في ليبيا.. الخبز بـ5 أضعاف سعره لوقف الدعم والسوق السوداء
سعر رغيف الخبز شهد ارتفاعًا ساحقًا في الأراضي الليبية ليترك المخابز مغلقة والمواطنين في الطوابير بحثًا عن قوت أطفالهم
أطلت أزمة الخبز برأسها مرة أخرى على الشعب الليبي في جميع مناطق الدولة سواء التي تحت سلطة المؤتمر الوطني في طرابلس أو برلمان طبرق، لتضيف إلى مشاكله الاقتصادية المتعددة بدء من تأخر صرف المرتبات وعدم توفر السيولة في المصارف وارتفاع كبير في أسعار السلع.
وبعد انقطاع الدعم الحكومي للدقيق، يواجه المواطن الليبي حاليا خيارين إذا أراد الحصول على الخبز، فإما أن يضطر لصناعة الخبز في منزله وهو ما سيضيف إلى المشكلة نظرًا لارتفاع سعر غاز الطهي، أو أن ينتظر أكثر من ساعة في طابور طويل للحصول على بعض أرغفة الخبز سعرها ارتفع خمسة أضعاف عن السعر العادي.
وقال الموظف عيسى عبدالسلام (55 عامًا) لبوابة "العين" أثناء وقوفه في طابور طويل لأحد المخابز المحلية، إن "الحال أصبح مزري" في ظل وصول الأزمة إلى قوت الناس خصوصًا لأصحاب العائلات كبيرة العدد. مضيفًا شكوته بأن الراتب يتأخر والمصارف فارغة، ولكن يظل الأطفال في المنزل لا يعلمون كل ذلك، فقط يريدون خبزهم اليومي.
أما المدرس حسام الوداني (37 عامًا) تحدث بغضب عن التجار الذين اعتبرهم سبب الأزمة؛ لأنهم من يشترون الدقيق المدعوم من الدولة ويعيدون بيعه في السوق السوداء، وهو ما انعكس على سعر رغيف الخبز، مضيفًا أن اللوم يقع من جهة أخرى على أصحاب المخابز الذين يصنعون الحلويات بالدقيق المُخصص للخبز سعيًا للمكسب المالي الأعلى على حساب السلعة الأساسية و هي الخبز.
ورأت حواء التاجوري في حديثها لبوابة "العين"، أن ما يحدث من أزمات متعددة خاصة قلة الخبز وارتفاع سعره بهذا الشكل، هو مؤشر على ضعف أداء السياسيين وعدم قدرتهم على إخراج البلاد من أزماتها، معزية ذلك إلى أنهم يعيشون حياة مُرفهة وبمرتبات عالية ولا يعلمون شيء عن معاناة المواطن.
وعلى الجانب الآخر، أشار عبدالباسط التكبالي (49 عامًا) وهو صاحب مخبز، إلى أن الخبازين كانوا لديهم القدرة على خلق توازن بين سعر الدقيق وسعر البيع للمواطن عندما كانت تكلفة قنطار الدقيق 120 دينارًا، أما الآن فقد وصل سعره إلى 180 و190 دينار للقنطار، وهو ما دفع الخبازين إلى إغلاق المخبز، أو رفع السعر لتغطية تكلفة إنتاج وبيع الخبز.
وأرجع صاحب أحد المخابز ويدعى علي أبودية (51 عامًا) ارتفاع سعر الخبز إلى توقف الدولة عن دعم الدقيق منذ فترة طويلة، وهو ما دفع بعض التجار لاستيراده من الخارج بسعره الأصلي وبالتالي يصبح بيعه بسعر أعلى من سعره السابق ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع سعر رغيف الخبز.
والجدير بالذكر أن أخر شحنة دقيق خبز مدعومة من الدولة وصلت إلى ليبيا في 21 أكتوبر من عام 2015، وذلك إضافة إلى توقف الدعم السلعي سواء للدقيق أو لغيره من السلع الأساسية منذ اعتماد المؤتمر الوطني العام قانون الميزانية العامة للدولة لسنة 2015.
ومن جانبه، تحدث رجل الأعمال الليبي والخبير الاقتصادي حسني بي لبوابة "العين" الإخبارية، عن جذور أزمة الخبز والتي رأى أن بدايتها كانت اجتماع تم قبل سنة بين فرعي مصرف ليبيا المركزي في كل من طرابلس و بنغازي مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتم فيه إقرار ميزانية للدولة تُقدر بـ42 مليار دينار ليبي، متضمنة ما مقداره 110 كجم من الدقيق للفرد الواحد خلال السنة وهو ما رآه "معدل مرتفع".
وأشار الخبير إلى أن نصف هذه الكمية من الدقيق كانت تُهرب إلى دول الجوار الليبي بسبب انخفاض سعرها بمقدار النصف، وهو ما أدى بشكل طبيعي إلى نفاذ مخازن الدولة في أقل من المدة المقرر لها بسبب هذا "الاستنزاف الكبير"، لافتًا إلى أنه لا توجد أي سيطرة على عمليات التهريب التي لا تزل قائمة حتى الآن، بل وتستمر على ما هي عليه في ظل الوضع الأمني والسياسي الراهن.
ورأى حسني بي أن الحل الجذري لأزمة الخبز وباقي السلع يتمثل في خيارين، أولهما "تعويم الدينار" وهو ما اعتبره "أمر صعب في الوقت الراهن لعدم وجود آليات في مصرف ليبيا المركزي لإدارة تعويم الدينار"، أو اللجوء إلى فرض رسوم على سعر بيع وشراء النقد الأجنبي، على أن تكون متغيرة بقرار من المصرف المركزي.
وأوضح حسني بي أن فرض هذه الرسوم يحقق هدفين هما خلق توازن في الميزانية العامة وتوفير السيولة في المصارف الليبية، إضافة إلى أنه يخلق عدالة بين الجميع في الحصول على العملة الصعبة من خلال توحيد سعرها لكل الأطراف، عن طريق إغلاق الفجوة بين سعر شراء العملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكي من البنوك والسوق السوداء.
يذكر أن استهلاك ليبيا من الحبوب يصل إلى حوالي مليون و260 ألف طن في السنة بواقع 105 ألف طن في الشهر.
aXA6IDMuMTQ1Ljc4LjExNyA= جزيرة ام اند امز