فرقة "إل غوستو" الجزائرية التراثية.. سفر في التاريخ
تشارك في مهرجان "موازين" في مايو 2016
فرقة "إل غوستو" لموسيقى الشعبي التراثية، تضرب موعداً لمحبي التراث الجزائري في مهرجان "موازين" الموسيقي في مايو/آيار 2016.
تشارك فرقة "إل غوستو" الجزائرية لموسيقى الشعبي التراثية، في مهرجان "موازين" الموسيقي "ريتم العالم" في الرباط من 20 إلى 28 مايو/آيار المقبل. وليست هذه المرة الأولى التي تغني فيها "إل غوستو" لعشاق موسيقى الشعبي في المغرب، فقد أحيت حفلاً عام 2008 وشاركت في طبعة "موازين" لعام 2013.
الفرقة أطلت على جمهورها في 2006 بعدما التقى بعد طول فراق -دام نحو نصف قرن- موسيقيون يهود ومسلمون من الجزائر، كانوا فيما مضى تلاميذ عميد الأغنية الشعبية الشيخ محمد العنقى.
لكن جمع شمل تلامذة الماضي السحيق لم يكن سهل المنال، بعد أن فرق التاريخ بين اليهود والمسلمين إثر حرب تحرير الجزائر. صاحبة الفكرة هي الصحفية والمخرجة الجزائرية الشابة صفيناز بوصبيعة، التي حزمت حقائبها من سكنها في هولندا، وقفلت عائدة إلى مسقط رأسها وموطن الأغنية الشعبية في حي القصبة العتيق في العاصمة الجزائرية، حيث ظهرت موسيقى الشعبي أواسط عشرينيات القرن الماضي.
نفضت صفيناز بوصبيعة الغبار عن أكوام من صور الأرشيف، وأنعشت بأسئلتها ذاكرة تلامذة العنقى في الحي التاريخي، فتحمسوا لفتح خزائنهم وألبوماتهم، يجرهم الحنين إلى زمن الوصل بين المسلمين واليهود الجزائريين، لمعرفة مصير من كانوا في الزمن الغابر إخوة لهم في الوطن والموسيقى.
بعد رحلة أسطورية، جمعت صفيناز معلومات عن أسماء غيبها الموت وآخرين لفهم النسيان وغير الزمن ملامحهم ووخط الشيب سوالفهم. كان العثور على هؤلاء عملا شاقا، اقتضى السفر لمسافات طويلة إلى دول أوروبية وكندا وحتى إلى الولايات المتحدة.
ولأن كثيرين أدركهم الموت، فقد حل محلهم أبناء وأحفاد من اليهود والجزائريين المسلمين الذين توارثوا اللون الفني الموصوف بالشعبي كجزء من ماضيهم وذكرياتهم.
أثمرت جهود صفيناز بوصبيعة في لم شمل الأسرة الكبيرة، والتقى نحو 42 موسيقيا ومغنيا في فرقة "إل غوستو"، وهي كلمة من أصل إسباني انتقلت إلى الفرنسية وانتشرت بمعناها العامي في الجزائر وتعني بالعربية "المزاج".
مباشرة بعد تأسيسها، انطلقت الفرقة في جولة فنية غنائية عبر عواصم العالم، وحملت من باريس ثم لندن إلى واشنطن، رسالة التسامح والتعايش متناسية منزلقات التاريخ، وكاشفة للجمهور المهاجر قصة نشأتها ومخاض البدايات.
فقد أحيت الفرقة الموسيقية حفلا فنيا في مركز كينيدي في العاصمة واشنطن، وصدحت في رحاب قاعة إيزنهاور بمعزوفات وإيقاعات تراثية.
في تصريحات صحفية، يروي، عازف الغيتار في الفرقة لوك شكري، الفرنسي اليهودي من أصل جزائري، كيف أن الموسيقى يمكنها أن تؤلف بين قلوب أبناء الوطن الواحد. ويقول: "إنه رغم صعوبات التنسيق بين أعضاء الفرقة الذين فرقتهم الجغرافيا والتاريخ بين الجزائر وفرنسا، إلا أنه يشعر بالانتشاء في كل حفل يقيمونه سويا، وأجدني أسترجع الزمن الماضي يوم كنا نعزف ونغني معا في الجزائر قبل أن أغادرها إلى الأبد".
لم تقتصر المخرجة صفيناز بوصبيعة، على بعث الروح مجددا في "إل غوستو" بل خلدت هذه القصة الإنسانية والفنية في فيلم وثائقي، اختارت له "إل غوستو.. القصبة بلوز" عنوانا.
وحصد الفيلم الوثائقي "إل غوستو" جوائز كثيرة في ظرف قياسي، ومنها الجائزة الكبرى لمهرجان أوروبا الشرق للفيلم الوثائقي، في مدينة أصيلة المغربية في 2014.
وحظي العمل المدهش بإعجاب النقاد حتى شبهوه بفيلم "بوينا فيستا سوشال كلوب" الذي أعاد التألق لأسماء لامعة في أوساط الموسيقى الكوبية، وانتشلها بعد أن كاد يطويها النسيان.
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز