5 أسباب تمنع سيطرة داعش على الأرض في سيناء
خبراء يوضحون لـ"العين" لماذا لم ينجح داعش في "التمدد على الأرض" بمصر على غرار سوريا والعراق
بعدما خيّمت سيطرة داعش الإرهابي على مناطق شمالي وشرقي سوريا وأخرى بالعراق، على العامين الماضيين، أصبح السؤال الأكثر واقعية لماذا لم ينجح التنظيم في "الإمساك الأرض" بمصر، على غرار السيناريو نفسه، رغم "اختبارات السيطرة" التي نفذها في سيناء شمال البلاد طوال الفترة الماضية.
هذه الاختبارات التي قال عنها خبراء لبوابة "العين" إنها لم تنجح في تمكين التنظيم من الإمساك بأرض مصر، مكتفية بالوصول إلى أدنى مستوى من درجات السيطرة التي يتبعها داعش في استراتيجيته.
*استراتيجية ثلاثية
العميد صفوت الزيات، عميد سابق بالجيش المصري قال لبوابة "العين" إن التنظيم يتبع في استراتيجيته ثلاث درجات من السيطرة، الأولى هي سيطرة كاملة وإدارة تُمثل "نموذج الخلافة " وهو ما حدث في عدد من المناطق الواسعة بكل من سوريا والعراق.
أما المستوى الثاني فيتعلق بمرحلة بَدء داعش في تأسيس النفوذ، مثلما هو الحال في الصحراء الجزائرية، بينما يركز المستوى الأخير على التعبئة، وهي أدنى المراحل التي يحاول فيها التنظيم استغلال العوامل الطائفية أو العرقية أو الأيدولوجية في الحشد ليتدرج به إلى المستويات الأخرى.
التنظيم، الذي تأسس في أبريل/ نيسان 2013، بحسب العميد صفوت الزيات، لم ينجح في الإمساك بأرض مصر بسبب عدم وجود ظروف مواتية في البلاد، مقارنة بسوريا والعراق، موضحًا أن البيئة مثلًا في سيناء شمالي مصر قد تتيح للتنظيم البدء بالحشد وهو ما فعله على مدار عامين، مستغلًا الفترة التي تلت 3 يوليو/تموز حيث حاول استقطاب العناصر الجهادية والرافضة للأوضاع فكانت النتيجة مبايعة تنظيم أنصار بيت المقدس لداعش، لكن يبقى نطاق تحركه في مستوى التعبئة ضعيفا.
وإلى جانب جماعة "أنصار بيت المقدس" المحسوبة على داعش، تنشط جماعات إرهابية أخرى بينها تنظيم "أجناد مصر" في عدة محافظات مصرية، ولا سيما شبه جزيرة سيناء، ما أسفر عن مقتل العشرات من أفراد الجيش والشرطة. ومنذ سبتمبر/أيلول 2013، تشن قوات مشتركة من الجيش والشرطة المصرية حملة عسكرية موسعة لتعقب تلك الجماعات.
*الإمساك بالأرض في مصر "مستحيل"
خمسة أسباب جعلت الإمساك بأرض مصر "مستحيل"، ففي رأي الزيات، هناك وجود قوة عسكرية وأمنية منضبطة لدى الدولة المصرية، وثانيا أن سيناء وغيرها من المناطق لا تشهد عوامل طائفية أو عرقية أو حتى أيدولوجية، وثالثا تواجد الطرف الإسرائيلي الذي سيحدّ من ممارسة أي مستوى من الثلاثة.
الأسباب نفسها، ذهب إليها الخبير العسكري ومساعد وزير الدفاع المصري الأسبق اللواء فؤاد نبيل الذي قال لبوابة العين إن "مصر تعد رقما صعبا بالنسبة لداعش لما لديها من جيش قوي وأجهزة أمنية ومخابراتية تتابع الأوضاع أول بأول، وعدم وجود مذاهب داخل الجيش، وكذلك وجود إسرائيل التي لن تسمح بأي خطر على الحدود مع مصر.
ووصف اللواء فؤاد نبيل إمكانية تسرب المنتمين لداعش إلى مصر بالمستحيل، مفسرًا ذلك بقوله "من قطاع غزة يبقى التسلل محدودا.. ومن البحر أيضًا محدودا للغاية.. أما المطارات والموانئ فهي تحت مراقبة الأجهزة الأمنية والمخابراتية.
*موطئ قدم في ليبيا
هذا ما رأته الخبيرة السياسية الأمريكية مارينا أوتواي، الباحثة بمركز “ولسون" (مستقل مقره واشنطن)، سببًا في عدم سعي التنظيم للحشد بصورة أكبر داخل مصر، إلى جانب الأسباب الثلاثة التي تجعل الدولة المصرية تحكم سيطرتها على القاهرة، قائلة لبوابة "العين" مضيفة سببا رابعا: صحيح أن التنظيم يسعى إلى أهداف جديدة لكن ليس من بينها مصر، فهو يركز في توسيع نطاق تواجده في ليبيا كمحاولة منه لتحقيق "نصر مؤقت" بعيدًا عن سوريا والعراق، حيث يواجه ضغطًا على تلك الأراضي، ولا يستطيع السيطرة الكاملة عليها".
الضغط الذي يواجه داعش، فسّرته أوتواي بأنه "حالة تبادلية" بين التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة وبين التنظيم نفسه، وهو نفس ما قاله الخبير العسكري المصري الذي رأى أن التنظيم يواجه حاليًا "حملة تحجيم" من جانب التحالف الدولي، وعليه يبحث عن موطن قدم جديد، في ليبيا.
*استراتيجية ضرب العدو البعيد (أوروبا)
واتفق كل من الزيات وأوتواي على أن التنظيم مشغول حاليًا باستراتيجية "ضرب العدو البعيد"، وهو سبب خامس، في تراجعه في مسألة الحشد بأرض مصر، حيث توقع الزيات بتنفيذ التنظيم لمزيد من الهجمات في أوروبا؛ كجزء من حرب أممية يستهدفها، بغرض المضي قدمًا في المستويات الثلاثة الذي يتبعها في السيطرة، بدءًا من استغلال ضغوط الحكومات الأوروبية على الجاليات الإسلامية عقب عمليات ينفذها، ليبدأ مرحلة الحشد ثم النفوذ والتمكين، وصولًا للسيطرة.
أوتواي وصفت الوضع بأنه "وعاء تجنيدي جديد" يسعى إليه التنظيم، من خلال زيادة وتيرة أعمال العنف والهجمات الإرهابية، في أوروبا، وهو ما سيدفع ثمنه الجاليات العربية والإسلامية التي ستعاني شكوك الأوروبيين، وهو ما يراهن عليه داعش في تعبئتهم ضد تلك الدول.
وفي سوريا، يسيطر التنظيم على محافظتي الرقة شمالي سوريا، ودير الزور شرقها بشكل شبه كامل، وكذلك تمتد سيطرة التنظيم إلى مناطق في الريف الشرقي والشمالي لمحافظة حلب (شمال)، وفي العراق يبسط “داعش" سيطرته على مدينة الموصل وعلى مناطق أخرى في محافظة نينوى، كما يسيطر على حوالي 90% من مساحة محافظة الأنبار(غرب) ذات الغالبية السنية، والتي تشكل نحو ثلث مساحة العراق، وتجمعها حدود مع كل من سوريا والأردن والسعودية.
ومنذ أغسطس/آب 2014، يشن التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، غارات جوية على مواقع لـ"داعش"، الذي يسيطر على مساحات واسعة من الجارتين العراق وسوريا، ما يشكل ضغطا هائلا على تواجد التنظيم في البلدين.