متحف المستقبل شارك في إعادة بناء "قوس النصر" في تدمر والذي دمره تنظيم "داعش" العام الماضي، وكشف عنه الثلاثاء في لندن
قوس النصر التاريخي التدمري، يعود لكن هذه المرة من لندن. قوس النصر الذي دمره مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2015، ظهر مجدداً من لندن لكن بنسخة مطابقة صنعت بتقنية المسح ثلاثي الأبعاد.
والنموذج البالغ طوله 5.5 متر أي ثلثي القوس الأصلي، هو من صنع معهد الآثار الرقمية وهو مؤسسة مشتركة بين جامعتي هارفارد وأوكسفورد ومتحف المستقبل في دبي.
القوس الجديد الذي استخدم فيه رخام إيطالي هو "عمل من أعمال التحدي" بحسب رئيس بلدية لندن بوريس جونسون.
ونُصب نموذج البوابة التاريخية لمعبد تدمر في العاصمة البريطانية لندن في ميدان الطرف الأغر أمام المتحف الوطني البريطاني، بحضور المدير التنفيذي لمتحف المستقبل سيف العليلي وعمدة لندن بوريس جونسون وأعضاء من البرلمان البريطاني وجمع من المتخصصين والمهتمين والسياح، على أن تبقى للعرض لمدة 3 أيام قبل أن تنتقل بعد ذلك إلى مدن أخرى على رأسها دبي ونيويورك.
وتأتي إقامة هذه البوابة ضمن شراكة استراتيجية بين مؤسسة دبي لمتحف المستقبل مع منظمة اليونسكو ومعهد الآثار الرقمية البريطاني، في مشروع مشترك بين جامعتي أكسفورد وهارفرد المرموقتين، وذلك في إطار مشروع عالمي يهدف إلى توثيق تفاصيل المواقع الأثرية في المنطقة بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد ومن ثم إعادة بنائها بالكامل من خلال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لحمايتها والحفاظ عليها من الاندثار في حال تعرضت لمخاطر تهدد وجودها باعتبارها إرثا حضاريا إنسانيا.
ويستخدم المشروع الذي يرعاه متحف المستقبل تقنيات تصوير متقدمة لتصوير ومسح وتخزين مليون صورة من آثار وحضارة المنطقة حفاظا عليها لمستقبل الإنسانية، حيث يتيح لكافة الدول والمنظمات العالمية والمتخصصين إعادة إنتاج المعالم التاريخية للمنطقة بدقة متناهية باستخدام التقنية ثلاثية الأبعاد.
وقال روجيه ميشيل مدير معهد الآثار الرقمية يوم الثلاثاء "في ذروة تألقها كانت تدمر تمثل النموذج المتكامل للتعاون بين الشرق والغرب ويرمز القوس لذلك اليوم مثلما كان وقت وجوده." وأضاف "لا أحد يملك سلطة تتيح له حذف مثل هذه الآثار من سجلاتنا التاريخية."
وقال رئيس بلدية لندن جونسون لدى إزاحة الستار عن النموذج الأثري "هذا قوس نصر ويمكن اعتباره بالكثير من الطرق نصرا للتقنية وللعزيمة.
"نحن هنا في روح التحدي.. التحدي للوحشية التي دمرت (الأثر) الأصلي.. مثلما دمروا آثارا أخرى كثيرة في سوريا والشرق الأوسط."
واعتبرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) تدمر أحد أهم المراكز الثقافية في العالم القديم.
ومن جانبه، قال سيف العليلي المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لمتحف المستقبل إن الشراكة العالمية مع منظمة اليونسكو وجامعتي أكسفورد وهارفرد ومعهد الآثار الرقمية في هذا المشروع الحضاري الإنساني العالمي تأتي لتأكيد ما توليه قيادة دولة الإمارات من أهمية لاستخدام كافة الأدوات التقنية الحديثة وغيرها للحفاظ على إرث المنطقة الحضاري والذي يمثل تراثا إنسانيا مشتركا للجميع.
وأضاف العليلي ان هذه الشراكة تندرج في إطار رسالة المؤسسة الهادفة لبناء علاقات تعاون وشراكة استراتيجية راسخة وطويلة المدى مع المؤسسات العلمية والأكاديمية العالمية العريقة ومراكز الأبحاث المتخصصة في كل المجالات، ومن ضمنها مشاريع الحفاظ على التراث والحضارة الإنسانية على صعيد المنطقة والعالم ما يسهم في تعزيز مكانة الإمارات كوجهة حضارية على الخريطة العالمية.
وتضطلع مؤسسة دبي لمتحف المستقبل بدور محوري في هذا المشروع الحضاري الإنساني الذي يعمل على توثيق المعالم الأثرية في دول المنطقة التي تزخر بشواهد أثرية عظيمة تدل على عراقتها وحضارتها، حيث تم التقاط مليون صورة رقمية بتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد بنهاية العام 2015 وباستخدام آلاف الكاميرات الرقمية المتطورة وبإشراف نخبة من علماء الآثار من جامعتي أوكسفورد وهارفرد وبالتعاون مع اليونسكو.
وعلى الرغم من وجود الكثير من الصور التقليدية للمواقع الأثرية المستهدفة فإن التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد التي ستستخدم في هذه المشاريع تقوم على نشر عدد كبير من الكاميرات ثلاثية الأبعاد لالتقاط صور ذات جودة عالية لكل قطعة أثرية يمكن تحميلها بشكل فوري إلى قاعدة بيانات عبر شبكة الإنترنت ما يسهل إعادة بناء المقتنيات الأثرية وفق شكلها الفعلي وأبعادها الأصلية من خلال توظيف تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وذلك خلال المرحلة الثانية للمشروع.
وعلى جانب آخر، تم الإعلان أيضا اليوم الثلاثاء عن رعاية متحف المستقبل لأول برنامج علمي معترف به عالميا للتراث الرقمي بالتعاون مع أكسفورد وهارفرد وذلك لرفد هذا المجال الجديد بكوادر علمية متخصصة تستطيع العمل على مجموعة من التقنيات الحديثة الخاصة بالحفاظ على التراث الإنساني العالمي رقميا.
ومن جهته، قال المدير التنفيذي لمعهد الآثار الرقمية روجر ميشال "لعل الجانب الأبرز من هذه التكنولوجيا أنه بات بإمكاننا ليس فقط الحفاظ على المعالم والإطلاع عليها بدقة عالية بل طباعتها بتقنية ثلاثية الأبعاد باستخدام الحجارة الرملية والمواد الرخامية وبآلات متطورة، حيث تتمثل مهمتنا في إعادة بناء المعالم التاريخية في الشرق الأوسط التي تعتبر رموزا مهمة لموروثنا الثقافي المشترك الذي تم تدميره".
وأعد معهد التكنولوجيا الرقمية بالتعاون مع مؤسسة دبي لمتحف المستقبل بوابة إلكترونية لجمع صور المواقع الأثرية وخطة للتواصل والتعاون مع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لإطلاق حملة إعلامية شاملة تهدف لجمع كل ما يتوفر من وثائق وصور فوتوغرافية للمواقع الأثرية المهمة خاصة تلك التي تتعرض للتدمير أو يلحق بها أضرار خصوصا أن الكثير من هذه المواقع تضرر خلال السنوات القليلة الماضية بفعل الظروف التي تمر بها المنطقة.
aXA6IDMuMTMzLjE1OS4yMjQg جزيرة ام اند امز