الشعور بالأرق عند تغيير مكان النوم.. له سبب
دراسة أمريكية حديثة أجريت حول مدى عمق النوم لدى عدد من المتطوعين، مستخدمين تخطيط أمواج الدماغ وعدة تقنيات تصوير أخرى.. ماذا وجدوا؟
هل صادفت هذه التجربة من قبل؟.. أن تصل إلى أحد الفنادق بعد رحلة طويلة ومجهدة، وتتمنى أن تبدأ عطلة رائعة تنسى فيها كل هموم العمل بعد أخذ قسط وافر من الراحة.. ثم تتبدد كل تلك الآمال، لشعورك بالأرق وعدم قدرتك على النوم بعمق في أول ليلة تغير فيها مكان نومك المعتاد.
يبدو أن دراسة جديدة أوضحت أخيرًا السبب وراء الأرق الذي يصيب الإنسان في أول أيام غربته، وهو أن نصف المخ يبقى في حالة تيقظ لا إراديًا، ويأخذ وضعًا يشبه "الحراسة الليلية"، خشية أن يكون المكان الجديد غير آمن.
ومنذ فترة طويلة تم الاعتراف بما يسمى "تأثير الليلة الأولى" كظاهرة من قبل الباحثين في عادات النوم دون التوصل لأسبابها، لكن باحثين، تحت إشراف الباحثة يوكا ساساكي من جامعة براون الأمريكية العريقة، أوضحوا في دراسة جديدة نُشرت نتائجها الخميس، في العدد الأخير من مجلة "كارانت بايولوجي" للدراسات الحيوية، أن الشطر الأيسر من مخ الإنسان يظل في وضع يشبه وضع الانتباه عن تغيير مكان النوم، ما يجعله أكثر يقظة من النصف الأيمن.
وقالت ساساكي موضحة ذلك: "نعلم أن الحيوانات البحرية وبعض الطيور تنام بنصف مخها وتظل متيقظة بالنصف الآخر". ورغم أن مخ الإنسان لا يعمل بشكل غير متماثل مثل بعض الحيوانات البحرية، إلا أن أمخاخنا لديها على ما يبدو نظام مصغر من النظام الذي تمتلكه الحيتان والدلافين حسبما أوضحت أستاذة علم اللغويات المعرفية وعلم النفس.
وأجرى الفريق البحثي دراسته حول مدى عمق النوم لدى 35 متطوعًا، أثناء نومهم في أول وثامن ليلة في معمل لأبحاث النوم، مستخدمين في ذلك تخطيط أمواج الدماغ وعدة تقنيات تصوير أخرى.
ولاحظ الباحثون أن المشاركين في البحث أبدوا صعوبة في النوم بعمق في الليلة الأولى من تغيير أماكن نومهم، فيما أظهرت الأشعة أن الفص الأيسر من المخ قلل الإحساس بعمق النوم لبقائه في وضع الانتباه.
وتبين للباحثين أنه كان من السهل كثيرًا لفت انتباه أجزاء الجهة اليسرى من الدماغ لدى المتطوعين في وقت يكون فيه هذا الجزء من الدماغ عادة مستغرقًا في نوم عميق.
ويوجد في هذا الشطر الأيسر من الدماغ ما يعرف بـ"شبكة الوضع الافتراضي" التي تكون نشطة في حالة اليقظة عندما يكون الإنسان بلا نشاط، وتعمل على أن يكون مخ الإنسان نشطًا بباطنه نوعًا ما وهي المسؤولة عن توجيه أحلام اليقظة وسلاسل التفكير.
وأوصت ساساكي المسافرين بأخذ وسادتهم معهم أثناء السفر لتجنب أرق أول ليلة في المكان الغريب أو على الأقل تخفيفه أو حجز فنادق متشابهة في كل سفر. وأوضحت أن هناك مسافرين قادرين على التغلب على حالة اليقظة "فدماغ الإنسان تتميز بمرونة شديدة"، بحسب ساساكي.
ويبدو أن الدراسة الجديدة قد تساعد على اكتشاف علاج لمشكلة الأرق؛ إذ نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن ساساكي قولها: إن الباحثين بجامعة براون يجرون الآن تجارب على تقنية بعينها لوقف عمل الجزء اليقظ من المخ أثناء النوم ومعرفة ما إذا كان ذلك سيحسن النوم.