مفاوضات "جنيف 4" حول سوريا.. خطوة للأمام وخطوتان للخلف
الإحساس بالتفاؤل حيال مسارها لم يستمر طويلا
المتابعون لمسار المفاوضات في "جنيف 4 " حول الأزمة السورية، ما لبس يشعرون بأن ثمة خطوة اتخذت للأمام، حتى يتقهقر هذا الشعور خطوتين للخلف
ما يلبس المتابعون لمسار المفاوضات في مؤتمر "جنيف 4 " حول الأزمة السورية، يشعرون بأن ثمة خطوة اتخذت للأمام في طريق الوصول إلى حل، حتى يتقهقر هذا الشعور خطوتين للخلف مع حدوث تطورات جديدة تبدو خارج السياق.
وإذا كانت هذه الحالة ممتدة منذ بدء الثورة السورية، وتجسدت، على سبيل المثال، في زيادة الشعور بالتفاؤل مع استهداف خلية الأسد الأمنية في يوليو 2012، والقضاء على مجموعة من كبار القادة من بينهم وزير الدفاع ونائبه، مما زاد الشعور حينها باقتراب إزاحة نظام الأسد، فإنها تتجلى بوضوح في مفاوضات "جنيف 4".
وأعطى المبعوث الدولي للأمم الممتحدة ستيفان دي ميستورا، أملاً كبيرًا عندما سأله الصحفيون في 21 مارس/آذار عن مسار المفاوضات، فوصفها بالإيجابية، ثم عاد وربط بين مسار المفاوضات في جنيف وزيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لموسكو يوم 23 مارس/آذار، ليقول: "يجب أن ننظر إلى الوضع برمته بشكل مترابط، بين ما نقوم به هنا، وبين ما سيتم في موسكو وفي أماكن أخرى".
ما قاله دي ميستورا، ربما هو الذي دفع المتحدث باسم هيئة التفاوض "ماخوس" إلى القول لبوابة العين في يوم الزيارة نفسها، إننا نلمس هذه المرة وجود جدية من المجتمع الدولي في محاولة الوصول لحل.
وبنى ماخوس رأيه حينها على عدة شواهد، كان من بينها الرسالة الإيجابية التي أعطاها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإعلان سحب جانب كبير من القوات الروسية من سوريا، بالتزامن مع بدء مفاوضات "جنيف 4".
ولم تستمر المعارضة طويلا على تفاؤلها، فبعد يوم واحد من تصريح ماخوس فاجأنا دي ميستورا، بوثيقته ذات الـ12 بندا، التي قال إنها تمثل قواسم مشتركة للحل السياسي، تجمع المعارضة مع النظام السوري.
الوثيقة لم تتطرق من قريب أو بعيد إلى مصير بشار الأسد ، وهي "أم القضايا"، كما يصفها دي ميستورا نفسه، وتطرقت لعدة بنود من بينها "إصلاح مؤسسات الدولة وفق المعايير الدولية، ورفض الإرهاب رفضًا قاطعًا مهما كان مصدره منظمات أو أفراد، وإعادة بناء الجيش السوري وتفقد قواعده الوطنية مع إدراج المجموعات المسلحة فيه، وتأمين الظروف الملائمة لإعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، ورعاية وإنصاف كل من تضرر من الحرب السورية.
كما تناولت الوثيقة، التأكيد على سيادة سوريا غير المنقوصة، ورفض أي تدخل خارجي بالشؤون الداخلية للبلد، واعتبار نظام سوريا يقوم على أساس دولة ديمقراطية غير طائفية، والمحافظة على حقوق النساء في التمثيل العادل، وتأمين بيئة استقرار خلال الفترة الانتقالية بما يضمن تكافؤ الفرص، وعدم التسامح بالأعمال الانتقامية من أي طرف كان.
وعلى الرغم من أن ديمستورا، أعلن أن هذه الوثيقة التي تم تسليمها للمعارضة السورية والنظام ليست هي نهاية المطاف؛ حيث توجد جولة جديدة من المفاوضات في 9 إبريل المقبل، إلا أن التصريحات الصادرة عن موسكو بخصوص زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، تكشف عن أن تجاهل مصير الأسد في الوثيقة ربما جاء بالتنسيق بين واشنطن وموسكو.
موسكو قالت على لسان نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، أول أمس الجمعة، إن الولايات المتحدة تفهمت موقف موسكو بأنه ينبغي عدم مناقشة مستقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد في الوقت الراهن.
ومع أن الإدارة الأمريكية نفت المزاعم الروسية، مؤكدةً أن "الأسد فقد شرعيته في الحكم" إلا أن وثيقة دي ميستورا تشير إلى عكس ذلك، الأمر الذي أصاب المعارضة بخيبة أمل.
وبينما كانت المعارضة تنتظر من زيارة كيري لموسكو مواقف أكثر وضوحًا تزيد من جرعة الأمل لديهم، جاءت الزيارة برسائل متضاربة.
ويعود ماخوس الذي سبق وقال "نشعر بجدية من المجتمع الدولي" تعليقا على زيارة كيري، ليقول من جديد لقناة العربية: "نشعر أن هناك غموضًا يحيط بطبيعة الاتفاق الذي توصلت إليه موسكو وواشنطن، فيما يخص العملية السياسية السورية".
فهل سيؤثر هذا الغموض على مسار المفاوضات؟ الأيام المقبلة التي تسبق استئنافها يوم 9 إبريل ربما تقدم إجابة على هذا السؤال.
aXA6IDMuMTQ1LjcuMjUzIA== جزيرة ام اند امز