توتر "طارئ" بين الجزائر وفرنسا عشية زيارة فالس
فرنسا تحتج على "تحامل" الصحافة الفرنسية على الرئيس بوتفليقة، في تطور لافت قبيل زيارة رئيس الوزراء الفرنسي للجزائر.
قبيل يومين من زيارة رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إلى الجزائر، تشهد العلاقات بين البلدين توترًا دبلوماسيًّا، ظهر في استدعاء الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي، برنارد إيمي، لإبلاغه استياء الجزائر من الحملة الإعلامية ضدها في فرنسا.
وبحسب ما تداولته مصادر إعلامية جزائرية، فإن السفير الفرنسي استقبل من وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الذي أبلغه استياءه العميق مما اعتبرها حملة إعلامية تهدف إلى تشويه صورة الرئيس بوتفليقة، عبر نقل أخبار كاذبة لا علاقة لها بحرية الإعلام، كما أن الجزائر أبدت عدم رضاها عن دعم باريس المتواصل للمغرب في ملف الصحراء الغربية.
وتعد هذه المرة الثانية الذي يستدعى فيها السفير الفرنسي، ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، طلب حضوره للخارجية الجزائري، لتقديم توضيحات حول معاملة غير لائقة تعرض لها وزير الاتصال الجزائري، حميد قرين، في مطار شارل ديغول بباريس.
لكن ذلك لم يؤثر على وتيرة تبادل الزيارات التي شهدت ارتفاعًا منقطع النظير في الفترة الأخيرة، بمجيء عدد كبير من الوزراء، وحتى شخصيات سياسية من اليسار وحتى من المعارضة اليمينية الفرنسية، أبرزها ألان جوبي المترشح لرئاسيات 2017.
ويتزامن هذا التوتر الطارئ، مع زيارة فالس، المرتقب وصوله يومي 9 و10 أبريل الحالي، على رأس وفد هام يتكون من 10 مؤسسات ورجال أعمال، من أجل التوقيع على عدة عقود واتفاقيات اقتصادية، أهمها وضع حجر أساس مصنع شركة بيجو للسيارات بالقرب من مدينة وهران غربي الجزائر العاصمة.
احتجاج وليس توترًا:
ورغم اختلاف القراءات في توصيف ما يجري بين البلدين، إلا أن الثابت أن هذا التوتر لا يعدو كونه ظرفيًّا ولا يصل إلى درجة الأزمة الدبلوماسية، كون كل طرف لا يريد التفريط في مصالحه مع الطرف الآخر، خاصة الاقتصادية منها التي فرضت نفسها على كل جوانب العلاقة الأخرى.
وفي هذا الإطار، يقول النائب عن حركة مجتمع السلم، ناصر حمدادوش، إنه لا يوجد توتر من الأساس، لأن العلاقة الحميمة بين البلدين لم تصل في تاريخها إلى هذه الدرجة، ولم يصل التماهي في المواقف إلى ما هو عليه في زمن الرئيس بوتفليقة.
وتوضح الناشطة السياسية أميرة بوراوي أنه لا توجد علاقات ود بين البدين ولكن علاقات مصالح، وهي تختلف حسب كل نظام، فالمسؤولون الفرنسيون المنتخبون ديمقراطيًّا يهمهم أن يحققوا مصالح اقتصادية لبلدهم ولو على حساب الزائر، في المقابل، ينظر المسؤولون الجزائريون إلى علاقتهم مع فرنسا على أنها حماية لهم بسبب امتلاك كثير منهم عقارات وأملاك في هذا البلد.
ويقرأ الكاتب الصحفي عثمان لحياني، في استدعاء السفير الفرنسي، على أنه مجرد احتجاج على ما ورد في صحف فرنسية، وهو سلوك سياسي عبثي لأن السلطة في الجزائر تعلم أن الحكومة الفرنسية لا تملك سلطة التأثير أو الضغط على الصحف في فرنسا مطلقًا".
ويضيف لحياني: "كانت هناك قضايا أكثر جدية وتخص رعايا جزائريين وحقوق الجالية كانت تستدعي الاحتجاج ولم تفعل السلطة ذلك، العلاقة ليست ندية سياسيًّا واقتصاديًّا بين البلدين، ما يمكن أن يوصف به الاحتجاج أنه حالة شعورية عابرة سياسيًّا بالنسبة للسلطة".
فرنسا لا تتدخل في القرار الجزائري:
ومن وجهة نظر دبلوماسية مختصة، يقول الوزير والسفير الجزائري السابق، حليم بن عطاء الله، إن ما يجري بين البلدين، معروف في العلاقات بين الدول، وهو ليس بالمستوى الذي يمكنه التأثير على مستوى العلاقات التي تشهد أحسن حالاتها منذ مجيء الرئيس فرانسوا هولاند إلى الحكم.
ويوضح بن عطاء الله، أن العلاقات الممتازة بين البلدين لا تعني وجود وصاية كما تطرح العديد من الأوساط في الجزائر، لفرنسا على القرار السياسي في مستعمرتها القديمة، لأن التحليل الدقيق لمواقف الطرفين بخصوص كبرى القضايا الدولية، يظهر تباينًا واضحًا بينهما.
ويشير سفير الجزائر في بروكسل سابقًا، إلى الاختلاف الذي يميز مواقف البلدين في ليبيا ورفض الجزائر مطلقًا أي تدخل عسكري في جارتها الشرقية، وكذلك رفضها التدخل في سوريا والاختلاف الجوهري الذي لها مع فرنسا في قضية الصحراء الغربية.
ولا ينفي بن عطاء الله، وجود لوبي فرنسي قوي في الجزائر يحافظ على مصالحها الاقتصادية والثقافية خاصة فيما يتصل باللغة، إلا أن ذلك ليس مقتصرًا على علاقات البلدين.
فكل الدول الكبرى تسعى لإيجاد مواطن نفوذ لها. وعلى الجزائر، يضيف بن عطاء الله، العمل على إيجاد لوبي لها أيضًا يدافع عن مصالحها في فرنسا بحكم الجالية الكبيرة التي تملكها هناك.