وزير الطاقة الجزائري السابق.. من متهم بالفساد إلى واعظ في المساجد
شكيب خليل المتهم بالاختلاس، ظهر في إحدى "الزوايا"، ما قد يكون أولى تجليات تقاسم دور احتكرته المخابرات لعقود.
حتى وقت قريب كانت المخابرات الجزائرية، النواة الصلبة في الجيش، المسؤولة عن تفريخ الرؤساء ورؤساء الحكومات وحتى الوزراء، وفق صيغ توافقية بين أجنحة الحكم، قبل أن يلقن اسم الشخصية لأحزاب الموالاة لتقوم بواجب الترويج والتطبيل.
لكن صراع الأجنحة في عهد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي أفضى إلى حل جهاز الاستعلامات والأمن برئاسة رجل الظل القوي الجنرال توفيق، فتح المجال أمام خيارات أخرى لتأهيل المسؤولين وتبييض ماضيهم.
في الآونة الأخيرة، لاح ما يشبه تقليدا جديدا، واختير وزير الطاقة والمناجم السابق خليل شكيب المتهم بالاختلاس، لقياس نبض الشارع، حيال ما قد يكون أولى تجليات إشراك "الزوايا" في دور احتكرته المخابرات لعقود.
في غياب أي تحرك قضائي ضده، ظهر شكيب خليل في حفل أقامته "زاوية المرزوقية" نسبة إلى ولي صالح في ولاية الجلفة يدعى محمد بن مرزوق.
ظهوره إلى جانب نجل شيخ "الزاوية"، ياسين عبدالقادر، رئيس المنظمة الوطنية "للزوايا"، كان ظاهرة غير مسبوقة تلقفتها الصحافة الخاصة، حتى أن يومية "الخبر" واسعة الانتشار في الجزائر، عنونت على صدر صفحتها الأولى "زاوية في الجلفة.. تغسل عظام شكيب خليل".
الخطوة قوبلت باستهجان مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي خاصة على فيسبوك، للتنافر الواضح بين دور "الزوايا" بوصفها كتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم السنة النبوية، وحسابات السياسة التي تسعى في حالة شكيب خليل، لتبييض صورته حتى لو اقتضى الأمر استغلال الرموز الدينية.
ورغم الضجّة التي رافقت عودته واعتلائه منابر "الزوايا" مدرسًا أيام الجمعة، تحاشت أحزاب المعارضة الخوض في هذا الموضوع. وأرجعت رئيسة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي ذلك، إلى تخوف المعارضة من تغول شكيب خليل لاحقا، بناء على توجهات السلطة القائمة، لتأهيله لمنصب رئاسة الحكومة وربما منصب الرئاسة.
وفي مقال للصحفي الجزائري توفيق رباحي، يقول الكاتب، "إنه بعد اليوم يجب أن ترضى عنك الزويا أيضا وتباركك لكي تمضي في مشوار طموحك السياسي، إن كانت عينك على قصر الرئاسة أو الحكومة".
ويرى الكاتب "أن شكيب خليل، فهم أو أفهم هذا، فعرف من أين يبدأ رحلة رد الاعتبار السياسي".
ومنذ عودته من الولايات المتحدة عبر مطار وهران، واستقباله من طرف والي المقاطعة، أثار شكيب خليل جدلا واسعا في البلاد، وغضبا طال الرئيس ومستشاره السعيد بوتفليقة الذي يوصف بالآمر الناهي في ظل مرض شقيقه.
وشكيب خليل متابع قضائيًا في إيطاليا وفي الجزائر، وقد صدرت بحقه مذكرة توقيف عام 2013.
لكن ذلك لم يمنع حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، من احتضانه حتى أن أمينه العام عمار سعداني، اتهم جهاز المخابرات بتلفيق تهم الفساد، عندما كان الصراع على أشده بين الرئيس والجنرال توفيق.
وأكثر ما يغيض الرأي العام الجزائري، الحماية التي يوفرها المحيط الرئاسي للرجل قبل أي محاكمة أو تبرئة له في القضاء. وأثيرت تساؤلات قديمة عن مدى استقلالية القضاء وقدرته على محاسبة الفاسدين على اختلاف نفوذهم، في ظل تبعية الجهاز شبه الكاملة للسلطة التنفيذية.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMDcg
جزيرة ام اند امز