فزعات عيال زايد الإماراتيين مشهود لها عند القاصي والداني.
وأنا أكتب هذا المقال، استحضرت كلام صديق سوري قال لي: عندما وصلت لأول مرة إلى الإمارات، جلست مع مجموعة من السوريين لأستمع إلى نصائحهم. وكانت أول نصيحة لهم: "إذا وقعت في مشكلة، أول ما تبحث عنه هو المواطنون الإماراتيون؛ فهم أول من يمكنك الوثوق بهم".
تذكرت هذا الكلام وأنا أشاهد الفيديو الذي انتشر في لندن لاثنين من المواطنين الإماراتيين وهما ينقذان امرأة سقطت في نهر التايمز، وسط حشد كان يمسك الهواتف ويصور المشهد والفتاة تغرق!
المداخل والمخارج إلى النهر كانت مغلقة بحواجز، ولكن ذلك لم يمنع الإماراتيين من القفز فوق الحواجز والنزول إلى أسفل النهر لإنقاذ الفتاة، وسط ذهول الجمهور وإعجابهم بشهامة هذين الشابين.
شاهدت الموقف وأعدت مشاهدته عدة مرات لألتقط كل تعبير وكل حركة. وأكثر ما شدني نظرة الفتاة بعد أن أنقذها الشابان الإماراتيان؛ فقد كانت نظرة عميقة ومعبرة تحكي عن مشاعر الشكر والامتنان لهذين الشابين.. تلك النظرة أثرت فيّ كثيرًا وألهمتني للكتابة.
"الفزعة" كلمة إماراتية دارجة تعبر عن تقديم المساعدة والعون للآخرين، ويتفاخر الإماراتي بهذه الخصلة الطيبة التي تميزه.
الإماراتي بطبعه ومن خصاله "فزّاع". وتجد دولة الإمارات سبّاقة في مساعدة الدول الأخرى في الحروب والزلازل والمجاعات، وقد تصدرت الإمارات قائمة الدول المانحة في العالم بسبب هذه الخصلة النبيلة.
عملية "الفارس الشهم" تُعَدُّ مثالًا حيًا على الدور الإنساني الرائد الذي تلعبه الإمارات على الساحة الدولية. أطلقت الإمارات هذه العملية الإنسانية عقب الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير/شباط 2023، حيث أقامت جسرًا جويًا لإيصال المساعدات الإغاثية العاجلة.
وشاركت فرق البحث والإنقاذ الإماراتية في إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، وقدّمت الدعم الطبي والغذائي للمتضررين، ما يعكس التزام الإمارات بالوقوف إلى جانب الدول المنكوبة ومد يد العون للمحتاجين.
ولا يقتصر دور الإمارات الإنساني على منطقة معينة؛ بل يمتد إلى مختلف أنحاء العالم. فمنذ تأسيسها، جعلت الإمارات من العطاء والمساعدة ركيزة أساسية في سياساتها، تجسيدًا لقيم المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه.
وقد استمرت القيادة الرشيدة في هذا النهج، حيث أطلقت مبادرات إنسانية عديدة، مثل "مبادرة المليار وجبة" التي تهدف إلى مكافحة الجوع عالميًا، وبرامج دعم التعليم والصحة في البلدان الفقيرة.
وفي مجال مكافحة الأوبئة، كانت الإمارات من أوائل الدول التي قدّمت مساعدات طبية للدول المتضررة من جائحة كوفيد-19، حيث أرسلت إمدادات طبية ولقاحات إلى أكثر من 135 دولة، مساهمة بذلك في الجهود الدولية للحد من انتشار الفيروس.
فلا غرابة أن نشاهد شابين إماراتيين في لندن تحركهما جينات "الفزعة" لإنقاذ فتاة تغرق في نهر التايمز. هذه الحادثة تجسد القيم المتجذرة في نفوس أبناء الإمارات، وتعكس الروح الإنسانية التي تميزهم، سواء داخل الوطن أو خارجه.
إن مواقف الإمارات الإنسانية ومبادراتها الإغاثية العالمية ليست إلا امتدادًا لثقافة مجتمع يؤمن بالتعاون والتعاضد ونصرة المحتاجين. وهذه القيم النبيلة هي ما يجعل من الإمارات نموذجًا رائدًا في العمل الإنساني على المستوى الدولي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة