"العندليب" وعشاقه .. "لحن الوفاء" رغم 39 عامًا على الرحيل
يوم بكى فيه الملايين وانتحرت مراهقات
30 مارس/آذار العام 1977 .. اليوم الذي استيقظت فيه شوارع مصر على الخبر المفجع .. رحيل عبد الحليم حافظ.
30 مارس/آذار العام 1977 .. اليوم الذي استيقظت فيه شوارع مصر على الخبر المفجع .. رحيل عبد الحليم حافظ.
رحل "العندليب" في أوج مجده وقمة شهرته، بعد سنوات من الطرب الجميل والرومانسية العذبة، انتشر نبأ وفاة "العندليب" الصادم سريعا، من المستشفى التي كان يرقد بها في لندن، وطار لعواصم العرب والعالم، على وقع صرخات الحزن، حتى أن بعض فتيات مصر المراهقات انتحرن تحت وطأة الصدمة.
توفى حليم عن47 عاما، كان المرض رفيق جسده الضئيل، أصيب صغيرا بالبلهارسيا وتفاقم مرضه كبيرا بتليف في الكبد، أجرى خلال حياته 61 عملية جراحية، وظلت الأزمات الصحية ونوبات النزيف رفيقا له طيلة سنوات حتى وفاته، بينما الغناء دواؤه الوحيد، وأصوات الجماهير وتصفيقهم سر سعادته، حتى ودعه الملايين ميتا كما صاحبوه حيا، فى جنازة شعبية مهيبة، لم يفق حجمها سوى جنازتى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وسيدة الغناء العربى "أم كلثوم".
عبر أكثر من 230 أغنية عاطفية ووطنية وابتهالات دينية، ظل عبد الحليم الحافظ لسنوات متربعا على عرش الطرب العربى، لا ينافسه عليه إلا عظماء قليلون، بينما "العندليب" "العصفور الصغير ذي الصوت الشجى"، يطرب الآذان من المحيط للخليج، ويوثق بأغانيه أروع الحظات في عمر المصريين والعرب.
ولد عبد الحليم على شبانة في 21 يونيو/ حزيران عام 1929 بقرية الحلوات فى محافظة الشرقية، وهو الابن الأصغر بين 4 إخوة هم إسماعيل ومحمد وعلية، توفيت والدته بعد ولادته بأيام، وقبل أن يتم عبد الحليم عامه الأول، توفي والده ليعيش اليتم من جهة الأب كما عاشه من جهة الأم .
منذ دخول العندليب الأسمر للمدرسة، تجلى حبه العظيم للموسيقى حتى أصبح رئيسا لفرقة الأناشيد في مدرسته، ومن حينها وهو يحاول الدخول لمجال الغناء لشدة ولعه به.
التحق حليم بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943 ، حين التقى بالفنان كمال الطويل، ودرسا معا في المعهد حتى تخرجهما عام 1948 ، ورشح للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج، لكنه ألغى سفره وعمل 4 سنوات مدرساً للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق، وأخيرا بالقاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بعدها بفرقه الإذاعة الموسيقية عازفا على آله الأبواه عام 1950.
التقى مع صديق ورفيق العمر الأستاذ مجدي العمروسي في 1951 في بيت مدير الإذاعة، في ذلك الوقت، اكتشفه الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب العندليب الأسمر عبد الحليم شبانة ، وسمح له باستخدام اسمه "حافظ" بدلا من شبانة.
اتسم حليم بالذكاء الشديد، والجنوح إلى التجديد والمغامرة، بأنماط غنائية غير مألوفة على آذان المستمعين وقتها، وما لبث أن تلقته قلوب الشباب والفتيات بالحب إلى حد الوله، وجابت شهرته سريعا آفاق مصر والوطن العربى.
يا حلو يا اسمر، صافيني مرة، على قد الشوق، زي الهوا، سواح، حاول تفتكرني، أي دمعة حزن لا، أهواك، نبتدي منين الحكاية، فاتت جنبنا، قارئة الفنجان ورسالة من تحت الماء، عشرات الأغاني التي شارك فيها العندليب الأسمر أعظم الشعراء الغنائيين "محمد حمزة وعبد الرحمن الأبنودي ونزار قباني ومرسى جميل عزيز وغيرهم"، والملحنين "محمد الموجى وكمال الطويل وبليغ حمدى ومحمد عبد الوهاب وغيرهم".
بعد نكسة 1967 غنى العندليب الأسمر، في حفلته التاريخية، أمام 8 آلاف شخص في قاعة ألبرت هول في لندن لصالح المجهود الحربى لإزالة آثار العدوان، وقدم عبد الحليم في هذا الحفل أغنية المسيح، كلمات عبد الرحمن الأبنودي وألحان بليغ حمدي، وغنى في نفس الحفل أغنية عدى النهار، وهي أيضاً للأبنودي وبليغ حمدي، وهي واحدة من أبرز أغاني حفلات عبد الحليم على مدار تاريخه الطويل.
كثيرون من النقاد أجمعوا على أن ذكاء عبد الحليم حافظ الشديد وخلفيته المعرفية الواسعة، وإحساسه العالى وموهبته الفطرية، كانت عناصر بقائه على قمة الوسط الغنائى في حينه وطيلة سنوات، بلغت فيها شهرته الآفاق، وصار خلالها صديقاً للقادة والرؤساء العرب مثل الرئيس الجزائرى الحبيب بورقيبة، وملك المغرب الأسبق الحسن الثانى وغيرهم.
قدم عبد الحليم حافظ للسينما 16 فيلما تعد من الأبرز في تاريخ السينما المصرية، بتنوع أفكارها وتمثيلها لحالات الحب والأزمات العاطفية والإنسانية، حتى وجدت قبولا غير مسبوق بين المشاهدين وتصدرت الإيرادات، ولم تزل حتى الآن نبعا لا ينضب لذكريات الفن الجميل.
وكان أول أفلامه "لحن الوفاء" عام 1955، وتواصلت إبداعاته السينيمائية حتى عام 1969 بفيلم "أبى فوق الشجرة"، بينما كان من أشهر أفلامه "الوسادة الخالية" و"شارع الحب" و"حكاية حب" و"البنات والصيف" و"يوم من عمرى".
aXA6IDE4LjIyNS4yNTQuODEg جزيرة ام اند امز