«ضريبة زوكمان» لاصطياد أثرياء فرنسا.. مقترح «جريء» محكوم عليه بالفشل

بينما تواجه المالية العامة الفرنسية وضعًا حرجًا وتسعى الحكومة لتوفير 40 مليار يورو من الإنفاق، تبرز "ضريبة زوكمان" كمقترح جريء يتم تقديمه على أنه "حل عادل" لإجبار كبار المليونيرات على دفع حصتهم من الأعباء، لكنه لايحمل الكثير من فرص النجاح.
ورغم دعمها من نخبة الاقتصاديين واليسار، تصطدم المبادرة بجدار الرفض السياسي في مجلس الشيوخ الفرنسي.
ما ضريبة «زوكمان»؟
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، يعرض مجلس الشيوخ الفرنسي هذا الخميس مقترح قانون يهدف إلى فرض ضريبة دنيا بنسبة 2 % على الثروات التي تتجاوز 100 مليون يورو، فيما بات يُعرف باسم "ضريبة زوكمان" نسبة إلى الاقتصادي الفرنسي غابرييل زوكمان.
الهدف المعلن من تلك الضريبة، إغلاق ثغرات التهرب الضريبي التي تسمح لبعض فاحشي الثراء بدفع ضرائب ضئيلة لا تتناسب مع حجم ثرواتهم، بحسب صحيفة "سود ويست" الفرنسية.
وبحسب زوكمان، فإن هذا الإجراء قد يُدر على خزينة الدولة نحو 20 مليار يورو سنويًا، ولن يطال سوى 1 800 عائلة فقط.
يحظى المشروع بدعم قوي من اليسار ومنظمات المجتمع المدني، وعلى رأسهم خبراء اقتصاديون بارزون مثل أوليفييه بلانشار (الرئيس السابق لقسم الاقتصاد في صندوق النقد الدولي) وجان بيزاني-فيري، مهندس البرنامج الاقتصادي لإيمانويل ماكرون في 2017.
كما انضم نحو 50 عمدة فرنسيًا ومجموعة من المنظمات غير الحكومية مثل أتاك وأوكسفام للدعوة إلى تبنّي هذا الإجراء.
رفض «شبه محسوم»
لكن على الجانب الآخر، يبدو أن الرفض شبه محسوم في مجلس الشيوخ ذي الأغلبية اليمينية والوسطية. فقد أعرب العديد من أعضائه عن خشيتهم من أن يُشكّل القانون "إشارة سلبية للمستثمرين الأجانب" و"عائقًا أمام ريادة الأعمال"، كما حذّروا من احتمال دستوريته المشكوك فيها، إلى جانب التهديد المتكرر بـ"هروب رؤوس الأموال".
وصف السيناتور إيمانويل كابوس (من حزب "آفاق") المقترح بأنه "مصادرة فعلية للثروة" تنتهك مبدأ العدالة الضريبية، وهاجم "اللوبي الإعلامي" الذي يضغط لإقراره.
من جهته، أكد وزير الاقتصاد الفرنسي إريك لومبارد استمرار الحكومة في رفض المشروع، واصفًا إياه بأنه "مضر بالاستثمار والموارد الضريبية"، مؤكدًا أن الوزارة تعمل على بدائل لمحاربة "التحايل الضريبي المفرط".
في خضم أزمة مالية غير مسبوقة، يُطرح سؤال جوهري: هل يُمكن إنقاذ الميزانية دون تحميل الطبقة الوسطى أعباء إضافية؟
يقول السيناتور البيئي توماس دوسو: "إذا لم تسهم الثروات الكبرى بما يجب، فكيف سنقنع الطبقات المتوسطة بتقبل خطط التقشف؟".
رغم أن "ضريبة زوكمان" نجحت في عبور المرحلة الأولى في الجمعية الوطنية بفضل أصوات اليسار، إلا أن معركة مجلس الشيوخ تُعد الاختبار الحقيقي. حتى الآن، يبدو أن هذه المعركة السياسية والاقتصادية لا تزال في بدايتها، وسط تصاعد الضغوط الشعبية وتصلب المواقف الرسمية.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuMSA= جزيرة ام اند امز