مضايا والفلوجة.. "التجويع" سلاح واحد والجلاد أنظمة وإرهابيون
مضايا السورية، الفلوجة العراقية، السلاح واحد هو "الحصار والتجويع" والفاعل مختلف.
مضايا السورية، الفلوجة العراقية، السلاح واحد هو "الحصار والتجويع" والفاعل مختلف، فالأولى يحاصرها نظام وقوات الرئيس بشار الأسد، والثانية احتلها تنظيم داعش الإرهابي وطوّقها من الخارج الجيش العراقي، وفرض الجانبان عليها ظروفا قاسية تنذر بكارثة إنسانية.
الأمم المتحدة حذرت من أن آلافًا ربما قضوا جوعًا خلال الحصارات التي طالت نحو نصف مليون شخص في سوريا.
وقال زيد رعد الحسين، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن التجويع المتعمّد ممنوع منعًا باتًا كسلاح في الحرب، وكذلك الحصارات التي تحرم المدنيين مواد أساسية مثل الغذاء.
لكن مضايا التي حاصرها النظام السوري شهورا، مدعوما بمسلحين إيرانيين وميليشيات حزب الله، باتت شاهدا على هذا السلاح الفتاك الذي يستهدف ويصيب بصفة خاصة المدنيين ممن لا يحملون السلاح ولا يفرق بين المقاتلين والنساء والأطفال والشيوخ.
مضايا كانت ولا تزال شاهدة على جرائم الأنظمة الفاشية، وربما تكون شاهدا على المواثيق الإنسانية التي تتهاوى يوميا مع أنّات الأطفال والنساء والمرضى الذين لا سبيل لإيصال الأدوية إليهم عبر خطوط قطعتها إما أنظمة ديكتاتورية أو تنظيمات إرهابية لا تتجاوز شعاراتهم الدينية حناجرهم.
أمس مضايا، واليوم الفلوجة، غربي العراق، مدينة "المساجد والعلماء"، "خاصرة بغداد"، التي تبعد عنها نحو 60 كليو مترًا غربًا، وتسكنها عشائر وقبائل عربية غالبيتها سنية منتشرة بأرض العراق، تفرض قوات الجيش العراقي مدعومة بمليشيات مسلحة منذ أكثر من عام، حصارا خانقا على محيط المدينة الخارجي، تمهيداً لاقتحامها وسط قصف عنيف تشهده بشكل يومى، في حين يتعرض السكان إلى حصار داخلي من قبل عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي المسيطرين عليها.
المرصد العراقي لحقوق الإنسان، قال في تقرير له، إن "مدينة الفلوجة تعيش منذ أسابيع وضعا إنسانيا صعبا بسبب الشحّ في الغذاء في ظل الحصار المفروض عليهم من قبل تنظيم "داعش"، الذى يحاول استخدامهم دروعاً بشرية أمام قصف القوات الحكومية".
ويمنع التنظيم العوائل من الخروج إلى مدن أكثر أمنا، ويستخدمهم دروعا بشرية، وقال المرصد: "هناك ما يقارب الـ100 ألف مدني محاصرين الآن في مدينة الفلوجة، وهم أمام احتمالين الأول تعرضهم لخطر كبير جراء العمليات العسكرية، أو تعرضهم للقتل والتعذيب من قبل عناصر تنظيم "داعش".
بالأمس أطلق مجلس حكماء المسلمين (هيئة دولية مستقلة تأسست في دبي بالإمارات العربية المتحدة عام 2014 وتضم نخبة من علماء المسلمين في العالم)، نداء للعالم والإنسانية بإنقاذ المدينة من سياسات الحصار والتجويع وقتل المدنيين الأبرياء، مشددًا على أن الإسلام حرَّم كل ما يتسبب في إزهاق النفس البشرية أو تعريضها للأذى بأي صورة من الصور.
المجلس اعتبر في بيان له أن الصمت على الوضع المأساوي والحصار الذي تعيشه مدينة الفلوجة، يعد وصمة عار في جبين الإنسانية.
موظفون في منظمات إنسانية قالوا إن عشرات قضوا جوعًا في بلدة مضايا وحدها، التي أصبحت رمزا لمعاناة السوريين المحاصرين بعد انتشار صور مروعة عن سكانها الجياع. ولكن مفوض الأمم المتحدة لحقوق الانسان لفت إلى أن الوضع قد يكون أسوأ بكثير.
وقال في مؤتمر صحفي مارس/آذار الماضي "إن آلافا ربما قضوا جوعا".
النظام السوري لم يكتف بإبادة بعض من شعبه تجاوز 300 ألف شخص، بحسب أرقام الأمم المتحدة، وتشريد نحو 6 ملايين آخرين، بل ربما يسعى هو من جانب وتنظيم داعش الإرهابي من جانب آخر للقضاء على من تبقى على أرضه من السوريين ربما لأنه لم تتح له الفرصة أو يحالفه الحظ للهروب، إلى بلدان صارت ترى اللاجئين عبئا عليها وتوقع الاتفاقات لطردهم.
ويصبح على المجتمع الدولي والعالم العربي أن يفيق قبل أن تصبح مضايا قصة مكررة في مدن عديدة، خاصة مع تفشي التنظيمات الإرهابية في عديد من البقع ببلدان عربية في المغرب العربي ومصر وليبيا.
ميثاق جنيف والقانون الدولي الإنساني يعتبر حصار المدنيين أوقات الحرب جريمة ضد الإنسانية وتدخل في الاختصاص الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ويعتبر من أخطر الجرائم على المستوى القانوني الدولي، ولكن يبدو أن كل هذا لن يُسكت صراخ الجوعى والمحاصرين في مضايا والفلوجة.
aXA6IDMuMTcuMTU1LjE0MiA= جزيرة ام اند امز