3 شروط لنجاح مبادرة التوسع بإنشاء المصانع في صعيد مصر
ماذا بعد تخصيص أراضٍ للمستثمرين مجانًا؟
في خطوة وصفها رجال الاقتصاد بأنها بادرة جيدة، أصدرت رئاسة الجمهورية قرارًا بتخصيص أراضٍ للمستثمرين لإنشاء المصانع في صعيد مصر مجانًا.
بدأت الهيئة العامة للتنمية الصناعية في مصر، تخصيص أراضٍ مجانًا للمستثمرين في القطاع الصناعي بمحافظات صعيد، بعد إصدار قرار جمهوري يتيح للهيئة هذا الحق، في خطوة لاقت ترحيبًا كبيرًا من قبل رجال الاقتصاد.
ويأتي هذا التوجه من الدولة كمبادرة جديدة تستهدف محاربة الفقر الذي يسيطر على محافظات الصعيد باعتبارها أكثر مناطق مصر فقرًا.
فبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المعلنة في ديسمبر/ كانون الأول 2015، فإن نسبة الفقر العامة في مصر تقدر بـ26.3%، في حين تدور حول 50% في إقليم الصعيد، وتصل إلى قمتها في محافظة أسيوط بنسبة 60%.
ولكن على الجانب الآخر ينخفض معدل الفقر في المحافظات الحضرية إلى 17%.
ورهن خبراء الاقتصاد نجاح مبادرة تنمية الصعيد اعتمادًا على التوسع في النشاط الصناعي بـ3 شروط حتى لا تتحول المبادرة إلى حبر على ورق على غرار عدة مبادرات سابقة.
ويأتي في مقدمة هذه الشروط، أن يتم مد الأراضي في أسرع وقت بالمرافق المطلوبة لإنشاء المصانع، وربطها بشبكة طرق تسمح باستقبال المواد الخام ونقل الإنتاج إلى منافذ التسويق، فضلًا عن وضع تصنيف واضح للمشروعات المستفيدة من قرار رئاسة الجمهورية.
كما شددوا على ضرورة عدم اصطدام الصناع بمشاكل تعدد جهات الولاية المسؤولة عن تخصيص الأراضي بعد ذلك في الصعيد؛ حيث تعتبر هذه المشكلة هي الآفة الحقيقة التي تواجه حركة الأعمال في مصر عمومًا.
من جانبه، أكد محمد ماهر، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار، برايم سيكيورتيز، أن هيئة التنمية الصناعية بدأت فعليًا في تخصيص أراضٍ للمستثمرين مجانًا في محافظات صعيد مصر، في محاولة لجذب الاستثمارات إلى المناطق التي تعاني من مشاكل حقيقية.
وأوضح أن هناك مجموعة من المزايا والحوافز التي يحصل عليها المستثمرون الذين يستهدفون إقامة مناطق صناعية بالصعيد وغيرها من المناطق النائية بناءً على تعديلات قانون الاستثمار، أبرزها تحمل الدولة جانب من تأمينات العاملين وكذلك خفض تكاليف مد مرافق المشروعات من شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي.
ويمنح القانون هذه الحوافز لبعض المشروعات بغض النظر عن موقعها الجغرافي وتحديدًا في مجالات الزراعة والنقل البري والبحري والسكك الحديدية أو الخدمات اللوجيستية وتنمية التجارة الداخلية والكهرباء.
وأضاف "ماهر" أننا طالبنا منذ عقود طويلة بمنح حوافز للمستثمرين في صعيد مصر وسيناء وغيرها من المناطق النائية والمحرومة لتشجيع الشركات على الاستثمار فيها وتعويضهم عن ضعف الخدمات في هذه المناطق وبُعدها أحيانًا عن مناطق تسويق المنتجات.
وأشار إلى أن هناك بُعدًا بالغ الأهمية يتمثل في مساهمة الدولة بحسب الحوافز الجديدة في تنفيذ برامج تدريبية لتأهيل العاملين في الصعيد لمواكبة متطلبات سوق العمل أو المهارات التي تحتاجها المصانع في محافظات الصعيد.
وشدد على ضرورة أن يتم مد الأراضي الأراضي بالمرافق المطلوبة من شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات وتوفير شبكات طرق تربط هذه المناطق الصناعية بمنافذ التسويق حتى يتم ترجمة حافز تخصيص الأراضي مجانًا إلى أرض الواقع.
كما لم يخل تخصيص الأراضي مجانًا في الصعيد من عدد من الملاحظات التي تدور حول آلية تنظيم هذه الحوافز.
إذ قال الدكتور فارس سلامة، الشريك بمكتب النيل للاستشارات القانونية الاقتصادية، وأستاذ القانون بجامعة المنوفية، إن الحوافز الممنوحة للمستثمرين بالمناطق المحرومة متعددة للغاية، ما يستلزم وجود إطار شامل يتضمن معايير واضحة لمنح الحوافز حتى لا تخضع للتقديرات الشخصية أو أية مصالح مرتبطة.
وتابع: فعلى سبيل المثال تتيح الحكومة للمستثمرين الحق في الحصول على حوافز تتعلق بالتأمينات وأسعار الطاقة بالنسبة للمصانع كثيفة العمالة، ما يتطلب وضع تصنيف دقيق لهذه المصانع والمشروعات المرشحة للاستفادة من هذه الحوافز.
كما شدد "سلامة" على ضرور ألا يدخل المستثمرون بعد ذلك في أزمة تعدد جهات الولاية المسؤولة عن إصدار موافقات تخصيص الأراضي والنشاط الخاص بها حتى لا تتحول هذه الحوافز إلى حبر على ورق.
ولم تقتصر الحوافز الممنوحة على الأراضي والمرافق والتأمينات بل إنه بات من حق المستثمرين الحصول على التراخيص الصناعية المطلوبة بالإخطار، وذلك للصناعات التي لا تشكل درجة كبيرة من المخاطر على الصحة والبيئة والسلامة والأمن.
وبحسب محمد فريد خميس، رئيس الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، فإن الحكومة تعمل على تقديم حوافز للمستثمرين حتى تتمكن من السيطرة على البطالة التي تصل إلى 13% وفقًا للإحصائيات الرسمية، ولكن هناك مجموعة من النقاط المهمة التي يجب أن تخضع لإعادة النظر إذا أرادات مصر أن تخلق حراكًا جيدًا في القطاع الصناعي.
وأوضح "خميس"، في مؤتمر صحفي مؤخرًا، أن في مقدمة هذه النقاط، ارتفاع تكلفة بيع الأراضي للمستثمرين في المناطق الصناعية التي تقع في المناطق غير النائية أو المحرومة؛ إذ يصل متوسط سعر بيع الأرض يصل إلى 1000 جنيه، أي أن المستثمر الصغير الذي يرغب في إنشاء مصنع على مساحة 1000 متر عليه سداد نحو مليون جنيه، دون حساب التكاليف الأخرى من إنشاءات ومعدات ومواد خام ومرافق.
وبحسب طارق قابيل، وزير التجارة والصناعة المصري، فإن البلاد تستهدف رفع نسبة مساهمة الإنتاج الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 23%- 24% بحلول عام 2020، مقابل نحو 17% حاليًا؛ إذ تستهدف هذه الخطة توفير نحو 3 ملايين فرصة عمل.
ويدعو المستثمرون الحكومة إلى ضرورة تسعير الأراضي في ضوء التوجه العالمي وكذلك الأسواق الناشئة المنافسة في جذب المستثمرين للقطاع الصناعي، فعلى سبيل المثال يبلغ متوسط سعر المتر الصناعي في تركيا 10 دولارات، وينخفض إلى 5 دولارات في الصين.
aXA6IDE4LjExOC4xNDAuNzgg جزيرة ام اند امز