأخطر، على حد قوله.,
وأوضح "كان وجود الإخوان يهدد الوضع الداخلي، ويمس بشكل مباشر الهوية المصرية"، معتبرا أن 30 يونيو/حزيران "ثورة الهوية المصرية، واستعادة الدولة الوطنية، والتخلص من حكم ثيوقراطي بغيض سعى للسيطرة على مفاصل الدولة".
ومضى قائلا "السعي لأخونة الدولة كان يجري على قدم وساق، عبر محاولة خلق طبقة حاكمة يجب أن تمر من خلالها للعمل العام؛ فمصر كانت ستعرف الطبقية من خلال طبقة تسمى جماعة الإخوان الحاكمة والمتحكمة في مقاليد الأمور".
وأكد أن الخطر الكبير كان بناء مليشيات مسلحة موازية للجيش المصري في أسرع وقت لمواجهة أي تحركات شعبية لإزاحة الإخوان، لكن الثورة أطاحت بمخططاتها.
النموذج الإيراني
ومن جهته، قال الدكتور هشام النجار، الخبير السياسي المصري والكاتب الصحفي بالأهرام، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "30 يونيو أجهضت جميع السيناريوهات الطائفية، وتغيير هوية مصر إضافة إلى الإطاحة بمخطط أخونة الدولة"، متابعا "الجماعة سعت لخدمة أهداف دولية، ومخططات خارجية تضر بالبلاد وبالمصلحة العربية".
وأفشلت الثورة، وفقا للنجار، "المخطط العام للمنطقة الذي كان يحاك لها وكان الإخوان رأس الحربة فيه، وتمثل في الدخول في أتون صراعات مذهبية، وفتن طائفية وحروب أهلية؛ سعيا إلى محاولات إسقاط أنظمة وإحلال أخرى طائفية".
ووفقا لمشاهداته عن قرب للأحداث، رأى الخبير السياسي المصري، أن "الجماعة سعت لمحاولة تطبيق النموذج الإيراني، فكان لديهم ميول لهذا النموذج، بالعمل على وجود مرشد عام ورئيس تابع له، وأن تكون هناك قوة عسكرية موازية كالحرس الثوري في إيران".
وفي هذا الإطار، قال الكاتب الصحفي بالأهرام إن "الإخوان عملت على تخريب وقلب علاقات مصر الطبيعية مع دول الخليج العربي وتحالفاتها القوية مع السعودية ودولة الإمارات، بعلاقات مع نظم إقليمية غير عربية كإيران، والسعي أيضا للتحول في علاقات مصر الإقليمية من تحالف عربي- خليجي- مصري إلى تحالف مصري–إيراني".
وبرهن على الدور الإيراني لتمكين حكم الإخوان في فترة ما بعد 2011 من خلال الدور الذي لعبه حزب الله عبر قيادة عناصره المسلحة للهجوم على السجون المصرية وقت الثورة، لإخراج قيادات التنظيم من السجون.
وخلص النجار إلى أن "استمرار الإخوان في الحكم، كان يعني تحول البلاد إلى منطقة جذب للإرهابيين مع الإفراج عن رموز التنظيمات الإرهابية، واستقبال كافة المسلحين العائدين من سوريا والعراق وليبيا".
كما حاولت الجماعة شق وحدة صف الأمة، ونسيج الوحدة بين المسلمين والمسيحيين عبر الأيديولوجيا المتطرفة والتكفيرية، لكن تلك المحاولات الفاشلة لم تجد نفعا بسبب يقظة ووعي المصريين وتماسك الدولة المصرية التي لم يسمح لهم بذلك، وفقا للنجار.
وأكد أن "مشكلة الإخوان أنهم لم يدركوا الوعي الفكري الكبير للمصريين، والحس الفطري والوطني الجمعي بما يفيد المجتمع والدولة وما يضرها".
خطر الانقسام
ومن واقع اقترابه من الحدث، قال عمرو عبد المنعم الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "مصر كان ينتظرها لو استمر الإخوان في الحكم؛ انقسام مجتمعي كبير، وهو ما كان سيمهد لبوادر تدخلات إقليمية وخارجية في شؤونها الداخلية".
ووصف مشهد ٣٠ يونيو/حزيران 2013، بأنه بمثابة "الحقيقة أمام الزيف والباطل، بعد أن حاولت الجماعة تزييف الواقع".
ونوه بأن "الإخوان استخدموا التيارات الدينية الأخرى كمخلب قط لاستخدام سلاح الإرهاب ضد الدولة، وهو ما تحدث به القيادي الإخواني محمد البلتاجي من اعتصام رابعة حين قال (سينتهي ما يحدث في سيناء في اللحظة التي يرجع فيها محمد مرسي إلى القصر).
كما تطرق الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي إلى محاولات "التمكين وأخونة الدولة"، مبينا "كانت تعتمد سياسة الأخونة على السعي لتغيير بنية المؤسسات التعليمية والثقافية، ومحاولات اختراق الشرطة والجامعات والنقابات والمحليات ووزارات التموين والري وغيرها".
وأضاف: "المجتمع نفسه بعد شهور من حكم الإخوان، بدأت تحدث فيه حالة من الفوضى الفكرية، وعدم الاكتراث لمفهوم المنجز الوطني وكان هناك تسفيه لمعظم المنجزات الوطنية في مقابل المنجزات التي تقوم بها الجماعة والتنظيم"، مشيرا إلى أن "الإخوان شعروا بغرور قوة زائف، وبدت وكأنها تملك حق إدارة المجتمع المصري بطريقة تخالف فكرته وهويته الثقافية".
وكشاهد على الأحداث، قال عبد المنعم إنه قبل فض اعتصام رابعة، كانت منصة رابعة والمركز الإعلامي، مركزا لاستقبال أغلب التنظيمات المتطرفة، ورأيت قيادات من تنظيم القاعدة تصلي مع البلتاجي وصفوت حجازي وغيرهما من قيادات الإخوان".
كما نبه إلى أن استمرار الإخوان لفترة أطول كان سيؤدي إلى "فقدان الكثير من الهوية التي كانت إحدى مميزات الشخصية المصرية".
aXA6IDE4LjE4OC4yMTkuMTMxIA==
جزيرة ام اند امز