موثِّق جريمة الإعدام بالخليل في مرمى التهديد الإسرائيلي
موثِّق جريمة إعدام الفلسطيني عبد الفتاح الشريف يتعرض لتهديدات إسرائيلية بالقتل
يأخذ الباحث الحقوقي الفلسطيني عماد أبو شمسية، الذي وثَّق عملية الإعدام الميداني التي نفذها أحد جنود الاحتلال ضد فلسطيني في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، تهديدات بالقتل والحرق تلقاها عقب الحادث، على محمل الجد، دفعته إلى نقل أطفاله الخمسة إلى مكان آخر للمبيت بدلاً من منزله الذي تعرض لمحاولتي اقتحام من المستوطنين الإسرائيليين.
ومع كل المخاطر التي يشعر بها، يُبدي أبو شمسية الذي يقطن في حي تل ارميدة المحاصر من قوات الاحتلال في الخليل، على مواصلة عمله في توثيق جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، قائلاً في حديثٍ خاص لبوابة "العين": "أعمل في هذه المهنة منذ 5 سنوات .. مستمر في عملي وواجبي، هذه المرة كنت حاضرا بالكاميرا ، ولكن هناك جرائم يومية نعمل على توثيقها، هذا هو الحدث الأقوى والأكثر فظاعة".
وقائع الجريمة
وروى أبو شمسية الذي يعمل في مؤسسة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، تفاصيل اللقطات التي سجلتها كاميرته الخميس الماضي، لتجوب العالم بأسره خلال ساعات، وسط تنديد بما اقترفته قوات الاحتلال، قائلاً: "كنت في منزل عندما سمعت حوالي الساعة 8:20 صباح الخميس إطلاق نار.. أسرعت لجهة مكان إطلاق النار الذي لم يكن يبعد عن منزلي سوى 30 متراً، حيث الحاجز الإسرائيلي".
يملك أبو شمسية كاميرا فيديو صغيرة التقطها وتوجه مسرعًا لمسرح الحدث، ليشاهد شابا يرتدي جاكيت أسود ملقىً على الأرض ويئن، حيث بدا أنه مصاب في أطرافه السفلى، وعلى جانب آخر شاهد شخصاً آخر مضرجا في دمائه، فيما كان هناك عدد من الجنود ينتشرون بتحفز في المكان.
وقال "بدأت أصور ولم أكن أعرف ما طبيعة المصابين، ثم انتبهت إلى وجود جندي مصاب، في مكان مجاور، لحظات وقدمت سيارة إسعاف إسرائيلية تابعة لنجمة داوود الحمراء الإسرائيلية، قدمت الإسعاف للجندي ولم تقدم أي إسعاف للشخصين الآخرين".
صمت لحظات وهو يسترجع هذه اللحظات القاسية، قائلاً: شاهدت أحد الجنود يقترب من الشاب الذي يرتدي الجاكيت الأسود والذي كان يئن من الألم، كنت أبعد عن المكان حوالي 10 أمتار فقط، ثم سمعت صوت تعمير السلاح، فسلطت الكاميرا على الجندي وأنا أدرك أنه يعتزم تنفيذ عملية إطلاق نار وإعدام من نقطة صفر بحق الشهيد عبد الفتاح الشريف .. وفعلاً هذا ما حدث .. كان الأمر قاسيا وبشعا".
وذكر أن عملية إطلاق النار وقعت بعد 15 دقيقة من عملية إطلاق النار الأولى. لم ينتبه جنود الاحتلال للباحث أبو شمسية، الذي عاد سريعا إلى منزله، ليسترجع مجددًا بشاعة المشهد.
تهديدات بالقتل والحرق
يقول: "توافد إليّ العديد من ممثلي وكالات الأنباء لشراء مقطع الفيديو، لكن رفضت، وقمت بتسليمه لعملي، حيث تم نشره على صفحة المؤسسة، وكذلك تعميمه عن طريق شبكة "مدافعون عن حقوق الإنسان"، حيث جرى لاحقا تداوله على نطاق واسع.
لم تمض ساعات على بدء تداول الفيديو الذي ينظر إليه خبراء حقوق الإنسان، كواحدة من أبرز الوثائق والأدلة على الجرائم التي يقترفها الاحتلال، حتى بدأت التهديدات المجهولة ترد إلى الباحث أبو شمسية.
أبو شمسية قال "تلقيت اتصالا هاتفيا من شخص يتحدث بلغة عربية متلعثمة، يهددني بالقتل والحرق كما حدث مع عائلة دوابشة (أحرق المستوطنون بيتهم في قرية دوما بنابلس ما تسبب بمقل الرضيع علي دوابشة ولحق به والداها العام الماضي)".
ولم تقتصر الأمور على التهديد، فحاولت مجموعة من المستوطنين اقتحام منزله يوم أمس الجمعة ووجهوا شتائم نابية له وللعائلة، وتكرر ذلك بعد 40 دقيقة، ما تسبب بخلق حالة من الهلع والخوف لدى العائلة.
وأشار إلى أنه يأخذ على محمل الجد هذه التهديدات، حتى إن مؤسسته أبلغته أن مستويات التحريض عليه وعلى المؤسسة عالية، وأن عليه الانتباه، لافتا إلى أنه بقي في المنزل الليلة الماضية مع زوجته فقط، فيما نقل أطفاله الخمسة للمبيت في مكان آخر حتى يكون مطمئنا عليهم لو حدث غدر من المستوطنين.
وأكد أنه يعتزم تقديم شكوى لشرطة الاحتلال غدا الأحد، متأملا من القيادة السياسية الفلسطينية استثمار ما جرى لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ومحاسبتهم.
واعتبر أبو شمسية أن أهمية الفيديو الذي وثّقه تكمن في كونه يوثق أنماطا متعددة من جرائم الاحتلال، فهو من جانب وثق عملية إعدام ميداني نفذها أحد الجنود، ووثق حالة اللامبالاة من الجنود لما جرى، وكذلك الطريق التي تعاملت بها طواقم الإسعاف الإسرائيلية حيث تجاهلت المصابين الفلسطينيين وقدمت الإسعاف فقط للجندي المصاب بجروح طفيفة.