خبراء يكشفون لـ "العين" طرق الاستفادة من سيول مصر
المياه يمكن استخدامها في الزراعات الموسمية
السيول في مصر، هي النعمة التي يتغافل عنها المسؤولون ، والمورد الطبيعي غير المستغل لاستصلاح الأراضي الصحراوية ذات المساحات الشاسعة
السيول في مصر.. هي النعمة التي يتغافل عنها المسؤولون ، والمورد الطبيعي غير المستغل لاستصلاح الأراضي الصحراوية ذات المساحات الشاسعة ، والبديل المتوفر للمياه خاصة في ظل الأزمة التي ستواجهها مصر قريبا مع البداية الفعلية لتشغيل سد النهضة الأثيوبي.
الأرصاد الجوية في مصر حذرت من موجة أمطار تضرب البلاد الأيام القادمة، وتصل إلى حد السيول بمحافظتي شمال وجنوب سيناء ، كما ناشدت مسؤولي المحافظتين باتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة تلك السيول وتلافي أضرارها.
وتعتبر مناطق سيناء وسواحل البحر الأحمر وأسوان والوادي الجديد ، الأكثر عرضة للسيول في مصر ، إلى جانب صحراء البحيرة والإسكندرية والتي ضربتها موجة من السيول مؤخرا واعتبره الكثيرون من أكبر الكوارث البيئية التي وقعت في مصر منذ 25 عاما ، وبحسب تصريحات منسوبة لمسؤولي المياه في مصر ، قدرت كمية المياه التي سقطت بصحراء الإسكندرية والبحيرة بـ3 مليون و500 ألف متر مكعب مياه ، وهو ما يكفي لزراعة أكثر من 600 فدان ، إذا ما تم استغلال تلك المياه بالطريقة المثلى.
بوابة "العين" الإخبارية تكشف عن الوجه الآخر للسيول في مصر ، ومدى حجم الاستفادة منها على اعتبارها "نعمة" منَ الله بها على مصر وضلت طريقها إلى حسن الاستخدام.
في البداية يؤكد سامي سليمان رئيس جمعية مستثمري طابا نويبع على قدرة شبه جزيرة سيناء على زراعة مليون فدان سنويا استغلالا لمياه السيول المهدرة كل موسم، والتي تتساقط من الجبال إلى الأودية والبحار بكميات هائلة دون الاستفادة منها فضلا عن إغراقها للفنادق والمجتمعات السكنية.
ويضيف سلمان أن سيناء تخسر سنويا 200 مليون متر مكعب من المياه الناتجة من السيول والتي تفوق أي نسبة يمكن تحصيلها من شق الترع أو استحداث مشروعات ري جديدة بتكاليف ضخمة وذلك بفارق كبير جدا، وهي مياه مجانية يتم التفريط فيها لتغافل الحكومة عن إنشاء منظومة متطورة للاستفادة منها.
وقال رئيس مستثمري طابا نويبع لبوابة "العين" الإخبارية إن الحكومة تستطيع البدء في مشروع قومي بسيناء للاستفادة من مياه السيول من الآن على أن تنتهي منها خلال سنة ، وتكون استكمالا لمشروعي قناة السويس الجديدة وإعادة استصلاح الأراضي بتوشكى جنوب الصعيد ، لتتحقق بذلك التنمية الكاملة التي تنشدها الحكومة على كافة نطاقات الدولة الجغرافية.
الدكتور أحمد فوزي دياب كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة، وأستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء وخبير استراتيجيات المياه قال لـ"العين" إن استخدام مياه السيول في الفترة الحالية ضرورة ملحة بمصر، لتعويض جزء مما قد يُفقد من مياه النيل ، غير أنه لا يمكن الاعتماد عليها بصورة كلية نظرا لهدر أكثر من نصف كميتها في التربة.
وأضاف أن ما تتعرض له مصر من السيول سنويا يصل إلى مليار ونصف مكعب ، يمكن استغلال بعضها في الزراعات الموسمية باعتبارها مصدرا متجددا للمياه، وبذلك توفر على الحكومة والمزارعين جزءا من المياه يمكن استغلاله في أوقات الجفاف الأخرى.
وشدد "دياب" على أنه لا يمكن التعويل كليا على مياه السيول لتعويض الفاقد من مياه النيل بفعل سد النهضة، لأنها موسمية فقط، وعن إمكانية الاستفادة من أكبر كمية منها وتخزينها قال إن ذلك يمكن تنفيذه بتكاليف عالية تتطلب جلب استثمارات خاصة في سيناء.
وتتعرض محافظة شمال سيناء إلي سقوط أمطار في معظم أوقات فصل الشتاء، لذلك تكون فرصة حدوث السيول بسيطة في بداية موسم الشتاء ومتوسطة بعد سقوط الأمطار لعدة مرات وحينها تكون الأرض قد تشبعت ثم تتزايد فرص حدوث السيول خلال شهر أكتوبر وديسمبر ويناير ومارس، وأحيانا في أبريل من كل عام ، كمثل وقتنا هذا – بحسب معلومات أدلى بها صالح العلاقمي الصحفي المتخصص في الشأن السيناوي.
وحسب تقديرات خبراء الري فإن سيول قوية تتعرض لها سيناء كل 30 عاما حيث تعرضت سيناء إلى سيول عام 1974 بارتفاع 6 أمتار، وعام 1984 م ، وعام 2010 م بسبب التغيرات المناخية.
وقال "العلاقمي لـ"العين" إن محافظة شمال سيناء تتجه سنويا إلي وضع خطة لمواجهة السيول بالمحافظة وقت حدوثها ومحاولة تخزينها للاستفادة منها في ري الأراضي غير أنها لم تصل إلى درجة الاستفادة المثلى منها بعد، بسبب استخدام الوسائل التقليدية والتي يناط بها مواجهة السيول لتلافي الضرر وليس تجميعها للاستفادة.
وأضاف العلاقمي أن السدود الترابية التعويقية هي الوسيلة الأسهل لدى المسؤولين بالتعاون مع الأهالي للعمل على تحويل مسارات المياه عند جريانها للتقليل من سرعتها قبل أن تتجمع في الوديان، ويستخدمها الأهالي بعد ذلك في عمليات الزراعة بشكل فردي وغير مقنن.
وأشار إلي أنه تم تعلية وتطهير سد الروافعة لتصل السعة التخزينية له 5,3 مليون م3 بالإضافة إلي تطهير مجري وادي الجرافي، وتطهير الخزانات الخاصة بتجميع مياه السيول وعددها 15 خزانا بسعة 630 م3 لكل خزان، وكذلك الهرابات الخاصة بالمواطنين والتي تعد وسيلة أساسية لتخزين المياه للاستفادة منها طوال العام في الري والشرب.