إعلام الخليج يحاصر "حزب الله" الإرهابي
ما وراء إغلاق مكتب "العربية" واقتحام "الشرق الأوسط"
تضييق خانق يفرضه الخليج بقيادة سعودية على "حزب الله" الإرهابي اللبناني، انسحبت ظلاله على لبنان بكامله، سياسيا واقتصاديا، وأخيرا إعلاميا
تضييق خانق يفرضه الخليج بقيادة سعودية على "حزب الله" الإرهابي اللبناني، انسحبت ظلاله على لبنان بكامله، سياسيًّا واقتصاديًّا وأخيرًا إعلاميًّا.
ولا يمكن، بحال من الأحوال، فصل القرار الذي اتخذته فضائية "العربية" التابعة لمجموعة "إم بي سي" بسحب مكتبها من بيروت، واقتحام مكتب صحيفة "الشرق الأوسط" ببيروت، عن التوجه الإعلامي الخليجي الذي تمخض عن اجتماعات متوالية لمجلس التعاون بمواجهة منظومة "حزب الله" بإجراءات قانونية وإعلامية صارمة، تحاصر الحزب المصنف إرهابيًّا، وتمنع التعامل مع أي قنوات محسوبة على المليشيات اللبنانية وقادتها وفصائلها.
ذلك التوجه المعلن صاحبته إجراءات قانونية ضد "شركات الإنتاج والمنتجين وقطاع المحتوى الإعلامي، وكل ما يندرج تحت مظلة الإعلام كافة".
"العربية" ترحل عن بيروت
بعد تاريخ من العمل الإعلامي في لبنان، يزيد عن 10 أعوام، اتخذت مجموعة "إم بي سي" السعودية قرارًا بسحب قناة "العربية" الفضائية الشهيرة في بيروت، ذلك القرار الذي تسارعت أصداؤه في وسائل الإعلام العربية والعالمية، مرتبطة بالإجراءات الخليجية المتسارعة لحصار "حزب الله" الإرهابي.
قناة العربية كانت من القنوات الفاعلة في لبنان، وكانت أول من أذاع خبر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير/شباط 2005، وصاحبته بالتغطية الخاصة، فضلا عن تغطيتها المباشرة لأحداث الداخل اللبناني طيلة الفترة اللاحقة.
وقد تبنت "العربية" الموقف الخليجي الصارم ذاته من "حزب الله" كجماعة إرهابية، وأسهمت بتقاريرها الإعلامية في الكشف عن تاريخ الحزب وارتباطه بإيران، وتدخله السافر في تعطيل المسيرة الديمقراطية للبنان، والإخلال بسيادتها، ما وضع مكتب القناة ببيروت في موضع الخطر، رغم ما ردده المسؤولون اللبنانيون من أن أسباب إغلاق المكتب "ليست أمنية".
وفي تعليقه على القرار، قال وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج: "بالتأكيد لا توجد أسباب أمنية لإغلاق مكتب قناة العربية في بيروت، وقد يكون هناك أسباب سياسية للإقدام على هذه الخطوة".
أما الواقع فيقول إن الأسباب "أمنية وسياسية معا"، وهو ما أكدته الفضائية العربية في بيانها عن قرار إغلاق المكاتب والاستغناء عن 27 موظفًا كـ"إعادة هيكلة فرضتها التحديات الموجبة على الأرض" وانطلاقًا من "قلقها على سلامة موظفيها".
وسبق أن تم إيقاف قناتي "المنار" و"الميادين" في ديسمبر/كانون الأول، بعد حجبهما عن القمر الصناعي "عرب سات" لإخلالهما بالتعاقد، وروح ميثاق الشرف الإعلامي العربي، الذي ينص على عدم بث ما يثير النعرات الدينية والطائفية أو الإساءة وتجريح الرموز السياسية والدينية المعتبرة، وعدم بث ما يؤدي إلى الفرقة بين أبناء الأمة العربية.
اقتحام مكتب "الشرق الأوسط"
في اليوم نفسه، وفي وقت لاحق على إعلان فضائية "العربية" لقرارها أمس، اقتحم شبان لبنانيون مكتب الشرق الأوسط ببيروت وعبثوا في محتوياته، وطرحوا أوراقه وأجهزته وأثاثه أرضًا، بعد أن نشرت الصحيفة رسمًا ساخرًا ظهر فيه علم لبنان وكتب عليه "كذبة نيسان"، ووسط العلم كتب "دولة لبنان."
تلك المخاطر الأمنية، هي ذاتها التي عبرت عنها قناة "العربية" في بيان سحب مكتبها ببيروت، وهو ما تأكد بعدها بساعات في واقعة اقتحام مكتب "الشرق الأوسط".
الجريدة العربية الأشهر، التي تصدر من لندن منذ عام 1987، عن شركة نشر مملوكة من قبل المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، كانت لها، بدورها، مواقفها الواضحة من "حزب الله"، ومن ارتهان القرار السياسي اللبناني في قبضة الحزب الإرهابي.
الصحيفة قررت -بشجاعة- خوض معركتها حتى النهاية، والإبقاء على مكتبها ببيروت رغم المخاطرة، وحملت السلطات اللبنانية مسؤولية الحفاظ على سلامة العاملين هناك.
وأكدت الصحيفة السعودية "استمرار علاقة صحيفة العرب الدولية بقرائها الأعزاء في لبنان، وعدم تأثير هذه الاعتداءات التي لا تعبر عن الشعب اللبناني على السياسة التحريرية للصحيفة"، مؤكدة التزامها بتغطية الأحداث اللبنانية عبر مكتبها في العاصمة اللبنانية بيروت، أو عبر طباعة الصحيفة من الأراضي اللبنانية.
وعبرت الصحيفة، في بيانها، عن أسفها للجدل الدائر حول كاريكاتير نشرته الصحيفة في عددها الصادر يوم الجمعة، الذي فسر من قبل البعض بصورة خاطئة.
وأكدت الصحيفة احترامها للبنان، مشيرة إلى أن الكاريكاتير كان يهدف للإضاءة على الواقع الذي تعيشه الدولة كبلد يعيش كذبة كبيرة سببها محاولات الهيمنة عليه وإبعاده عن محيطه العربي وعرقلة انتخاب رئيس للجمهورية، حسب البيان.
غير أن كل ما جاء في بيان "الشرق الأوسط" هو من صميم ممارسات "حزب الله" بلبنان، وإن لم يتم الإشارة له صراحة، ولا يمكن فصله عن واقعة الاقتحام التي لا تعبر بطبيعة الحال عن موقف اللبنانيين، وإنما تعبر عن الفئة التي تستهدفها الجريدة بانتقادها.
وتعاني أغلب وسائل الإعلام اللبنانية من أزمة اقتصادية خانقة، لا تنفصل عن التأثر الواسع بالعقوبات الخليجية على لبنان، إذ تأخرت رواتب موظفي مؤسسات "تيار المستقبل" الإعلامية لأكثر من 8 أشهر، كما أعلنت صحيفة "اللواء" في الـ11 من مارس الماضي فتح باب الاستقالات لموظفيها، فضلا عن تلويح أعرق صحيفتين لبنانيتين، "السفير" و"النهار" بالتوقف عن الصدور ورقيًّا، وهو قرار ستبدأ "السفير" في تنفيذه اعتبارًا من الخميس المقبل.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjMuMjMxIA== جزيرة ام اند امز