توقفوا عن تسمية تنظيم «داعش» بـ «الدولة الإسلامية». فهم يحاولون التلاعب بكم بشكل مخادع
توقفوا عن تسمية تنظيم «داعش» بـ «الدولة الإسلامية». فهم يحاولون التلاعب بكم بشكل مخادع. هم ليسوا دولة ولا هم إسلاميون. فلو سيطرت طائفة هامشية على بعض القرى في المكسيك وأطلقت على نفسها اسم «الفاتيكان»، ثم ارتكبت أعمالا إرهابية، فهل سيقول المراسلون الصحفيون بابتهاج عبر موجات الأثير «اليوم، قتل الفاتيكان 39 شخصاً وأصاب 200 بجروح في عملية تفجير حزام ناسف» ؟. الناس في الشرق الأوسط يبغضون هذه المجموعة الهامشية الصغيرة، ويسمونها بـ«داعش» وليس بـ«إسلامية». وهم أدرى بشؤونهم.
ليس هناك شيء اسمه «إرهاب إسلامي». كلمة «إسلامي» تتعلق بمثل وحقائق الدين الإسلامي، وهي مماثلة لصفة «يهودي». وهناك مجرمون مسلمون وإرهابيون مسلمون، تماماً كما يوجد مجرمون يهود وإرهابيون يهود. ولكن ليس هناك إرهابيون «يهوديون»، تماماً كما ليس هناك أي إرهابيين «إسلاميين». ولكن يجوز تسميتهم ببساطة إرهابيين أو أعضاء في طائفة.
توقفوا عن التلميح إلى أن هناك خطباً ما في المسلمين يجعلهم ينتجون إرهابيين. كل المعتقدات الدينية الكبرى في العالم تنتج أناساً عنيفين. خلال الإبادة في رواندا في التسعينات، قتل الهوتو المسيحيون ما بين 500 ألف ومليون شخص ( من جماعة التوتسي ومن هوتو معتدلين )، والكنائس المسيحية كانت متورطة جداً في الإعداد لتلك المذبحة. وبالفعل، كان مبشرون مسيحيون قد لعبوا منذ العصر الاستعماري دوراً مشؤوماً في استيراد فكرة الانقسامات العرقية والتراتبيات العرقية إلى رواندا. وواقع أن وسائل الإعلام الجماهيري الأمريكية تجاهلت عملياً أحداثاً دموية مثل أعمال القتل الرواندية والدور المركزي للكنائس المسيحية فيها إنما يساعد في تكوين تصور عن المسلمين باعتبارهم عنيفين بشكل غير اعتيادي. فإذا ما أوردت وسائل الإعلام أخبار عنف مسلمين فقط، فعندئذ سيعتقد الناس ان ذلك صحيح.
سموا الإرهاب «إرهاباً» كائناً من كان مرتكبوه. فعندما كان باسكيون يفجرون محطة وقود في مدريد، لم تكن الصحافة الأمريكية تعلن النبأ، دعوا عنكم أن تصفه بـ«الإرهاب». وإذا نظرنا إلى أعداد الاعتداءات ككل، يبدو الإرهاب في الغالب عملا يحدث في أوروبا أكثر بكثير مما بدا أنه حدث في بروكسل يوم 22 مارس/آذار.
المسلمون سدس البشرية، وهم يتحدرون من مختلف الخلفيات، والأعراق، واللغات. هناك 40 مليون مسلم صيني. وهناك 23 مليون مسلم روسي. والمسلمون الإثيوبيون والمسلمون السنغاليون ليس لديهم الكثير مما يجمعهم بالرغم من كونهم أفارقة، كما انه ليس لديهم أشياء مشتركة كثيرة مع المسلمين البنغلاديشيين. وأن نربطهم جميعا بأفعال بعض الأشخاص العنيفين من ساكني أحياء فقيرة من أصول شمال إفريقية في بروكسل لهو أمر شاذ. وهذا سيكون مماثلاً تماماً لافتراض أن جميع الأمريكيين المسيحيين يريدون قتل التوتسي لمجرد أن مسيحيين هوتو فعلوا ذلك.
أظهروا شيئاً من الإنسانية والتعاطف مع الضحايا المسلمين للإرهاب ( وهم الضحايا الرئيسيون في هذه الأيام ). وإنه لصواب أن نظهر تضامناً مع ضحايا بروكسل ونقول «كلنا بروكسل». ولكن لماذا لسنا «كلنا إسطنبول» أو «كلنا بيروت» أو «كلنا بغداد» عندما يفجر «داعش» هذه المدن ؟.
إن أغلب المسلمين يحتقرون «داعش» وكل المجموعات العنيفة المماثلة. هناك فقط حوالي 30 ألف مقاتل «داعشي»، وهذا في منطقة تكثر فيها مجموعات مسلحة. المسلمون لا يميلون إلى «داعش» ولن ينضموا إليه. وعندما يسيطر «داعش» على منطقة ما، نصف السكان على الأقل يهربون بصورة تلقائية.
أظهروا شيئاً من المحبة لجاركم المسلم ( أو حتى طبيبكم كما هو أكثر احتمالا في الولايات المتحدة ). «داعش» يرتكب هذه الأفعال الرهيبة لكي يدفع أناسا مسيحيين إلى أن يعاملوا بوحشية المسلمين الذين يعيشون بينهم، ما ينشر الحقد والغضب وإحساساً بالظلم لدى بعض المسلمين. «داعش» يأمل في استغلالكم من أجل دفع مسلمين آخرين إلى أحضانه. «داعش» يريد جعلكم وكلاء تجنيد تعملون لحسابه.
هو يريدكم أن تحقدوا وأن تخافوا. وهناك طريقة واحدة فقط لمقاومة هذا الأسلوب الهادف إلى تعميق التناقضات. ارفضوا الوقوع في فخ الكره وفي فخ الخوف.
كونوا لطفاء مع المسلمين، إنهم بشر، مثلكم تماماً، إلا انهم مستهدفون من قبل أناس خطرين جدا. وتذكروا أن ليس كل أولئك الناس الخطرين هم من أصول إسلامية. في الولايات المتحدة مثلا، 40 % من الذين يعتقلون للاشتباه بانتمائهم إلى «داعش» تحولوا إلى الإسلام من أديان أخرى. وبعض الناس الخطرين هم مرشحون لرئاسة الولايات المتحدة من مثل تيد كروز ودونالد ترامب.
*- نقلاً عن جريدة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة