القرارات المرتقبة لاجتماع "أوبك" الدوحة، منتصف أبريل الجاري، بتثبيت حجم الإنتاج، قد لا تكون فاعلة، لماذا؟
من المقرر أن تعقد الدول المصدرة للبترول داخل منظمة "أوبك" وخارجها، منتصف أبريل/ نيسان، اجتماعًا لحسم اتفاق تجميد "تثبيت" إنتاج النفط عند مستويات يناير/ كانون الثاني الماضي، وفقًا لحصص كل دولة، في محاولة لإعادة الاستقرار لأسعار النفط المتهاوية من منتصف العام الأسبق 2014.
يأتي الاجتماع المرتقب تنفيذًا لاتفاق توصلت إليه كل من السعودية وروسيا وقطر وفنزويلا في اجتماع وزاري في الدوحة، منتصف فبراير/ شباط الماضي، وامتداد لاتفاق سعودي روسي سابق، للحد من فائض الكميات المعروضة ومواجهة التراجع في الأسعار، وسعيًا لإعادة الاستقرار لها.
السؤال المطروح، إلى أي حد يمكن أن يؤثر قرار الاجتماع المرتقب، والمتوقع أن تستضيفه الدوحة، يوم 17 أبريل/ نيسان، على الأسعار ويصبح فاعلًا، في حال الاتفاق عليه من جميع الدول؟
معلومات "أوبك" تشير إلى أن فجوة الفائض في قطاع النفط، خلال الربع الأول من العام الجاري، قد توسعت بشكل ملحوظ لتصل في أقل التقديرات إلى مليوني برميل يوميًا، وفي أعلاها إلى 2,5 مليون برميل.
هذا الفائض في حد ذاته يمثل رؤية معاكسة تمامًا لكل التوقعات التي تشير إلى آفاق بارتفاع أسعار النفط، وعلى العكس تمامًا توضح كل التحليلات المتخصصة أن أسعار النفط في اتجاه نحو انخفاضات جديدة وربما متتالية إذا ما استمر هذا الفائض، وأخذ في التزايد من شهر إلى آخر.
البيانات تشير إلى أن المملكة العربية السعودية وروسيا هما أحد الأسباب الرئيسية في نمو المعروض النفطي، في ظل مستويات إنتاجهما اليومي، وهو ما ظهر جليًا في إنتاج فبراير/ شباط الماضي، في وقت تراجع فيه الطلب بنحو 600 ألف برميل يوميًا خلال الربع الأول من 2016، قياسًا على حجم الطلب في الربع الأخير من العام الماضي، وهو ما يمثل أهم أسباب بروز الفجوة.
المزيد من الأرقام تزيد من قلق المنتجين والمراقبين لقطاع النفطِ، فلا شك أن نمو العرض بهذه الوتيرة، يعني بالضرورة انخفاضًا في الأسعار، ويبعد إلى حد كبير أي تنبؤات بزيادة في أسعار النفط، خصوصًا إذا ما أخذنا في الاعتبار عودة إيران لسوق النفط، ورفع إنتاجها اليومي من 2,9 إلى 3,1 مليون برميل، ورفضها أية وصاية بتثبيت حجم الإنتاج، والسابق اقتراحه من السعودية وروسيا.
وقد رصد تقرير حديث لشركة "آسيا للاستثمار"، أن "الزيادة في العرض النفطي اليومي في الربع الأول من 2016، جاء بالرغم من أن شهر فبراير/ شباط شهد انخفاضًا في المعروض، بما يعادل 200 ألف برميل والذي جاء معظمه من إنتاج دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية العراق ونيجيريا، فيما زادت السعودية وروسيا إنتاجهما، كما ارتفع المخزون النفطي في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 10% خلال الفترة المنتهية من العام الجاري".
ويصبح السؤال المهم، إلى أين تتجه الأوضاع، مع اقتراب عقد دول "أوبك" ودول أخرى، اجتماعًا في منتصف أبريل/ نيسان بشأن اتفاق تجميد هذه الدول إنتاجها من النفط، والوصول إلى توافق بين المنتجين حول قرار مصيري ومهم للغاية في تاريخ المنظمة الدولية؟
شبه المتفق عليه بين المحللين، أن قبول المنتجين لاتفاق تجميد الإنتاج، لا يعني وضع حد للمعروض النفطي، والمؤكد أن الأمر يحتاج إلى وقت حتى يقل، وليس زوال هذه التخمة في الأسواق، فرضوخ المصدرين الرئيسيين للنفط لاتفاق تجميد الإنتاج أمر ليس بالهين.
وشكك محللون، حسبما ذكر تقرير "آسيا للاستثمار"، في توقعات "أوبك" بشأن الطلب على النفط، والذي قدرته بنحو 1,3% استنادًا لتوقعات نمو اقتصادي عالمي بنحو 0,2% في العام 2016، وتم بناء هذه الشكوك، في أرقام "أوبك" إلى أن الاقتصاد العالمي سيتراجع بما نسبته 0,3% ولن ينمو كما تتوقع المنظمة، ومن ثم فإن نمو الطلب على النفط، لن يتجاوز 0,8%، على الأكثر، أي لن يحقق رقم نمو صحيحًا.
وفي المقابل، تشير التوقعات إلى أن حالة المعروض من النفط ستظل في الحجم الذي تحقق في الربع الأول من العام الجاري، خصوصًا أن إيران وفي الغالب لن تدخل في اتفاق تجميد أو تثبيت الإنتاج؛ فهي عازمة على الوصول بحجم إنتاجها إلى 4 ملايين برميل يوميًا في العام 2017، وهو ما يعني أنها سترفع من إنتاجها في الشهور المقبلة من هذا العام وتدريجيًا من 3,1 مليون إلى 3,8 مليون برميل، فيما يظل وضع إنتاج العراق غير واضح في ضوء المتغيرات الدراماتيكية في هذا البلد.
دول "أوبك" الأخرى سيستقر إنتاجها النفطي، حتى لو لم يتم اتفاق على التجميد، استنادًا لتوافق غير معلن، أو حتى معلن من البعض، ومن المرجح أن يبقى عند حدود إنتاج يناير/ كانون الثاني المنصرم، في وقت تشير فيه تنبؤات "أوبك" إلى أن الدول غير الأعضاء بالمنظمة، سيتراجع إنتاجها بما يعادل 700 ألف برميل يوميًا.
ماذا يعني كل هذا، باختصار ووفق ما انتهى إليه الخبراء والمحللون، فلا شك أن المعروض النفطي سيستمر في وفرته، بما يتجاوز سقف الطلب طيلة العام الجاري، وبنحو مليوني برميل في اليوم.
وفي النهاية، فالأرجح أن تكون أسعار النفط أدنى من كل التوقعات، والتي بلغت في العام الماضي 2015 وعند معدلات الإنتاج نفسها "50 دولارًا" لبرميل خام "برنت"، كما يزيد من حالة التشاؤم هذه، وصعوبة تحقيق "اتفاق التجميد" المرتقب، سواءً تم أو لم يتم، هو سرعة التطور التكنولوجي في صناعة النفط الصخري، وهو ما سيتجاوز إنتاج إيران، ومن ثم فإن تأثير اتفاق التجميد، لو تم، سيكون محدودًا للغاية، أو في ضوء التماهي في حالة ارتباك السوق.
aXA6IDMuMTMzLjE1MC4yNDkg
جزيرة ام اند امز