"العين" تكشف كواليس دخول حكومة الوفاق الليبية إلى طرابلس
العاصمة الليبية طرابلس تعيش على وقع أصوات الاشتباكات المسلحة منذُ تواتر الأخبار عن مباشرة حكومة فايز السراج مهامها من الداخل
مع دخول حكومة الوفاق الليبية إلى طرابلس، تكشف "العين" كواليس دخولها في ظل ما شهدته طرابلس خلال الأيام الماضية، إذ تصحى وتبيت على وقع أصوات إطلاق النار والإشتباكات بالأسلحة الخفيفة المتوسطة منذُ تواتر الأخبار عن انتقال حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج لمباشرة مهامها من الداخل.
وتعيش ليبيا حالة من الجمود السياسي ناتجة لتغيير العلاقات وتبدلها بين أطراف الصراع الذي كان قائماً قبل ظهور حكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن الأمم المتحدة، والتي لم تلق القبول من كلا البرلمانين المسيطرين على مقاليد السلطة في البلاد "المؤتمر الوطني في طرابلس" و "مجلس النواب في طبرق" ليظهر ما سُمي بالحوار "الليبي الليبي" بعد لقاء تم في مالطا في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بين كل من نوري أبوسهمين وعقيلة صالح، مُعلنين بشكل أو بآخر عدم قبول مُخرجات الأمم المتحدة عقب جولات حوار الصخيرات.
و لكن بعد دخول حكومة الوفاق إلى طرابلس بعد مضي نصف شهر من إعلانها ذلك ، بدأ المشهد السياسي عموماً يزداد توتراً مع بروز حالة من الإرباك، إضافة إلى استنفار أمني عبر انتشار نقاط التفتيش في داخل العاصمة طرابلس، وتواصل سماع إطلاق النار في أغلب الأيام وخصوصاً في أوقات الليل.
و يُعتقدُ أن استمرار وتواصل أصوات الرصاص صادر عن المجموعات المسلحة الرافضة لدخول حكومة "السراج"، كمحاولة لإرسال رسالة للدخل مفادها بأن دخول حكومة الأمم المتحدة ستسهم في إشعال فتيل القتال، ورسالة أخرى للخارج تقول إن العاصمة غير آمنة لدخول هذه الحكومة.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض المجموعات المسلحة والمجالس العسكرية الخاصة ببعض المدُن والمناطق أعلنت تضامنها مع حكومة السراج والعمل على حمايتها وتأمينها وتمكينها من ممارسة مهامها من داخل العاصمة طرابلس كعدد من الكتائب المسلحة التابعة للمجلس العسكري مصراتة ومجلسها البلدي، وبعض المجموعات المسلحة من داخل مدينة طرابلس.
فيما أعلنت تشكيلات مُسلحة أخرى رفضها التام لهذه الحكومة مثل "غرفة ثوار ليبيا" والمنضوية تحت "المؤتمر الوطني العام" والتي توعدت في بيان لها بحرب طويلة مع كل من يدعم هذه الحكومة ويقدم لها العون ويمكّنها من الدخول إلى ليبيا، الأمر الذي ينبئ باحتمالية حدوث صراع مُسلح بين كل هذه المجموعات المسلحة الرافضة والمؤيدة لحكومة الوفاق.
لعل من أبرز ما صدر عن حكومة طرابلس التي يترأسها "خليفة الغويل" والتابعة للمؤتمر الوطني العام كمحاولة لعرقلة دخول حكومة السراج لطرابلس هو غلق الأجواء ومطار معيتيقة الدولي الواقع بمدينة طرابلس يوم الأحد الماضي، لمنع هبوط طائرة كانت تُقل المبعوث الأممي مارتن كوبلر يقال بأنه كان يعتزم الالتقاء في هذه الزيارة ببعض ممن يعمل معهم على الترتيبات الأمنية لتأمين دخول حكومة "السراج" لليبيا.
فيما انتشرت شائعات كثيرة خلال اليومين الماضيين في طرابلس حول حكومة الوافق، هو ما زادت الأمر تعقيداً وإرباكاً على الصعيد الشعبي.
ومن هذه الشائعات أن تونس أجبرت السراج وحكومته على مغادرة أراضيها، وأيضاً أن كل أعضاء حكومة السراج في الطائرة متجهين إلى طرابلس وسيدخلونها، وأن هناك من يؤمن هذا الدخول.
كما تحدثت بعض الشائعات أن "حكومة السراج ستتوجه للسعودية والبقاء هناك حتى يتم الترتيب الأمني لدخولها" الأمر الذي خلق نوعا من عدم الاستقرار في المزاج العام للناس.
غير أن المستشار الإعلامي للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق "فتحي بن عيسى" نشر على صفحته الشخصية على "فيسبوك" نفياً لكل هذه الشائعات، موضحاً أن لجنة الترتيبات الأمنية تعمل على تنفيذ مهمتها بحرفية ومسؤولية؛ مؤكدا أن عقيدتها سلامة المواطن أولاً، وتمكين المجلس الرئاسي من مباشرة مسؤوليته تجاه الوطن.
ولعل أبرز ما يواجه حكومة السراج من تحديات لبدء العمل من داخل ليبيا هو عدم حصولها على ثقة قُبة البرلمان، بحسب ما نص عليه اتفاق "الصخيرات" المغربية، غير أن هذه الحكومة اعتمدت في قرار عزمها العمل من الداخل على قائمة توقيعات من برلمانيين وافقوا على منحها الثقة والشرعية للعمل كحكومة مُعترف بها، كذلك تصريحات المبعوث الأممي مارتن كوبلر في الثاني والعشرين من هذا الشهر، مشدداً بضرورة دخول حكومة الوفاق لطرابلس والعمل من الداخل مُعتبراً ذلك أمراً مُلِحا وعاجلا.
ليأتي الرد يوم أمس الثلاثاء من رئيس الحكومة التابعة للبرلمان، عبد الله الثني، في مؤتمر صحفي له معلناً عدم اعتراف حكومتة بحكومة الوفاق طالما لم يصادق عليها البرلمان، معتبراً أن "المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق" يريد القفز على السلطة في ليبيا مستفيداً من دعم أطراف محلية ودولية له، كما أردف بأن حكومته غير مُعترِفة بالتصريحات التي يصدرها المبعوث الأممي مارتن كوبلر، بشأن منح الثقة لحكومة الوفاق.
عدم المصادقة على حكومة السراج من البرلمان المُعترف به دوليا، ووفق اتفاق الصخيرات خلق جدلاً قانونياً بين القانونيين والمراقبين والمُهتمين بالشأن الليبي، ما زاد المشهد تعقيداً.
حيث أشار المحامي و الوزير السابق "محمد الحراري" في تصريح لـ"بوابة العين" الإخبارية أن دخول حكومة "السراج" للعمل من طرابلس، ودون حصولها على الثقة من داخل البرلمان يعتبر غير متوافق بتاتاً مع القانون الذي يُلزم هذه الحكومة بالحصول على الاعتماد بشكل توافقي من قبل أعضاء البرلمان ووفق آلية قانونية.
كما يعتقد المحلل السياسي إبراهيم العلاقي الذي قال لـ"بوابة العين" إن دخول حكومة السراج دون حصولها على ثقة البرلمان وفق الآلية المتفق عليها في الاتفاق السياسي المُبرم بين الأطراف تحت رعاية الأمم المُتحدة يُعتبر سابقة سياسية غير معروفة ضمن برتوكلات تسليم السلطة، الأمر الذي سيزيد الوضع تعقيداً.
أما مصطفى العزابي (42 عاماً) وهو صاحب محل بقالة لبوابة "العين" الإخبارية متذمراً من الوضع العام قالا إن الشعب الليبي لا يستحق كل هذه المعاناة، فكل يوم بتنا نسمع بأخبار الخطف والقتل وعصابات الحرابة، نحن نريد أي حكومة تأتي وتُنقد البلاد من هذا التشرذم والانقسام بين حكومتين.
فيما رفض محمود بن نوري (37 عاماً) يعمل في محل لبيع الأثاث دخول حكومة السراج، معتبراً أنها لا تختلف عما هو موجود من حكومات.
وقال بن نوري لـ"بوابة العين" إن السراج يعتبر مثل من سبقه لا يملك قراره، وأنه ينفذ أجندة لتدمير البلد مثل ما فعلت الحكومتين الموجودتين.
"نادية المسعودي" 33 عاماً تعمل مدرسة قالت لـ"بوابة العين" إنه على حكومتي"الثني" و"الغويل" ضرورة التسليم لحكومة "السراج" لأنها تلقى قبولاً شعبياً، كذلك لأن حكومتي الشرق والغرب أثبتتا فشلهما.
وبين الأزمات التي يعانيها المواطن وبين انتشار الشائعات وتعنت كل الأطراف السياسة؛ يعيش الليبيون حالة من القلق والترقب لما هو آتٍ من أحدث، مع امتزاج التفاؤل بالتشاؤم حول وضع البلاد في حال دخول حكومة "السراج" لليبيا ومباشرة مهامها من العاصمة طرابلس.
aXA6IDMuMTIuMTIzLjQxIA== جزيرة ام اند امز