زيدان يقوم بنهضة كبيرة في ريال مدريد، على خطى حقبة جوارديولا الذهبية ببرشلونة، فما أشبه الليلة بالبارحة، تعرف كيف
في صيف 2008 أعلن برشلونة تعيين نجمه السابق ومدرب فريق الشباب حينها بيب جوارديولا مدرباً جديداً للفريق الأول، لتجديد دماء البلوجرانا بعد موسم محبط ونهاية سيئة للهولندي فرانك ريكارد مع الفريق الكتالوني.
ولم يتوقع الكثيرون للمدرب الشاب النجاح الساحق الذي حققه وخلقه لحقبة ذهبية لبرشلونة لم ولن تتكرر بسهولة، ليقوم بعدها بسنوات رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز بالسير على خطى نفس التجربة لعلها تحقق نفس النجاح، ويراهن على نجم الفريق الأسطوري زين الدين زيدان مدرباً للفريق خلفاً للمقال رافائيل بينيتيز في يناير 2016، لينتقده الكثيرون ويشككوا في قدراته وضعف خبرته التدريبية، حتى رغم نجاحه بعدها بشهور قليلة في الفوز بدوري أبطال أوروبا.
جاء زيزو وعمل على الفريق بجد لكي يحسن أوضاعه على قدر ما يستطيع، بعد سوء مستوى ونتائج ومعنويات منخفضة جراء "الخراب" الذي خلفه بينيتيز في الفريق، لينهي الموسم ببطولة كبيرة ثبتت أقدامه بشدة في البيرنابيو، وجعلت الإدارة تثق كثيراً في قدراته وتعطيه كل الصلاحيات لتنفيذ مشروعه الفني الخاص للنهوض بالفريق.
وبالفعل بنى زيدان مشروعه الفني بالريال على 3 أسس رئيسية، تشبه لحد كبير ما فعله جوارديولا في برشلونة بحقبته الذهبية التاريخية، ليحقق النهضة الكبيرة في "الميرينجي" والتي جعلته يسيطر على كل البطولات المحلية والقارية في آخر موسمين، وهي كالآتي:
1) تكوين شخصية خاصة بالفريق
بعد فترة شهدت مرور الكثير من المدربين على الريال وتجريب العديد من الخطط والأساليب التكتيكية والعديد من اللاعبين، فقد الفريق هويته إلى حد كبير وأصبح بلا شخصية فنية واضحة وثابتة، فجاء زيدان وطبع شخصيته الفنية الخاصة على الفريق، وأهم سماتها اللعب الجماعي وإلغاء فكرة اللاعب الأوحد بالفريق، والتحول إلى العقلية الهجومية المركزة بعيدا عن الطرق الدفاعية التي اتسم بها أسلوب الريال في فترات تولي مورينيو وبينيتيز تدريبه، مع الحفاظ على تماسك دفاعي جيد ومنظم، وهو ما استفاد منه كثيرا بفترة احتكاكه مع المدرب أنشيلوتي مساعداً له بتدريب الريال قبل 4 أعوام، وتلك الشخصية وعقلية الفوز التي زرعها بعقول اللاعبين جعلت الريال يلعب كل مبارياته بهدف واحد وهو الفوز ولا غيره، ولا يتأثر او يتفكك بعد استقباله هدف أو هدفين كما كان يحدث سابقاً، بل يتماسك ويعود ويقلب النتيجة بأحيان كثيرة، وهو نفس الأمر الذي زرعه جوارديولا في عقول لاعبي برشلونة وجعل تفكيرهم في الفوز لا غيره بجميع المباريات، وتحويل عقليتهم على الشق الهجومي البحت، ولذلك شهدنا في أول مواسمه الفوز بكافة البطولات وتحقيق نتائج كبيرة بأداء هجومي كبير.
2) الاهتمام بشباب الريال
بلا شك كان المدربون السابقون يأتون إلى الريال ويقومون بسوق انتقالات كبير ويضمون أبرز النجوم لمساعدتهم على الفوز بالألقاب، وهذا ما وقف ضده زيدان بشكل واضح، واهتم بتصعيد أبرز النجوم في فريق الشباب الذي أشرف على تدريبه ويدرك خباياه جيداً، ولم يعد في حاجة للصفقات الكبيرة والمدوية بالانتقالات كما كان متبعا من قبل، وصعّد ماركو أسينسيو جوهرة الريال الحالية، وماريانو دياز المهاجم الواعد، وأعاد المدافع فاييخو، ودعم تواجد لوكاس فاسكيز وكاسيميرو بشكل أكبر، وضم ثيو هيرنانديز وداني سيبايوس هذا الصيف أبرز المواهب الصاعدة في سماء الكرة العالمية، ليخلق جيلا جديدا واعدا للفريق الملكي مستقبلاً، وحالياً يشهد بعضهم تألقا كبيرا ولافتا يحسب لزيزو بوضعه ثقته الكبيرة بهم، الأمر نفسه الذي قام به الفليسوف الإسباني مع البلوجرانا في حقبته الذهبية، فصعد الكثير من اللاعبين الشباب حينها أصبحوا فيما بعد أعمدة الفريق الأساسية مثل بوسكيتس وبويان وبيدرو وتياجو ألكانتارا وغيرهم من النجوم الشباب بالفريق الكتالوني.
3) تطوير مستوى اللاعبين وخلق لمسة جمالية
نجح زيدان بشكل كبير في تطوير مستوى لاعبين بالفريق ليصلوا لمستوى كبير وعالمي، مثل الظهيرين كارباخال ومارسيللو اللذين كانا جيدين لكنهما مع زيزو تطورا بشكل كبير، بالإضافة لمستوى المدافع فاران العالي، وغيرهم من اللاعبين، مما حسن جودة الفريق بشكل كبير وجعله يعتلي عرش أوروبا لموسمين متتاليين بالفوز بدوري الأبطال بالإضافة للدوري الإسباني وكأسي السوبر الأوروبي والمحلي، بجانب خلقه لمسة جمالية على شكل الفريق مستوحاة من أسلوبه الممتع كلاعب أسطوري كان يميزه اللمسة الجمالية في الأداء واللعب الهجومي المميز، وهو الأمر نفسه الذي صنعه جوارديولا مع برشلونة فنجح في تطوير مستوى بعض النجوم الفريق بشكل واضح وكبير ساهم في احتلال برشلونة للبطولات المحلية والقارية، وكان أبرزهم داني ألفيس وجيرارد بيكيه وديفيد فيا وبيدرو وغيرهم من النجوم الذي وضحت بصمته عليهم كثيراً وتحول مستواهم من الجيد إلى العالمي مع جوارديولا.
وبذلك نجح زيزو في الاستفادة من نهضة جوارديولا مع برشلونة واقتباس بعض محاورها الأساسية وتطبيقها في الريال، علماً بأنه خاض فترة معايشة في بايرن ميونيخ تحت قيادة جوارديولا قبل أن يتولى تدريب فريق الشباب بالريال، ليتحول الأمر لتفوق ملكي واضح وهيمنة محلية وأوروبية، ويتراجع برشلونة مثلما كان الحال إبان فترة تولي الفليسوف تدريب البلوجرانا، فما أشبه الليلة بالبارحة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة