القضاء الإسرائيلي يحمي المجرمين
محكمة إسرائيلية تفرج عن قاتل الشريف، والنيابة تغلق ملف تحقيق في استشهاد طفلين.
لا يساور الفلسطينيون أدنى شك بأن إجراءات محاكمة جنود الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الإسرائيلية على خلفية إعدامهم فلسطينيين تأتي لقطع الطريق على رفع القضايا أمام المحاكم الدولية لإدانة المسؤولين عن تلك الجرائم.
آخر فصول المحاكمات "الصورية" بحسب الفلسطينيين، كان قرار محكمة إسرائيلية مساء أمس، الإفراج عن الجندي الإسرائيلي قاتل الجريح الفلسطيني عبد الفتاح الشريف، مع حجزه داخل قاعدته العسكرية لمدة 8 أيام.
وأظهر تسجيل فيديو وثقه حقوقي فلسطيني الجندي الإسرائيلي وهو يطلق الرصاص مباشرة على رأس الشريف وهو ملقى على الأرض في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية في الرابع والعشرين من شهر مارس الماضي.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أنه تقرر الإفراج عن الجندي وإبقائه قيد الاعتقال المفتوح داخل قاعدة لواء "كفير".
وكانت المحكمة قد أدانت الجندي في وقت سابق بالقتل غير العمد وبالإهمال؛ ما تسبب بمقتل أحد منفذي عملية الخليل في ذلك اليوم.
وفي سابقة مماثلة، قررت النيابة العسكرية الإسرائيلية، مساء الأربعاء الماضي، إغلاق ملف التحقيق في قضية إعدام جندي إسرائيلي الفتيين محمد أبو ظاهر ونديم نوارة، في بلدة بيتونيا قضاء مدينة رام الله عام 2014 على يد قناص في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
رئيس مجموعة الحق والقانون غاندي الربعي يؤكد أن المحاكم الإسرائيلية لن تعطي الفلسطينيين أي حق، مشددًا على أن القضاء الإسرائيلي يشكل حمايةً لجنوده من الملاحقات القضائية الدولية.
ويوضح الربعي لبوابة "العين" الإخبارية، أن القضاء الإسرائيلي ينظر في القضايا التي تعرض عليه شكلًا لمنع الفلسطينيين من رفع قضايا أمام محكمة الجنايات الدولية، والمحاكم الدولية الأخرى.
وأشار الحقوقي الفلسطيني إلى عشرات القضايا التي برأت فيها المحاكم الإسرائيلية المختلفة، الجنود من جرائم ثابتة بالأدلة القطعية، لافتًا إلى إدانة تلك المحاكم الفلسطيني دون توفر أدلة قطعية الثبوت في كثير من الحالات، في تساوق من القضاء مع أجهزة الأمن والجيش والمستوى السياسي لتجريم النضال الفلسطيني المشروع.
ويقول الربعي، إن رفض المحكمة العليا الإسرائيلية، أمس، الالتماس للمطالبة بمشاركة طبيب فلسطيني في تشريح جثمان الشريف، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن "القضية ستضاف إلى سلسلة قضايا سابقة تم تبرئة القاتل منها برسم القضاء".
ازدواجية معايير:
ويقول الحقوقي عبد الحليم أبو سمرة مدير الإعلام في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن التطورات الأخيرة المتعلقة بإفراج المحكمة عن قاتل الجريح عبد الفتاح الشريف، وقبله بساعات إغلاق ملف قتل طفليين ببيتونيا، ليس مفاجئًا؛ فالقضاء الإسرائيلي أثبت على مدار السنوات الماضية عدم نزاهته، وأنه يتعامل بازدواجية معايير في نظر الملفات؛ تمس بأسس العدالة.
وأكد أبو سمرة لبوابة "العين" الإخبارية، أن إطلاق سراح جندي في جريمة قتل وإجهاز لجريح مكتملة الأركان موثقة بالصوت والصورة، تعزز المسؤولية على الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف للإيفاء بالتزامها بالعمل على ضمان تطبيقها، وذلك بمد ولايتها القضائية الداخلية لمحاسبة مجرمي الحرب، بغض النظر عن جنسية مرتكب الجريمة ومكان ارتكابها، لتمهيد الطريق لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وإنهاء حالة الحصانة التي يتمتعون بها منذ عقود.
وتابع، هذه الدول مطالبة بالخروج عن صمتها إزاء ما يقترف الاحتلال من جرائم وبتشجيع من المستويات الرسمية والقضائية، إذ إن الأوان لرفع الحصانة التي يتمتع بها مجرمو الحرب الإسرائيليون.
إغلاق ملف التحقيق في استشهاد طفلين:
وفي قضية مماثلة، قررت النيابة العسكرية الإسرائيلية، مساء الأربعاء الماضي، إغلاق ملف التحقيق في قضية إعدام الطفلين الفلسطينيين محمد أبو ظاهر ونديم نوارة، في بلدة بيتونيا غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية عام 2014 على يد قناص في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن النيابة الإسرائيلية أغلقت ملف التحقيق في قضية استشهاد أبو ظاهر ونوارة على أيدي جنود الاحتلال، بدعوى عدم كفاية الأدلة اللازمة للتحقيق في ظروف الحادثة.
واستهجن الربعي إغلاق ملف التحقيق في قضية تم توفير أدلة قاطعة لإدانة الجندي القاتل بنسبة 97%، وتابع: "بعد هذا الإجراء ماذا عسانا ننتظر من قضاء على هذه الشاكلة؟".
بدورها أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تلجأ باستمرار إلى إعطاء الانطباع بوجود تحقيق في مثل تلك الجرائم التي يرتكبها جنود الاحتلال ضد الفلسطينيين، وهي لا تقوم فعليًّا بأية تحقيقات جدية.
وأشارت الخارجية في بيان تلقت بوابة "العين" نسخة عنه، إلى أن هذا نهج إسرائيلي رسمي مألوف، يقوم على طمس الأدلة وسرقتها وإخفائها بكل عنجهية، ولا يعترف بالفيديوهات التي توثق جرائم الاحتلال كأدلة ويعتبرها غير كافية، الأمر الذي يشجع هؤلاء الجنود لارتكاب مزيد من هذه الجرائم.
وطالبت المنظمات الحقوقية الدولية بالتحرك الفاعل لكشف زيف ادعاءات الاحتلال، من خلال طلب نسخة من التحقيقات المزعومة، ولفتت نظر المحكمة الجنائية الدولية إلى أن جهاز القضاء والعدالة في إسرائيل منحاز، ويشكل جزءًا لا يتجزأ من منظومة الاحتلال وانتهاكاته، مع ضرورة أخذ ذلك بعين الاعتبار في التحقيقات الأولية التي تجريها المحكمة.
كما طالبت الخارجية المقرر الخاص لحقوق الإنسان، لبدء العمل والتحرك وتحمل مسؤولياته حيال هذه القضايا الخطيرة، ورفع تقرير مفصل عن تلك الجرائم، لتتم مناقشته على مستوى الجهات الأممية والدولية المسؤولة والمختصة، لمساءلة ومحاسبة إسرائيل كقوة احتلال على خروقاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني، وانتهاكاتها الفظة للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وارتكابها المستمر للجرائم التي ترتقي إلى مستوى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.
aXA6IDMuMTQ2LjEwNy4xNDQg جزيرة ام اند امز