أمازيغ الجزائر يحيون ربيعهم
الآلاف من أمازيغ الجزائر خرجوا في مسيرات لإحياء ذكرى الربيع الأمازيغي مجددين مطالبهم للسلطات بالاعتراف الحقيقي بلغتهم وترقية استعمالها
أحيى سكان منطقة القبائل في الجزائر، ذكرى الربيع الأمازيغي، في مسيرات حاشدة، جمعت الآلات من أنصار الحركة الأمازيغية، رافعين مطالبهم المعتادة في دعوة السلطات إلى "الترسيم الفعلي" للغة الأمازيغية في الجزائر.
شهدت عدة مدن جزائرية تنتمي جغرافيا إلى منطقة القبائل (الأمازيغ) مسيرات اليوم من تنظيم الأحزاب والجمعيات ذات التوجه الأمازيغي، ترددت فيها الشعارات التي اعتاد مناضلو الحركة الأمازيغية والتي تمزج في معظمها بين إظهار التمسك بالهوية ومناهضة السلطة.
وعرفت مدينة تيزي وزو (100 ملم شرقي العاصمة)، كبرى المسيرات باعتبار المدينة معقل الأمازيغية ومنطلق الشرارة الأولى للربيع الأمازيغي الذي انطلق بها يوم 20 أبريل 1980، كما أنها تحتضن إلى جانب مدينة بجاية أكبر عدد من مناضلي الأحزاب ذات البعد الثقافي الأمازيغي.
وعرفت المسيرات أيضًا مشاركة حركة استقلال القبائل، وهم الانفصاليون الأمازيغ الذين يطالون بالاستقلال وعادة ما يستغلون هذه المناسبة للفت الانتباه إليهم، رغم أنهم يعدون أقلية في المنطقة، إذ تشدد كل التيارات الأمازيغية الأخرى على الوحدة الترابية الجزائرية.
ولوحظ في المسيرات حضور لافت لزعيم التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، وهو أحد كبار مناضلي الحركة الأمازيغية في المنطقة، وقد كان يردد هتافات مناهضة للسلطة المركزية ويطالب بالترسيم الفعلي للأمازيغية.
ترسيم الأمازيغية
وكانت الحكومة الجزائرية، قد أقرت رسميًّا في عملية التعديل الدستوري الأخيرة قبل نحو شهرين، الأمازيغية لغة رسمية وطنية تعمل الدولة على ترقيتها، لكن دعاة الأمازيغية رأوا في ذلك ترسيمًا صوريًّا فقط للغتهم بدليل عدم استعمال هذه اللغة في الإدارة وضعف تدريسها.
وخلاف ذلك، يعتبر الباحث في علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي، أن "تحقيق السلطة في الجزائر لمطلب ترسيم اللغة الأمازيغية في التعديل الدستوري الأخير أعطى الإطار القانوني الذي يمكن من خلاله تطوير لأمازيغية".
ويوضح الباحث في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، إلى أن "عملية الترسيم أخرجت هذا المطلب من جانبه السياسي إلى الجانب العلمي الذي يتطلب جهدًا جبارًا لبحث نقل الأمازيغية من لغة شفهية إلى مكتوبة واستدراك التأخر الكبير حتى تصبح هذه اللغة عصرية".
وعلى الرغم من ذلك، يعتقد جابي أن الربيع الأمازيغي عمومًا "شكَّل منعطفًا تاريخيًّا هامًا في التحولات التي شهدتها الجزائر بعد الاستقلال؛ إذ مكنت تلك المظاهرات من كسر حاجز الخوف الذي كان يفرضه نظام الحزب الواحد ومثلت نقطة التقاء الجامعة بمطالب المجتمع، بما ساهم لاحقًا في فتح مجال التعددية السياسية والإعلامية بالبلاد".
نبذة تاريخية
يصادف يوم 20 أفريل من كل سنة ذكرى الربيع الأمازيغي في الجزائر، وهو يوم خرجت فيه مظاهرات سنة 1980 للمطالبة بالاعتراف باللغة الأمازيغية، وقوبلت بقمع السلطات العمومية التي كانت تمنع هذا النوع من النشاطات وقتها، مما أدى إلى سقوط ضحايا، وتحول هذا التاريخ منذ ذلك الوقت إلى مرجع في تاريخ الحركة الأمازيغية.
وقد كانت الشرارة التي أدت إلى تلك المظاهرات، إقدام السلطات الجزائرية على منع محاضرة للكاتب الأمازيغي مولود معمري كان مقررًا أن يلقيها بجامعة تيزي وزو، مما أدى الى احتجاجات تطورت لاحقًا إلى مظاهرات ضد نظام الحزب الواحد، ثم إلى حركة مهيكلة في شكل أحزاب وتنظيمات تتبنى الدفاع عن الهوية الأمازيغية.