زلازل اليابان تهدد بكارثة "تشيرنوبل" جديدة
بعد 30 عاما على كارثة "تشيرنوبل" في الاتحاد السوفيتي سابقا، يحذر خبراء الذرة من مخاطر حدوث كوارث مشابهة، قد تكون الزلازل سببها الرئيسي.
بعد مرور 30 عاما على كارثة "تشيرنوبل" في الاتحاد السوفياتي سابقا، لا يزال خبراء الإشعاع النووي يحذرون من مخاطر حدوث كوارث مشابهة، قد تكون الزلازل سببها الرئيسي، فلا يكاد يمر عام دون أن تسجل مراكز رصد الزلازل، هزات أرضية في اليابان وجوارها، وقد نجا الأرخبيل من كارثة "تشيرنوبل" أخرى، عندما تضرر مفاعل "فوكوشيما" بفعل الزلزال الذي ضرب البلاد في 11 مارس/آذر2011.
وقد أحصت وزارة الصحة اليابانية مقتل 41 شخصا، بفعل الزلزال الأخير الذي ضرب جنوب غرب البلاد في 14 و16 أبريل/نيسان الجاري، لكن خبراء، يقولون إن تعداد القتلى كان يمكن أن يكون أكبر في حال نتجت عن الزلزال موجات مد تسونامي، وضربت محطة "سنداي" النووية، الواقعة على بعد أقل من 100 كيلومتر عن مركز الزلزال، لذلك وبعد خمس سنوات على أزمة "فوكوشيما"، أصبح خبراء الطاقة النووية أكثر حذرا في اختيار مواقع تصميم المفاعلات النووية.
ويقول خوان كارلوس لونتيجو، مسؤول الأمن النووي في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن اليابان لا تزال تعتقد أن محطة "فوكوشيما" قوية بما يكفي، بحيث تبدو فكرة إدخال تحسينات عليها فكرة غير سديدة برأيها، لأن ذلك كان سيعطي -برأيها- انطباعا بوجود ضعف، ويرى أن ذلك كان خطأ يابانيا فادحا".
ولا زالت مستويات الإشعاع تقلق إلى يومنا هيئة الطاقة النووية اليابانية، رغم التطمينات التي تطلقها حكومة طوكيو من حين إلى آخر، لمقاومة الدعوات لإغلاق المفاعل الذي أصيب بتصدعات في زلزال 2011.
يعترف خبراء السلامة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن إجراءات السلامة في أغلب المنشآت النووية حول العالم، قد تطورت على نحو لا تخطئه العين، لكنهم يدقون في المقابل، ناقوس الخطر فيما يتصل ببعض المفاعلات النووية، التي تقدمت في السن وقد لا تصمد أمام الزلازل المدمرة.
يدخل في نطاق هذه المحطات النووية المسنة، 11 مفاعلا من طراز RBMK التي بناها الاتحاد السوفيتي، وهي محطات ذرية من الجيل الثاني أنشئت في وقت مبكر على شاكلة "تشيرنوبل".
وعلى الرغم مما يشاع من أخطاء التصميم الفادحة في هياكلها، لا تزال هذه المفاعلات تولد الكهرباء على نطاق واسع، في الدول المنبثقة عن تفكك كتلة الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي.
يظهر على خارطة الوكالة الدولية للطاقة النووية، نحو 50 مفاعلا ضمن ما يعرف "المفاعلات الحساسة"، إما لأنها مهلهلة أو لوجودها في مناطق معرضة لكوارث طبيعية.
وتدخل ضمن هذه الفئة، المحطة النووية "متسامور" الواقعة على بعد 32 كيلومترا فقط عن يريفان عاصمة أرمينيا، وتعتبر المفاعل الأكثر خطورة في العالم.
وتثير المحطة مخاوف الجارة تركيا لوجودها على بعد 16 كيلومترا فقط عن حدودها، وخشية أنقرة من تسرب إشعاعي محتمل لاعتمادها على تكنولوجيا قديمة جدا، فضلا عن تعرضها لزلزال قوي ضرب المنطقة عام 1988، وأودى بحياة 25 ألف شخص وأدى إلى إغلاق المحطة عام 1989 لكنها عادت للعمل في 1995.
وهنا يطرح الخبراء سؤالا مقلقا: هل يتوجب إغلاق هذه المحطات النووية؟ يرى البعض أن السؤال منطقي وشرعي، فيما لا تقبل بعض الحكومات ومنها روسيا وأرمينيا حتى مجرد طرح الموضوع للنقاش.
وتحصي الوكالة الدولية للطاقة الذرية نحو 440 مفاعلا نوويا يعمل حتى الآن حول العالم، و65 قيد الإنشاء، ومع تنامي التهديدات المحدقة، وتقدم هذه المفاعلات في السن، لا يبدو أن الوضع الاقتصادي الراهن يسمح بتخصيص ميزانيات لتحديثها.
في ظل توجه الدول النامية نحو توليد الكهرباء من الطاقة النووية النظيفة، تزداد مشاريع بناء محطات ذرية، وغالبا ما يكون ذلك على حساب متطلبات السلامة، ووقوع المشاريع الجديدة في نطاق شريط جغرافي معروف بنشاطه الزلزالي.